بقلم : ناصف الفرجاني
أفريقيا برس – ليبيا. بقدر ماتظهر مؤشرات تنبئ ببداية خطوات جدية نحو الوصول الى انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر 2021 والوصول الى الوضع الدائم والى حالة استقرار سياسي يحقق استقرار أمني واقتصادي واستعادة مقومات الدولة، بقدر ماتظهر مؤشرات أخرى تنبئ بإمكانية فشل الوصول الى انتخابات في ديسمبر القادم، وانفتاح المشهد على كافة الاحتمالات.
ورغم أن الظاهر في كل الحوارات السابقة هو توافق ليبي-ليبي على حلول سياسية الا أن الواقع العملي يثبت في كل مرة انه لا وجود لتوافق ليبي لا في الصخيرات ولا في جنيف و إنما هو تقارب في مواقف وحسابات أطراف دولية يترجم على الأرض بواجهات ليبية ، وغياب كامل للأطراف الأساسية في الأزمة وهي التي تملك السلاح في الشرق والغرب. وخير دليل على ذلك عجز وفشل السلطة بمجرد وصولها الى طرابلس والبدء في مهامها، حيث تصطدم بواقع حملة السلاح الذين يتحكمون في القرار السياسي والأمني خدمة لأطراف خارجية بدوافع أيديولوجية أو مكاسب مالية وهيمنة على مزايا.
وقد تعرض مقر المجلس الرئاسي في طرابلس الى الاقتحام أكثر من مرة من قبل مجموعات مسلحة. وتعرض مقر الخارجية في طرابلس لهجوم وحرق بعض مكاتبه من قبل مسلحون يسعون للحصول على مهام دبلوماسية. وعدم تحرك البعثة ضد هذة الإختراقات وعدم القيام بأي خطوات جدية تلزم المعرقلين بتنفيذ بنود الإتفاق خاصة أنها هي الضامن الوحيد للتنفيذ بنود الإتفاق.
و أمام فشل أهم استحقاق نص علية اتفاق برلين وجنيف ووثيقة القاهرة وهو خروج كل القوات الأجنبية وذلك من خلال رفض هذة الأطراف المغادرة بل استمرار تدفق شحنات جوية تركية من الأسلحة الى قاعدة الوطية غرب طرابلس، وبقاء قوات فاغنر الروسية في مواقعها وآلاف المسلحين من تشاديين وسودانيين في الشرق بقيت مسألة خروج هذه القوات لا تتجاوز التصريحات الدبلوماسية والإعلامية.
وفشل الحكومة الوطنية والمجلس الرئاسي في تسمية وزير دفاع توافقي، وكذلك رئيس أركان جديد حسب الإتفاق وممارسة تركيا لضغوطات على رئيس الحكومة لإبقاء اللواء محمد الحداد المكلف من قبل السراج في منصب رئيس الأركان، في مخالفة صريحة لبنود اتفاق جنيف وعدم اعتراف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بالجيش الوطني وقائده المشير خليفة حفتر وتصريح الدبيبة بأنة يتعرض لضغوط من دول بعدم زيارة مدينة بنغازي ومنطقة الرحمة معقل المشير حفتر.
كما أن فشل تطبيق أي بند من بنود المسار العسكري في اتفاق جنيف خاصة ما يتعلق بلجنة 5+5 أو اللجنة العسكرية المشتركة حسب تسمية الأمم المتحدة، وتعثر خطوات توحيد المؤسسة العسكرية ودمج المسلحين وفتح وتأمين الطريق الساحلي، وقيام رئيس الأركان اللواء محمد الحداد بزيارة موسكو و التباحث مع وزير الخارجية والدفاع في مسائل تخص التعاون العسكري و إحياء اتفاقيات عسكرية ترجع لحقبة معمر القذافي. ووصول رئيس الأركان الجزائري التي ترفض وجود سيطرة قوات المشير حفتر على المنافذ الليبية على حدود الجزائر وعودة حديث بعض الأطراف الجزائرية عن ترسيم حدود منطقة غنية بالغاز بين البلدين. كل هذا التراخي لدى المجتمع الدولي في التنفيذ الصارم لاتفاق جنيف والرهان على استثمار الخلافات الأمريكية الروسية من قبل أطراف الصراع، يعكس بوضوح أن الأزمة الليبية لم تعد محكومة بإرادة وطنية محلية ولم تعد محكومة بتوافق الأطراف الليبية بل محكومة بلعبة الأمم وحسابات النفوذ ومصالح الأطراف الدولية، التي لازالت غير جادة في إيجاد حل بقدر ما تعمل على ادارتها وتحت مظلة دولية.