الانتخابات بين الصراع على الآليات وعدم الثقة في المخرجات

18
اختتام الجولة الصباحية لملتقى الحوار السياسي بجنيف

بقلم : ناصف الفرجاني

افريقيا برسليبياما عرف في حوار جنيف بلجنة 75 هي هيئة غير منتخبة من قبل الشعب بل تم اختيارها من قبل بعثة الأمم المتحدة بمعايير خاصة و إن كان تشكيل اللجنة يعكس في جوانبة خيارات سياسية لها توجهات ولها وجود على الأرض من خلال مجموعات مسلحة لها مسميات وقيادات معروفة إعلاميا وحتى على مستوى دولي، وبعضهم أعضاء في أجسام سياسية مثل البرلمان ومجلس الدولة وبعضهم يمثل القيادة العامة للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، وبعضم يمثل مدن تملك رصيد من المجموعات المسلحة وتشكيلاتها والبعض الآخر بشكل محدود يمثل النظام السابق الى جانب بعض شخصيات إجتماعية تمثل ثقل قبلي مثل بني وليد.

وأخذت البعثة في اختيارها تمثيل الأقاليم التاريخية (برقة، طرابلس، فزان) منحت اللجنة صلاحيات اتخاذ القرار فيما يخص وضع خارطة الطريق واختيار السلطة التنفيذية المؤقتة وصياغة صلاحيتها. واعداد الصيغة القانونية والتشريعية لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية وعرفت لاحقا بالقاعدة الدستورية.

خارطة الطريق هي مجموعة بنود تم صياغتها في إطار توافقي تمثل في مجملها حل متكامل سياسي وأمني و إقتصادي للخروج من المرحلة الانتقالية الى مرحلة دائمة بتنفيذ استحقاق 24 ديسمبر 2021 وتعتبر الأمم المتحدة هي الضامن الوحيد لتطبيق الخارطة.

تحولت اللجنة لاحقا الى لجنة استشارية للبعثة الاستعانة بها في متابعة تطبيق بنود الخارطة، وقابلت هذة الخطوة باحتحاج البرلمان ومجلس الدولة باعتبارها لم تكن هيئة منتخبة، الا أن ارادة البعثة كانت أقوى في اعتمادها.

وبعد تعثر البرلمان في الاتفاق على انجاز القاعدة الدستورية، لإجراء الانتخابات تم إحالة المهمة الى اللجنة الاستشارية وبدأت جلساتها اعتبار من يوم 21 يونيو 2021 الا أن الخلافات والمخاوف وانعدام الثقة بين الاطراف أفشلت كل محاولات الوصول الى صيغة توافقية للحل، وتخفيفا للخلافات وتسهيلا للمهمة تم اختيار لجنة مصغرة سميت بلجنة التوافقات منتخبة من قبل لجنة 75 تتكون من 12 عضوا.

اثيرت كثير من الاتهامات حول نزاهة الاختيار وتأثير المال السياسي على آلية الاختيار ويعتبر الهاجس الأكبر لبعض القوى السياسية في طرابلس الذي يمثل طرف رئيسي في المعادلة، هو إمكانية عودة العسكريين للمشهد بطريقة أو بأخري.

من ناحية أخرى رغبة بعض الأطراف ببقاء الوضع على ماهو عليه واطالة أمد الأزمة وسط مخاوف من تراجع حظوظهم في الشارع، والصراع بين طرابلس وبنغازي بينهما يمثل جوهر الصراع في ليبيا وهي تمثل الأطراف التي تملك تحقيق الاستقرار ونجاح اي سلطة أو العكس خاصة أن خليفة حفتر يسيطر على إقليم برقة مصدر جزء كبير من الثروات وكل موانئ تصدير النفط وكذلك على اقليم فزان منبع النفط والمياه ومنها النهر الصناعي.

المتابع للمشهد الليبي يلاحظ وجود كتلتين كتلة تطالب بانتخابات مباشرة من الشعب ومركزها الشرق وكتلة تطالب بانتخابات غير مباشرة والتصويت على مسودة الدستور الدائم قبل الانتخابات. انعدام الثقة ورغبة بعض الأطراف الهروب من استحقاق انتخابي غير مضمون النتائج دفع 21 عضو لتقديم مقترح يطالب بتأجيل الانتخابات والاكتفاء بإجراء انتخابات برلمانية فقط. ودفع البعض الآخر بتقديم مقترحات جديدة وإدخالها خارطة الطريق الامر الذي يعتبر تخريب وإسقاط الخارطة لان شرط التوافق عليها دون التنصل من أي بند أو تطبيق بند الأموال والتخلي عن جوهر الخلاف وأساس التوافق ومنها وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسة العسكرية. الامر الذي اعتبره الطرف الآخر تخريب الخارطة وخلق حالة من الاستياء وعدم الثقة في جدية البعثة وحيادها. وبذلك وصلت لجنة 75 الى طريق مسدود في انجاز قاعدة دستورية. وبذلك أصبح المشهد مفتوح على كل الاحتمالات ومنها عودة الصراع العسكري غير المرغوب فيه من اغلب أفراد الشعب وكذلك الأطراف الإقليمية.

ولم تبقى الا فرصة استثنائية أخيرة أمام البرلمان لصياغة قاعدة دستورية واذا أخذنا في الاعتبار فشل اختيار شاغلوا المناصب السيادية والخلافات الحادة بين رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة حول اختيار وزير الدفاع وحرص عبد الحميد الدبيبة على الاحتفاظ بالحقيبة ومن ثم الميزانية واختيار رئيس الاركان ومخاطبة لجنة 5+5 للبرلمان بعدم اعتماد مخصصات الدفاع قبل اختيار الوزير، وعدم وجود جدية لدى المجتمع الدولي لاجبار المرتزقة والقوات الأجنبية على الخروج وتصريح اردوغان منذ أيام بعدم الخروج من ليبيا خاصة أن الخارطة تستدعي عدم التنفيذ الجزئي بل تعتبر حلا شاملا، وعدم جدية البعثة وهي الضامن الوحيد للتنفيذ ، كل هذه المعطيات قد تعجل بانهيار الحل السياسي والعودة لمربع الحرب.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here