سقوط نظام الأسد وتداعياته على ليبيا وشمال أفريقيا

40
سقوط نظام الأسد وتداعياته على ليبيا وشمال أفريقيا
سقوط نظام الأسد وتداعياته على ليبيا وشمال أفريقيا

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. منذ بداية الحرب في سوريا، شهدت المنطقة العربية تحولات كبيرة، كان آخر وأبرز أحداثها سقوط نظام بشار الأسد.

هذه التطورات بدأت تترك آثارها في مختلف دول المنطقة، لاسيما في ليبيا والتي قد تتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بالتحولات السورية.

جاء هذا السقوط في وقت لازالت فيه ليبيا تمر بتجربة مشابهة من عدم الاستقرار، ما جعل المواقف من هذا الحدث تتباين، خصوصاً في ظل التحولات السياسية والتجاذبات الإقليمية والدولية المتواصلة.

آراء متباينة

وما بين الفرح والخوف والتحذير بين كل الأوساط الشعبية، انقسمت صور التأييد وجاءت متضاربة أحياناً داخل الفصيل الواحد، فالبلد العربي والأفريقي الذي يعاني من ويلات الإنقسام السياسي اليوم وعدم الاستقرار الامني، وخوضه تجربة أشبه بالتجربة السورية، كانت آراءه متباينة حول ما حدث ويحدث في سوريا.

وخلال متابعة بعض التصريحات للعديد من الأطراف والتي تمثل وجهات نظر شريحة واسعة في المجتمع الليبي كان أبرزها.

الشيخ علي مصباح أبو سبيحة، رئيس “المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان” الليبية، عبر عن مخاوفه من أن تكون سوريا في وضع أسوأ من ليبيا، مشيرًا إلى تعقيدات الاختلافات العرقية والمذهبية التي قد تضعف الاستقرار في سوريا بعد سقوط الأسد.

نجل معمر القذافي، الساعدي القذافي، أبدى دعمه لسقوط الأسد عبر حسابه على منصة “إكس”، معتبرًا أن “سوريا عادت إلى أهلها”. وقد أثار موقفه هذا بعض الاستغراب بسبب التشابه بين الظروف التي مرت بها أسرة الأسد وأسرة القذافي.

الداعية علي الصلابي هنأ الشعب السوري بانتصارهم على نظام الأسد، معتبرًا أن “أحرار سوريا يدخلون دمشق ويعلنون النصر”، في إشارة إلى أن هذا التغيير يمثل نصرًا تاريخيًا للجماعات السورية المسلحة.

نوري أبو سهمين، رئيس “المؤتمر الوطني” المنتهية ولايته في ليبيا، رحب بسقوط بشار الأسد وقال: “اليوم تسطّر سوريا الحرة أولى صفحات المستقبل المشرق، حيث سقطت رموز الظلم والطغيان”، معبرًا عن دعمه لهذا التحول، وأكد أن “الحرية تستحق كل التضحيات.

مصطفى الفيتوري، الأكاديمي الليبي، ذهب إلى أن سوريا الآن “في مهب الريح”، معبرًا عن قلقه من أن البدائل التي ظهرت بعد سقوط الأسد قد لا تكون أفضل حالًا.

حكومة الوفاق في طرابلس، حتى وإن كانت قد نأت بنفسها عن التصريحات الرسمية حول الوضع السوري بعد سقوط الأسد ولكن تجد نفسها دائما في نفس الإتجاه مع الحليف التركي.

أما السلطات في المنطقة الشرقية، فقد اتخذت موقفًا أكثر تحفظًا، حيث تجنبت التصريح بشكل علني عن موقفها من سقوط نظام الأسد. ومع ذلك، هناك بعض الأوساط في المنطقة الشرقية، مثل القيادة العامة لقوات خليفة حفتر، تجنبت التصريح العلني حول التحولات السورية، في حين أن هناك تخوفًا من التأثيرات السلبية على تحالفاتها الإقليمية، خاصة مع روسيا.

آراء المحلليين

أحمد مظهر سعدو، المحلل السياسي، عبر عن رأيه بأن انهيار النظام السوري لن يكون له تأثير كبير على التحالفات الاستراتيجية في شمال أفريقيا وهنا نتحدث على ليبيا، مشيرًا إلى أن الوضع الليبي يختلف عن الوضع السوري، خاصة من حيث التحالفات التي كان يعتمد عليها نظام الأسد.

عبدالله الديباني المحلل السياسي، أشار إلى أن سقوط الأسد جاء نتيجة لتخلي حلفائه عنه، خاصة بعد رفضه للضغوط الروسية والتركية. واعتبر أن روسيا، بعد فشلها في التأثير على النظام السوري، اختارت التخلي عنه، مما ساهم في تعزيز دور المعارضة ودخولها دمشق. كما أكد أن هناك تداعيات من هذا السقوط على العلاقات بين روسيا وبعض الأطراف الليبية، خاصة في المنطقة الشرقية.

التداعيات الأمنية على شمال أفريقيا

عبدالله الديباني أشار إلى أن هناك قلقًا من تأثير تزايد عدم الاستقرار في سوريا على شمال أفريقيا. على وجه الخصوص، حذر من أن الجماعات المتطرفة التي قد تجد ملاذًا في مناطق غير مستقرة قد تسهم في تهديد الأمن في المنطقة.

كما أشار إلى أن تسرب الجماعات المتشددة إلى المنطقة الغربية الليبية لانها منطقة رخوة أمنيا وهذا يشكل خطرًا أمنيًا كبيرًا، حيث يمكن أن تعزز الجماعات الإرهابية وجودها في ظل غياب الاستقرار الأمني في المنطقة.

وفي السياق نفسه أكد مظهر أن أي زيادة في أمد عدم الاستقرار في سوريا تكون نتيجتها العلاقات الوجودية لجماعات ارهابية وتكون لها تأثيرات بدون شك على شمال أفريقيا والمنطقة.

تأثير إطلاق سراح الجماعات المتشددة

من بين أبرز التداعيات المباشرة التي يواجهها الأمن في ليبيا والمنطقة المغاربية هو إطلاق سراح المعتقلين من السجون السورية الذين كانوا متهمين بالانتماء إلى جماعات متشددة، مثل تنظيم “داعش” و”القاعدة”. العديد من هؤلاء المعتقلين كان لهم وجود في السجون السورية، سواء كانوا من السوريين أو من جنسيات أخرى، بما في ذلك عناصر ليبية. هؤلاء المعتقلون، الذين كانوا يقبعون في السجون تحت سيطرة نظام الأسد، تم إطلاق سراحهم في ظل الفوضى التي أعقبت انهيار النظام.

الجماعات الإرهابية التي تم إطلاق سراح عناصرها قد تكون أحد أكبر التهديدات الأمنية التي تواجه المنطقة، بما أن هؤلاء المعتقلين يحملون أفكارًا متطرفة وقد يساهمون في تعزيز الأنشطة الإرهابية في ليبيا ودول المغرب العربي. بعض هؤلاء المتطرفين قد يكون لهم ارتباطات مع جماعات إرهابية في المنطقة، مما يشكل تهديدًا متزايدًا للأمن الإقليمي. ومن بين هؤلاء المفرج عنهم، هناك عناصر ليبية كانت متورطة في أعمال إرهابية، وتتهم بالانتماء إلى تنظيمات مثل “القاعدة” و”داعش”.

التأثير الأمني في ليبيا، التي تعد ساحة صراع متشابكة بين الجماعات المسلحة المختلفة، قد يتفاقم بشكل كبير نتيجة لعودة هؤلاء المقاتلين. مع الوضع الأمني الهش في غرب ليبيا، قد يجد هؤلاء المتطرفون ملاذًا آمنًا للانتشار وزيادة الأنشطة المسلحة. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الهجمات والتفجيرات التي تهدد استقرار ليبيا وسلامتها الإقليمية.

التهديدات الأمنية في المنطقة المغاربية قد تشمل أيضًا تسلل هذه العناصر إلى الجزائر وتونس، حيث يشهد الأمن في هذه البلدان تزايدًا في التهديدات من الجماعات الإرهابية.

ومن المتوقع أن تتعاون هذه الجماعات مع خلايا إرهابية محلية لزيادة مستوى الفوضى في المنطقة.

التداعيات على العلاقات مع روسيا

هناك تحفظات لدى الأطراف الموالية للشرق الليبي من الاعتماد على روسيا بشكل أكبر بعد تخليها عن نظام الأسد ربما لصالح مصالحها في أوكرانيا. ورغم أن روسيا تعد من القوى المهمة في المنطقة الشرقية، فإن أحمد مظهر سعدو يشير إلى أن روسيا دائمًا ما تسعى وراء مصالحها، وقد تكون مستعدة للتخلي عن حلفائها في أي وقت لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية. هذا يفتح المجال لتحولات في العلاقة بين ليبيا وروسيا.

إن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يحمل في طياته تداعيات كبيرة على المنطقة العربية، ولا سيما على شمال أفريقيا. تعددت المواقف من هذا السقوط بين التأييد والحذر والأسف، لكنها جميعًا تشير إلى الأثر العميق الذي سيتركه هذا التغيير على الواقع السياسي والأمني في المنطقة.

من الواضح أن الأحداث في سوريا لن تبقى بمعزل عن التطورات في ليبيا والدول المجاورة، وستشكل درسًا للجميع في كيفية التعامل مع التحولات السياسية التي قد تؤثر على استقرار المنطقة بأكملها.

كما أن الأمن الإقليمي سيكون مهددًا بشكل أكبر نتيجة لخروج المقاتلين المتشددين من السجون السورية، وأيضا التحركات الإسرائيلية الاخيرة على حساب الاراضي السورية من أجل فرض واقع جيوسياسي جديد مما يستدعي تضافر الجهود بين الدول المعنية لمواجهة هذا الخطر المشترك.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here