محمود إسماعيل: الانقسام في ليبيا وضعف سيطرة الحكومة على الحدود يعرقلان الاتفاقات الأمنية مع دول الجوار

24
محمود إسماعيل: الانقسام في ليبيا وضعف سيطرة الحكومة على الحدود يعرقلان الاتفاقات الأمنية مع دول الجوار
محمود إسماعيل: الانقسام في ليبيا وضعف سيطرة الحكومة على الحدود يعرقلان الاتفاقات الأمنية مع دول الجوار

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. في حوار خاص مع “أفريقيا برس”، تحدث محمود إسماعيل الرملي، الباحث المختص بالشؤون السياسية والإستراتيجية، عن المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا الذي عقد في طرابلس، بحضور وفود رسمية من تونس، الجزائر، السودان، تشاد، والنيجر.

وأكد الرملي أن هذا المؤتمر يمثل خطوة هامة نحو تعزيز التعاون الأمني بين هذه الدول، لكنه أشار إلى أنه من المبكر الجزم بتحقيق تحول حقيقي في التنسيق الأمني، مشددًا على أهمية استمرار الجهود وبناء آليات فعّالة للتنسيق وتبادل المعلومات.

كما تطرق إلى التحديات التي تواجه حكومة الوحدة الوطنية في ملف الحدود، مبرزًا أن الانقسام الداخلي في ليبيا وعدم السيطرة الكاملة على الحدود يشكلان عقبة كبيرة أمام أي اتفاقات أمنية مع دول الجوار. وأضاف أن تنفيذ القرارات الأمنية يتطلب توافقًا سياسيًا واستقرارًا داخليًا في الدول المعنية، مع ضرورة دعم دول الإقليم والدول الكبرى لهذا التنسيق.

كيف تقرأ تأثير انعقاد هذا المؤتمر على تعزيز التعاون الاستخباراتي بين دول جوار ليبيا في ظل التحديات الأمنية الحالية؟

التأثير من الناحية العملية المباشرة لن يكون هناك تأثير مباشر في ظل الرمال المتحركة بالمنطقة. أعتقد بأنه قول سابق لأوانه أن نقول هناك تأثير بالإيجاب، لكن من الجيد أن يكون هناك مؤتمر يُرسم فيه خطة وآلية واضحة بين كل الدول المعنية، وخاصة في الشق العسكري. يطرح خلاله التحديات الأمنية التي تعصف بالمنطقة، والعمل من خلال تفاهمات وتعاون لمواجهة هذه التحديات.

هل ترى أن هذا المؤتمر يمثل بداية لتحول حقيقي في التنسيق الأمني بين الدول المجاورة، أم أنه مجرد خطوة أولى؟

المؤتمر الذي عقد بالفعل خطوة هامة نحو تعزيز التنسيق الأمني بين هذه الدول، لكن من السابق لأوانه الجزم بأنه يمثل تحولاً حقيقياً وشاملاً. مثل هذه الاجتماعات تعتبر بداية مهمة لبناء الثقة وتعزيز التعاون الأمني، خصوصاً في مواجهة التحديات المشتركة مثل تهريب الأسلحة، والإرهاب، والهجرة غير الشرعية. لكن لتحقيق تحول حقيقي في التنسيق الأمني، يتطلب الأمر خطوات ملموسة ومستمرة، مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل دوري، وتنسيق العمليات الأمنية عبر الحدود، بالإضافة إلى إنشاء آليات دائمة للمتابعة والمراقبة. في الوقت الحالي، يمكن اعتبار المؤتمر بداية جيدة لكنه بحاجة إلى مزيد من الدعم والجهود لتطويره وتحويله إلى سياسة منسقة ومستدامة.

ما هي العقبات التي تواجه حكومة الوحدة الوطنية في ملف الحدود والأمن المشترك؟

فيما يتعلق بالعقبات، أولها الوضع الداخلي الليبي من انقسام مؤسسات أمنية وعسكرية وتحديات أمنية داخلية عديدة. هناك إشكالية أخرى تتمثل في أن هناك حدودًا شبه مشرعة، والواقع أن الحدود عندما يتم الحديث عنها، نجد أن حكومة الوحدة الوطنية لا تسيطر إلا على جزء بسيط من هذه الحدود. يبقى لزامًا القول بأن هناك حدودًا ومنافذ لا تسيطر عليها الحكومة مثل الحدود مع السودان، وتشاد، والنيجر، ومصر، وجزء كبير مع الجزائر. وهذه حدود طويلة جدًا، وتعتبر من أكبر المعوقات في أي اتفاقات أو تفاهمات مع دول الجوار فيما يخص أمن الحدود والمنافذ.

في رأيك، ما هي أبرز التحديات التي قد تواجه تنفيذ القرارات التي قد تصدر عن هذا المؤتمر؟

إن أبرز التحديات التي تواجهها هي عدم الاستقرار في بعض الأنظمة، كما هو الحال في ليبيا والسودان وتشاد. من زاوية أخرى، هناك تداخل الاختصاصات، وأيضًا إمكانية التغيير في سياسات الدول نتيجة للتجاذبات السياسية. لا توجد سياسة أمنية ثابتة لدى الدول التي تعاني من عدم استقرار سياسي، فهي تتغير بشكل مستمر ولأسباب عدة. أيضًا من ضمن التحديات ضعف آلية التنفيذ التي توكل إلى الأجهزة التنفيذية. مع كثرة وتعدد الاتفاقيات الموجودة بين هذه الدول، وهي اتفاقيات قديمة ومتكررة غالبًا، تجد تلك الدول صعوبة في تنفيذها والحفاظ على استمرارها، خاصة في ظل المتغيرات السريعة في الظروف الأمنية والعسكرية في الإقليم وفي العالم. فيما يتعلق أيضًا بالتحديات، هناك الجانب اللوجستي بكل أشكاله، والذي يكاد يكون معدومًا لتلك الدول.

كيف يمكن لدول الجوار أن توازن بين مصالحها الأمنية الوطنية وبين ضرورة التنسيق الإقليمي في مواجهة التهديدات المشتركة؟

مع أن لكل دولة من الدول حقوقها وسيادتها، وأيضًا ما يتعلق بظروفها المحلية، وأمور قد تكون ذات طابع سري وطابع خاص لكل دولة، إلا أن التنسيق الإقليمي وتقديم المعلومات وتبادلها لا يعني التنازل المباشر عن الأسرار الأمنية. بل يعني حماية للجميع، وهو مبدأ موجود لدى كل الدول في العالم. التنسيق يمكن أن يعزز من التعاون بين الدول دون الإضرار بمصالحها الوطنية.

كيف يمكن لليبيا أن تضمن أن تكون أراضيها بعيدة عن تصفية الحسابات الإقليمية أو الدولية كما ورد في تصريحات رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة في المؤتمر؟

لن يكون لليبيا ولا لغيرها من دول الطوق أو لغيرها من دول العالم جميعًا أن تضمن بشكل حقيقي العمل على عدم اعتبارها جزءًا من تصفية الحسابات الإقليمية أو الدولية ما لم تكن قوية وموحدة وثابتة. وما لم يكن هناك سياسة موحدة في كل ليبيا، سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب، وتنتهي الأزمات السياسية، لن تستطيع ليبيا أو أي حكومة أن تمنع أن تكون ساحتها مباحة لصراع دولي وتصفية الحسابات. يجب إدراك حجم الخطر الذي تواجهه المنطقة، وخاصة ليبيا في هذه الظروف، وحجم الخطر الذي تواجهه ليبيا بشكل خاص في ظل تكالب المسؤولين وتعاقبهم وعدم قدرتهم على حل الإشكاليات السياسية واستمرارية الصراع بينهم على البقاء في السلطة.

كيف ترى إمكانية تكامل الجهود الأمنية بين دول جوار ليبيا لمواجهة شبكات التهريب والجريمة المنظمة العابرة للحدود التي تهدد استقرار المنطقة؟

موضوع شائك وكبير فيما يتعلق بتكامل الجهود في إشكاليات التهريب، سواء في الممنوعات أو تجارة البشر أو الجريمة العابرة للحدود والمخدرات وغيرها من الإشكاليات. هناك أيضًا أخطر ما يواجه هذا الموضوع، وهو ما يتعلق بالإرهاب والجماعات المسلحة، وهو أمر خطير جدًا. وهذا يتطلب إمكانيات وجهودًا مضاعفة لدول مستقرة، ناهيك عن دول متجاورة تعاني من العديد من المشاكل الأمنية وفقد السيطرة على حدودها. في ظل عدم تبادل المعلومات وعدم وجود اتفاقيات قابلة للتنفيذ وافتقار القدرات لمراقبة الحدود، سيظل مصطلح التكامل الأمني يسمح فقط خلال الزيارات والمؤتمرات وفي البيانات الختامية. هنا يجب أن يكون دور الدول خارج الإقليم، وهي دول مستقرة، في الدعم والمساعدة المادية واللوجستية لدول المنطقة الضعيفة، لأن الأمن الإقليمي والعالمي هو أمن تكاملي، وهذا ما تنص عليه الأعراف والقوانين الدولية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here