من هم “الكانيات” في ليبيا وكيف تحولوا الى زعماء حرب

73

ليبيا – افريقيا برس. “الكانيات” اسم قبلي يعود لعائلة من ترهونة تحمل لقب “الكاني”، برز على سطح المشهد في المدينة عام 2012 إثر مقتل أحد أفرادها على يد مجموعة مسلحة، ما دفع إخوته وباقي أفراد العائلة إلى الانتقام من أسرة أخرى بالمدينة بالهجوم على بيوت أفرادها وقتلهم بصورة جماعية، بل وقتل أطفالهم ونسائهم أيضا، قبل أن يتحولوا إلى حلفاء للمشير خليفة حفتر ومشاركين في عملياته العسكرية.

منذ نهاية العام 2012، برز اسم محسن الكاني وإخوته الخمسة، الذين استولوا، بمساعدة من أفراد قبيلتهم، على مقر أبرز كتائب معمر القذافي في المنطقة، والمعروفة باسم “كتيبة الأوفياء”، والتي كانت إلى ذلك الوقت تتوفر على عدد من الآليات الثقيلة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

ومع مرور الوقت، جذبت العائلة العشرات من الأشخاص للانضمام إليهم وتنفيذ عمليات انتقام واسعة بالمدينة ضد خصومهم القبليين بالمنطقة، وأي معارض لسيطرتهم على المدينة.

وأكد الناشط المدني من المدينة موسى النعاجي، أن عدد الأسر التي أبيدت على يد “الكانيات” منذ منتصف 2012، وحتى انضمامهم لعمليات خليفة حفتر العسكرية على العاصمة طرابلس في إبريل/ نيسان من العام الماضي، بلغ 13 أسرة بكاملها، بخلاف الأسر التي هجرت قسرا أو هرب أفرادها خوفا من بطشهم.

ويعتبر محسن (37 عاما) أبرز الإخوة الخمسة، وهو القائد الفعلي لهذه المجموعة المسلحة والأكثر دموية من بينهم، بالاضافة إلى عبد العظيم (23 عاما) الذي يأتي في المرتبة الثانية، فيما كان يوفر لهم شقيقهم الأكبر عبد الخالق (57 عاما) الدعم القبلي من خلال الحشد واللقاءات رفقة شقيقهم الآخر المعروف باسم “الشيخ محمد” (50 عاما)، كغطاء ديني بحكم انتمائه للتيار المدخلي.

وعلى الصعيد المالي، كان شقيقهم عبد الرحيم ( 40 عاما) يوفر لهم الدعم المالي اللازم، لكونه رجل أعمال وإداريا نافذا في المجلس البلدي بالمدينة، وتولى مؤخرا إمرة سرية ترهونة المقاتلة ضمن مسلحي حفتر التي هاجمت طرابلس.

وإثر جهود سلطات البلاد ومحاولاتها ضم المليشيات إلى أجهزة رسمية، في خطوة لتفكيكها، انضم “الكانيات” إلى وزارة الدفاع تحت مسمى جديد وهو “اللواء الثامن”، لكن مكتب النائب العام أصدر أوامره، منتصف عام 2017، بالقبض على 14 فردا منهم، من بينهم ثلاثة من الأشقاء الخمسة، هم عبد العظيم ومحسن ومحمد، لكن تلك الأوامر لم تتجاوز مكانها، إذ انتهت ترهونة وكافة أجهزتها التابعة للدولة تحت السيطرة التامة للكانيات.

وفي مطلع سبتمبر/ أيلول، شن الكانيات هجوما مفاجئا على العاصمة طرابلس، وسيطروا على عدة أحياء ومناطق متاخمة لترهونة، الواقعة جنوب شرق طرابلس، حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2018، إلى أن نجحت “قوة حماية طرابلس” التابعة لحكومة الوفاق في طردها، لكنها رجعت وهاجمت المناطق ذاتها في يناير/ كانون الثاني 2019.

ومنذ ذلك الحين، شكل “الكانيات” قوة بارزة ومصدر قلق للحكومة في طرابلس، خصوصا بعد انضمام بقايا كتائب القذافي لها، وتحديدا اللواء المعزز 32، أبرز كتائب القذافي، ما جعلها محط اهتمام حفتر، الذي كان يحشد قواته قريبا من العاصمة طرابلس، وتحديدا في قاعدة الجفرة.

وقبيل هجوم حفتر على طرابلس، أعلن عن إنشاء قوة جديدة تابعة له تحت مسمى “اللواء السابع” برئاسة اللواء عبد الوهاب المقري، من ضباط النظام السابق، ومحسن الكاني نائبا له، تبين فيما بعد أن مسمى حفتر لم يهدف إلى أكثر من الجمع بين “الكانيات” وبقايا كتائب القذافي.

وشكل “الكانيات” رأس حربة هجوم حفتر على طرابلس، إذ كانت أولى الجماعات المسلحة التي استجابت لأوامره وهاجمت مناطق قصر بن غشير ووادي الربيع ومحيط مطار طرابلس القديم، واستمرت في السيطرة عليها حتى انهيار قوة حفتر الشهر الجاري، وانسحابها منها.

وفي سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، تعرض أحد مقرات “الكانيات” لقصف جوي قتل خلاله المقري ومحسن الكاني وشقيقه عبد العظيم، وسط حديث متزايد عن تورط حفتر في العملية بهدف التخلص من قيادات هذه المجموعة وإخضاعها لأوامره كليا.

ورغم ذلك، بقيت العلاقة وثيقة بين حفتر و”الكانيات”، التي أدركت أن علاقتها به علاقة وجود، حيث تحولت ترهونة إلى المعقل الأول لقوة حفتر بعد سقوط مدينة غريان، نهاية يونيو/ حزيران العام الماضي، وضمت العديد من المقرات المهمة، من بينها مهبط جوي، وغرف لتسيير الطائرات الإماراتية المسيرة، وأخرى لإيواء مسلحي الفاغنر.

وفي غضون 14 شهرا من انضمام “الكانيات” لسلطة حفتر، أكد الناشط موسى النعاجي أن جرائم “الكانيات” بقيت مكتومة بفعل القبضة الجديدة المفروضة على المنطقة، مؤكدا أنها طاولت أسرا بكاملها، مثل الهراودة والدايمي والعواشرية وحمادي، مشيرا إلى أن حصر هذه الجرائم يبدو أنه عمل صعب ويحتاج لوقت طويل.

وأكد النعاجي أن الكانيات مارسوا طيلة السنوات الماضية، أعمال الخطف من أجل المال، وغيبت الكثير من المخطوفين دون معرفة مصيرهم. وقال إن فتح ملف “الكانيات” من المؤكد أنه “سيكشف الكثير من خفايا ملف المفقودين، علاوة على جرائم المال وابتزاز المسؤولين بالدولة ومفاصل المراكز السيادية”.

كما أكد أن “ملف “الكانيات” سيكشف عن خفايا ملف التدخل الأجنبي الداعم لحفتر، خصوصا التدخل الإماراتي، فمن المؤكد أن ضباطا إماراتيين كانوا يتخذون من مقرات المدينة مراكز لهم لدعم حفتر”.​

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here