عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. لا يزال الانقسام يخيم على أوضاع المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، منذ إجراء أولى جلسات انتخابات رئاسته قبل خمسة أشهر، في ظل صدور أحكام قضائية متضاربة لصالح المتنازعين على الرئاسة، خالد المشري ومحمد تكالة.
ومع احتدام الصراع بينهما، وإصرار كل طرف على عدم اختصاص المحكمة التي لجأ إليها كل واحد منهما للنظر في هذا النزاع، يتخوف عدد من أعضاء هذا المجلس الاستشاري من أن يرتهن مصيره للنزاعات القانونية.
كما ترى أصوات سياسية أن النزاع الراهن بين المشري وتكالة قد ينتهي بتغيرات سياسية قد تنشأ إذا ما نجحت المبادرة الجديدة للبعثة الأممية، أو بتمكن أي من المتنازعين من جذب غالبية أعضاء المجلس لصالحه.
وكانت آخر تطورات هذا الصراع السياسي والقانوني هو حكم المحكمة العليا برفض الطعن الذي قدمه خالد المشري ضد حكم محكمة جنوب طرابلس الإدارية القاضي بإلغاء فوزه برئاسة المجلس الأعلى للدولة.
وحول هذا الموضوع، ومن خلال حوار أجرته “أفريقيا برس” مع عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي، حيث تشير إلى أن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة وعلى الجميع الالتزام بهذه القاعدة، ولكن للأسف نحن في المجلس الأعلى للدولة نواجه أطرافًا لا تعطي اعتبارًا لأحكام القضاء ولا تقبل بمفهوم الشراكة الوطنية.
وأضافت بأن “الطعن على الأحكام القضائية هو طريق رسمه القانون بضوابط وضمانات معينة، وينبغي الالتزام بما يصدره القضاء”.
كما أكدت أن “الأحكام القضائية لها حجية يجب أن تحترم، فما صدر حتى الآن من أحكام حسم موضوع انتخابات مكتب الرئاسة وعودة المجلس الأعلى للدولة للاجتماع وممارسة دوره”.
وأوضحت أن انقسام المجلس ليس في مصلحة البلاد، خاصة في هذه المرحلة المضطربة؛ واستمرار هذا الانقسام سيضر بلا شك بالوصول إلى حل سياسي ينهي الانقسام ويبعد شبح العنف.
كيف ترين تأثير حكم المحكمة العليا الأخير؟ وما هي آثار هذا الحكم على استقرار المجلس الأعلى للدولة ووحدته الداخلية؟
بدايةً، “حكم القضاء عنوان للحقيقة” هي قاعدة قانونية واجبة الالتزام من قبل جميع الجهات والأفراد، حتى يستقر المجتمع. الطعن على الأحكام القضائية هو طريق رسمه القانون بضوابط وضمانات معينة، وينبغي الالتزام بما يصدره القضاء.
بالنسبة لحكم المحكمة العليا برفض الطعن الذي رفعه السيد خالد المشري في الشق المستعجل لحكم صادر عن القضاء الإداري، فهذا أمر بديهي، لأن محكمة الاستئناف كانت قد أصدرت حكمها في الموضوع، وبالتالي لم يعد هناك معنى للطعن في الشق المستعجل، لأن الحكم في الموضوع قد تجاوزه.
هل تعتقدين أن استمرار الخلاف حول رئاسة المجلس سيؤثر سلبًا على سير العمل السياسي في ليبيا؟
نحن في المجلس الأعلى للدولة نواجه أطرافًا لا تعطي اعتبارًا لأحكام القضاء (للأسف) ولا تقبل بمفهوم الشراكة الوطنية لتجاوز الأزمة التي تمر بها بلادنا، وهذا ما فاقم الأزمة وفتح الباب للتدخلات الخارجية وتأثيرها السلبي.
في ظل الحكم القضائي، هل تعتقدين أن القضاء يمكنه أن يعيد الاستقرار المؤسسي للمجلس الأعلى للدولة؟
المنطق والمسؤولية الوطنية يقتضيان الالتزام بما يصدر عن القضاء، فالقضاء مرجعية ملزمة. الأحكام القضائية لها حجية يجب أن تحترم. فما صدر حتى الآن من أحكام حسم موضوع انتخابات مكتب الرئاسة وعودة المجلس الأعلى للدولة للاجتماع وممارسة دوره، يجب أن تكون أولوية لدى جميع الأعضاء، خاصة أن هناك أطرافًا متربصة تسعى لعرقلة مجلس الدولة وإفساح المجال لانفراد أطراف بتوجيه سياسة البلاد بما يحقق مصالح ضيقة.
ما تقييمكِ لمواقف الأطراف المتنازعة التي رفضت الأحكام القضائية المتعلقة برئاسة المجلس؟
طبعًا، القضاء عنصر مهم في تحقيق الاستقرار وضبط سلوك الأفراد والمؤسسات. ولكن مجال العمل السياسي أوسع من ذلك، والآن لا يوجد سبب وجيه لعدم عودة الأعضاء المقاطعين للمجلس وممارسة دورهم من داخل قبة المجلس.
في حال استمر هذا الانقسام الداخلي، ما هي التحديات التي قد تواجه المجلس الأعلى للدولة على الصعيدين السياسي والإداري؟
انقسام المجلس ليس في مصلحة البلاد، خاصة في هذه المرحلة المضطربة. واستمرار انقسامه سيضر بلا شك بالوصول إلى حل سياسي ينهي الانقسام ويبعد شبح العنف ويسهم في صياغة نظام حكم رشيد يلبي تطلعات الشعب الليبي.
كيف يمكن للمجلس استعادة ثقة المجتمع الدولي في أدائه مؤسساتيًا بعد هذه الأزمة المستمرة؟
المجتمع الدولي لا يبدو أنه في عجلة من أمره، ولديه من الآليات والسياسات ما يمكنه من التعاطي مع أي وضع، لكننا نحن الليبيين الوقت ليس في صالحنا. يجب ألا ننتظر المجتمع الدولي المشغول بقضايا أخرى وفقًا لمصالح الدول الكبرى والدول الإقليمية التي لن تهمها مصلحة ليبيا بقدر ما تهمها مصالحها.
هل تجدين أن هناك إمكانية لتسوية سياسية توافقية بين الأطراف المتنازعة دون الحاجة لتدخل قضائي إضافي؟
إذا وضع الجميع مصلحة الوطن فوق اعتبارات المصالح الضيقة والطموحات الشخصية، فالحل ممكن.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس