بقلم : إدريس إحميد
أفريقيا برس – ليبيا. تجرى الاستعدادات لانعقاد مؤتمر برلين 2 بتاريخ 23 يونيو 2021 ، بعد عامين من مؤتمر برلين 1 والذي اسهم في انهاء القتال وعمل على جمع طرفي الصراع بما يعرف لجنة “5+5 ” العسكرية ، والتي عقدت اجتماعات في مدينة سرت بشكل منتظم وان لم ينجز توحيد المؤسسة العسكرية ، على الرغم من تعهدات الحكومة والمجلس الرئاسي والمطالبات الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا ، واستمرت الاتهامات المتبادلة بين طرفي الصراع بالتسلح والتحرك العسكري ، وكذلك الحملات الاعلامية والتي ألقت بتداعياتها على التزام الحكومة في الوفاء بتعهداتها بتوحيد المؤسسة العسكرية واجراء الانتخابات ، وقد أعلن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة الاحد عن فتح الطريق الساحلي، بعدما قاد جرافة لإزالة حاجز ترابي في قرية “بويرات الحسون ” 370 كلم شرق العاصمة طرابلس، وأعلن عن نهاية معاناة الليبيين على الفور أعلنت اللجنة العسكرية 5+5 على لسان اللواء خيري التميمي أن الأمر يحتاج لوضع الترتيبات الامنية اللازمة مما يعني بقاء الوضع على ماكان عليه.
مؤتمر برلين 2
وجاءت هذه التطورات عشية انعقاد مؤتمر برلين في نسخته الثانية وقد نُشرت بشكل غير رسمي نسخة عن مسودة البيان الختامي للمؤتمر تضمنت عدة نقاط :
أكدت النقطة الأولى أن “مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا هو بدعوة من وزير الخارجية الألماني هايكو ماس والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، جمع كبار ممثلي حكومات الجزائر والصين، جمهورية الكونغو الديمقراطية (التي تترأس لجنة الاتحاد الأفريقي المخصصة لليبيا)، مصر، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، ليبيا، المغرب، هولندا، روسيا، سويسرا، تونس، تركيا، الإمارات العربية المتحدة، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية”.
كما كشفت النقطة الرابعة عن منح ليبيا “عضوية كاملة” مقارنة بالمؤتمر السابق.
أما النقطة الخامسة فستؤكد على الاعتراف بالتقدم المحرز منذ المؤتمر الأول في 19 يناير 2020 (توقف الأعمال العدائية؛ استمرار وقف إطلاق النار؛ ورفع الحصار النفطي؛ تشكيل حكومة مؤقتة ومنحها الثقة من قبل مجلس النواب).
ستدعو النقطة الثالثة عشر “جميع الأطراف بأن تشجع على بذل المزيد من الجهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد 24 ديسمبر 2021، والسماح بانسحاب متبادل ومتناسق ومتوازن ومتسلسل للقوات الأجنبية، بداية من المرتزقة الأجانب، من ليبيا، وكذلك تطبيق واحترام عقوبات الأمم المتحدة، بواسطة اجراءات وطنية أيضا، ضد من ينتهك حظر الأسلحة أو وقف إطلاق النار”.
كما تدعو المسودة في النقطة السادسة عشر، وإن كان بطريقة موجزة، إلى “دعم ليبيا في جهودها لحماية حدودها الجنوبية وفرض السيطرة على عبور الجماعات المسلحة والأسلحة عبر الحدود “.
كما سينص البيان الختامي أيضًا على “أهمية إنشاء قوات أمن ودفاع ليبية موحدة تحت سلطة مدنية موحدة بدورها (النقطة 18) ونصت النقطة التالية على “التسريع في تفكيك الجماعات المسلحة والمليشيات ونزع سلاحها، وإدماج بعض الأفراد المؤهلين في مؤسسات الدولة”.
وأكدت النقطة العشرين على “ضرورة مكافحة الإرهاب في ليبيا وفقًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي” ، ودعت “جميع الأطراف إلى النأي ووقف أي دعم للجماعات والأفراد المصنفة إرهابية من قبل الأمم المتحدة “.
وطالبت أيضا جميع الجهات الفاعلة على وقف “تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد المرتزقة” (النقطة 22) مع الاشارة إلى الالتزام “بتعزيز آليات رصد حظر توريد الأسلحة من قبل الأمم المتحدة والسلطات الوطنية والأطراف الدولية المختصة”.
على الصعيد السياسي، دعت مسودة البيان الختامي “مجلس الرئاسة المؤقت وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة باتخاذ مزيد من الخطوات نحو توحيد البلاد” (النقطة 26) وحثت أيضا “جميع الجهات الفاعلة على استعادة واحترام وحدة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وغيرها من مؤسسات البلاد”.
وعلى وجه الخصوص، طالبت السلطات الليبية “في مقدمتها مجلس النواب بإجراء الاستعدادات اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية حرة ونزيهة وشاملة في 24 ديسمبر 2021، خاصة تحديد القاعدة الدستورية للانتخابات وسن التشريعات انتخابية”. (النقطة 28)
كما سيدعو البيان الختامي ملتقى الحوار السياسي الليبي إلى “اتخاذ تدابير إذا لزم الأمر، من شأنها أن تسهل الانتخابات في إطار متطلبات خارطة الطريق السياسية”. (النقطة 29)
وفي النقطة 31، سيشجع المؤتمر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية على “إرسال مراقبين للانتخابات بالتنسيق مع السلطات الليبية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا”.
سيشدد البيان الختامي أيضا على ضرورة” اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي ضد المعرقلين للعملية السياسية من خلال فرض عقوبات”.
فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والمالية، سيتعين على حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة “تحسين توفير الخدمات الأساسية للشعب الليبي، وكذلك توفير الماء والكهرباء، والخدمات الطبية والتعليمية، ومحاربة الفساد، وإنعاش الاقتصاد الوطني والالتزام بإعادة إعمار البلاد”.(النقطة 35)
وبحسب مسودة البيان، سيبدي المشاركون في المؤتمر “استعدادهم لدعم جهود إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي” (النقطة 37) والمطالبة بـ “توزيع شفاف ومسؤول وعادل للثروة وعائدات البلاد بين المناطق الجغرافية الليبية المختلفة من خلال اللامركزية ودعم البلديات “.
فيما يتعلق باحترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، طالبت مسودة الوثيقة الختامية “حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة وجميع الأطراف في ليبيا على الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، وحماية المدنيين والمؤسسات المدنية، والنازحين، المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والسجناء “. (النقطة 43)
وطالبت أيضا “بإعادة النظر في ملفات المحتجزين والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين بشكل غير قانوني أو تعسفي”. (النقطة 44)
وفي إطار نفس ملف المهاجرين، سيدعو البيان الختامي السلطات الليبية “إلى إغلاق مراكز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء، والحرص على توافق تشريعات الهجرة واللجوء مع القانون الدولي والمعايير والمبادئ المعترف بها دوليًا”. (النقطة 45)
كما تتعهد المسودة “بدعم ليبيا في تطوير نهج شامل لإدارة الهجرة ومجابهة تحركات اللاجئين من وإلى ليبيا بالارتكاز على مبادئ القانون الدولي”.
أكدت المسودة أيضا على “ضرورة محاسبة كل من انتهك أحكام القانون الدولي” مع تقديم “الدعم للمؤسسات الليبية في توثيق انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان” (النقطة 46) وإجراء “مسار عدالة انتقالية ومصالحة وطنية شامل وقائم على الحقوق”.(النقطة 48)
أخيرًا، يُذكر في النقطة 51 أن “البيان الختامي لمؤتمر برلين الثاني بشأن ليبيا سيُعرض على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
فرص نجاح مقررات برلين 2 :
حدثت تطورات دولية نتوقع اعطاء دفعة قوية لمؤتمر برلين 2 ، ليخرج بقرارات حاسمة والمتمثلة في لقاء الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، بعد التوتر الذي شهدته العلاقات بين البلدين في الملف الليبي ودعم فرنسا لأرمينيا في حربها مع اذربيجان حليف تركيا ،الحملات الاعلامية بين الرئيسين ، وخرج اللقاء بمبادرة فرنسية لإخراج المرتزقة والقوات الاجنبية ، والتي نعتقد بصعوبة تنفيذها بمجرد هذا اللقاء الاول حيث تؤيد فرنسا الجيش الليبي ، وفي ظل اتهامات الطرف الليبي الذي تدعمه تركيا لفرنسا بدعم الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ، فهل تنجح فرنسا في هذا المسعى وتحصل على تأييد أمريكا وهي التي حصلت على الضوء الاخضر لقيادة تدخل الناتو في ليبيا سنة 2011؟
وتبذل وزيرة الخارجية الليبية “نجلاء المنقوش ” التي أبدت جرأه في الاصرار على اخراج المرتزقة من ليبيا وقد بذلت مجهودات كبيرة من أجل الحصول على تأييد الدول التي زارتها ، وهذا ما يؤكد على الموقف الليبي الرسمي، معطى آخر جاء مع اعلان بعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا عزمها عقد اجتماع مباشر لأعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في سويسرا في الفترة من 28 يونيو إلي الاول من يوليو 2021 ، لوضع مقترحات للقاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021 ، وسوف يسبق ذلك اجتماع للجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار في الفترة من الرابع والعشرين إلي السادس والعشرين من يونيو في تونس، من أجل التحضير لمساعدة مناقشات الجلسة العامة لملتقى الحوار السياسي.
هذه المعطيات سوف تساعد مؤتمر برلين 2 في الخروج بقرارات ملزمة للأطراف الليبية ، لإنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر ويعتمد ذلك على ارادة الجهات الراعية للملف الليبي، وان كان البعض يشكك في تطبيق النتائج التي سوف تصدر عن هذا المؤتمر.