مندوب الصحة العالمية : الوضع الصحي في جنوب ليبيا منهار

56
مركز العزل ببلدية تراغن

تقرير : إدريس إحميد

أفريقيا برسليبيا. منذ أن اُعلن في نهاية ديسمبر 2020 عن بداية الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا والموجات تتوالى لتهدد البشرية بهذا الوباء الفتاك ، حيث واجهت الدول المتقدمة صعوبات في مواجهته بسبب ظهوره المفاجئ ، وأدى الى ازهاق الكثير من الأرواح في مختلف دول العالم وتطلب الأمر الاسراع في اجراء البحوث والدراسات لمعرفة طبيعة هذا الفيروس وإيجاد اللقاح المناسب للحد من إنتشاره وتم تحديد سلالته وبدأت بعض الدول في انتاج أنواع من اللقاحات في معامل الدول المتقدمة.

ليبيا في جائحة كورونا

ولعل ليبيا ليست استثناء من هذه الجائحة التي دخلت البلاد في ظل ظروف صعبة يعانيها القطاع الصحي، لعدة أسباب أهمها الانقسام السياسي وقلة الامكانيات والفساد المالي والإداري وحالة المستشفيات ونقص أماكن الايواء والادوية والاطباء والعناصر الطبية المساعدة.

وقد اتخذت اجراءات احترازية ابتداء من اغلق الحدود واجراءات في المطارات وحظر التجوال وتنفيذ عمليات اجراء المسحاة ، وتشكيل لجان أزمة في كل البلديات ولكن هذه الاجراءات بقيت ناقصة في ظل غياب استراتيجية صحية واستقرار إدارى ومؤسساتي ، مما يجعل المجهودات غير منتظمة ومتقطعة في ظل صعوبة الوضع الصحي.
وقد بذل المركز الوطني للأمراض بمختلف فروعه في ليبيا مجهودات كبيرة من خلال دوره وامكانياته المتاحة ، على الرغم من صعوبة الاوضاع والضغوط ، يقوم المراكز الوطني بتقديم النشرات اليومية ، فقرات توعوية وآخر المعلومات في متابعة هذه الجائحة.

وقد جاءت الموجة الثالثة من المتحور المعروفة بالسلالة “الهندية” لتفاقم الوضع وتزيد من تعقيده بسبب تعاقب الموجات ، وعدم تهيأ المجتمع الليبي من النواحي الاجتماعية والنفسية ، حيث الصعوبات الاقتصادية التي تؤثر على معيشتهم وخاصة العاملين في القطاع الخاص ، والذي يجد نفسه مجبر للخروج من البيت للبحث عن قوت يومه ، كما العادات والتقاليد في المجتمع اثرت على الالتزام بالحظر المنزلي ، حيث يؤدون واجب العزاء مما يسبب الاختلاط وان بدأ الكثيرون يستقبلون التعازي عبر الاتصال من خلال الاعلان في صفحات التواصل الاجتماعي وهذه من النقاط الايجابية ودليل تنامي الوعي المجتمعي.

وبالتركيز على المناطق التي ينتشر فيها تأتي المدن الكبيرة والمناطق المجاورة وضواحيها من حيث انتشر الوباء وتسجيل حالات وفاة كثيرة مما يؤكد مدى انتشاره.

وقد أصدرت حكومة الوحدة الوطنية في عدة مناسبات قرارات بشأن حظر التجوال في البلاد من خلال أوقات معينة ، في اطار مجهوداتها في سبيل مواجهة هذه الجائحة. آخر هذه القرارات صدور القرار رقم “223” بتاريخ 5 اغسطس 2021 بأعلان حظر التجوال في بعض المناطق في ايام السابع والثامن والتاسع من شهر اغسطس الجاري حظرا طوال اليوم.

الوضع الوبائي في الجنوبي الغربي

عبدالجليل خضري، مدير مكتب الخدمات الصحية في بلدية سبها

توجهنا لمكتب الخدمات الصحية ببلدية والتقينا بالأستاذ عبدالجليل خضري مدير مكتب الخدمات الصحية ببلدية سبها وسألناه عن تقيمه للوضع الوبائي وخاصة مع المتحور الجديد في بلدية سبها، فقال لـ “أفريقيا برس” أن “الوضع لا يخفى على أحد حيث هناك انتشار سريع وزيادة في أعداد الحالات لهذه الفيروس المتحور المعروف بـ “الدلتا” ، والامكانيات المتاحة بسيطة فيما يخص الادوية التي نقدمها للمرضى ، فيقدم المواطن على شراء الدواء من حسابه الخاص.
هل هناك ميزانية للجان الأزمة ومراكز العزل؟
لم تخصص ميزانية لمراكز العزل ويتم توفير الامكانيات من لجنة الطوارئ واللجنة العلمية بوزارة الصحة لهذه المراكز ، وقد فرت في بداية الجائحة وحاليا تم تخصيص نصف مليار لوزارة الصحة بخصوص توفير الادوية والمستلزمات الطبية.
وهل وصلت هذه الامكانيات؟
تم مخاطبة مراكز العزل بشأن احتياجاتهم من أجل توفيرها، والتأخير الحاصل هو بسبب الاجراءات المالية. وقد خصصت وزارة الصحة مصنع اكسجين سيتم جلبه لبلدية سبها ، حيث تواصلت معنا الشركة المنفذة ، وقد تم احالة الاجراءات المطلوبة للشركة و نحن في الانتظار.
هل هناك تنسيق بين مكتب الخدمات الصحية والمستشفى ومراكز العزل؟
نحن في تنسيق دائم وبشكل مستمر سوى باللقاءات اليومية أو الاتصال في ظل هذا الظروف وكذلك مع مختلف الجهات ذات العلاقة.
على ذكر اللقاحات، كم عدد الذين قاموا بأخذ اللقاح؟
لقد قمنا بتلقيح تجاوز، “10” آلاف مواطن في مدينة سبها وقد كان هناك عزوف عن تلقي الجرعة ولكن مع بداية موجة كورونا الاخيرة زاد الاقبال على التلقيح من خلال “8” مراكز صحية موزعة في بلدية سبها.

مركز سبها الطبي

الدكتور عبد الرحمن عريش، مدير مركز سبها الطبي

التقينا بالدكتور عبد الرحمن عريش مدير مركز سبها الطبي ، سألناه عن الوضع داخل مركز العزل؟
الوضع صعب داخل المركز غير مستقر من حيث توفر اسطوانات الاكسجين التي يحتاج المرضى بصورة مستمرة ، لان المصنع الموجود بالمستشفى لا يكفي حاجتنا من الاستهلاك ونحتاج لمصنع آخر، ونعاني من سعة الايواء ونستقبل في حالات من غات واباري الشاطئ القطرون وقلة عدد الاطقم الطبية بما يتوافق مع عدد الحالات التي قد ترد على المركز ، الآن عندنا في كل مناوبة طبيب أو اثنين تمريض حيث يوجد بالبلدية مركزين طبيين.
ماذا عما تم الاتفاق عليه في اجتماع الحكومة الخامس بتوفير الامكانيات ..فهل تم توفيرها؟
يفترض ان يتم توفير الامكانيات للمراكز والعيادات ولا شي يذكر ، وهذا يعتمد على الميزانية.

التقينا كذلك الدكتورة عائدة عبدالرحمن وهي إخصائية باطنة بمركز سبها الطبي وسألناه عن مستجدات الوضع الوبائي؟
من بداية الموجة الثالثة في منتصف شهر يوليو حالات الاصابة تتراوح من “40 ” و “100” حالة في اليوم ، والغريب أغلبهم من فئة الشباب بين 30 و 40 سنة وهذه الموجه اكثر انتشار وحتى عند من أخذ الجرعة ولكن تكون خفيفة عن عند من يعانون من أمراض مزمنة.
هناك بعض الشكوك في صحة المسحاة ما هو ردكم؟
نحن نعتمد على المسحاة وصحتها بنسبة 95% ونحن نقوم بإجراء مسحاة لمواطنين من مناطق أخرى؟

بلدية تراغن

الدكتورة أسماء أبو القاسم المهدي، مديرة مركز العزل في بلدية تراغن

توجهنا لمركز العزل ببلدية تراغن والتقينا بالدكتورة أسماء أبو القاسم المهدي مديرة مركز العزل وسألناها عن تقييمها للوضع الوبائي في تراغن وضواحيها؟
تقييمي للوضع الوبائي اعتبره من ناحية الإنتشار سيئة ولكن كخطورة مازلنا في الحالات المتوسطة ، بمعنى لاحظت بأن عدد الحالات في تزايد رهيب مقارنة ببداية الجائحة، ما شهدناه في شهر يوليو يفوق بقية الأشهر من ناحية كثرة الحالات وتنوعها، وقد لاحظنا بأن فئة الشباب تتصدر الاصابات ولكن الحالات الخطيرة تنحصر في كبار السن. وأضافت بالقول بأن مركز العزل موجود داخل مستشفى تراغن التعليمي، مما زاد من الصعوبات على امكانيات المستشفى ومرافقه.
وكيف هو الوضع بخصوص توفر الامكانيات والايواء والأدوية والتحاليل؟
للأسف الشديد نظرا لكثرة الاصابات في شهر يوليو فقد تم استهلاك كافة الإمكانيات ومنها الاكسجين وكذلك نفس الشيء بالنسبة للأدوية المساعدة وكذلك التحليلات الخاصة بكورونا في المستشفى والمختبرات الخاصة. ونذكر بأننا نستقبل الحالات من مختلف المناطق والبلديات المجاورة لنا ، وهذا يحتاج لزيادة سعة السريرية مما جعلنا مضطرين لإخراج بعض الحالات التي يمكنها أن تستغني عن الاكسجين ، وللأسف الشديد تعطل مصنع الاكسجين ولذلك نذهب لجلبه من بلديات أخرى وهي تعاني أيضا؟
ما هو تقيمكم لمستوى وعي المواطنين بهذه الجائحة؟
لا حظنا تحسن في مستوى الوعي والاقتناع بوجود فيروس كورونا بسبب العامل الإجتماعي في تفهم لهذا الوباء ، وبذلك أصبح هناك توجه لإجراء المسحاة والإلتزام بالإجراءات الوقائية.

مركز العزل ببلدية براك الشاطئ

الدكتور المبروك محمد احمودة، مدير مركز العزل في بلدية براك الشاطئ

الدكتور المبروك محمد احمودة مدير مركز العزل في بلدية براك الشاطئ قال في تصريح لـ “أفريقيا برس” أن مركز العزل بالبلدية الشاطئ يقدم خدمات لعدد من البلديات بمنطقة وادي الشاطئ بمساحته الواسعة وكثرة عدد القرى والمحلات وتعداد سكانها البالغ حوالي 90 ألف نسمة. سعة مركز العزل ببراك الشاطئ السريرية “22” منها “5” عناية ، ويوجد لدينا مصنع اكسجين وينتج فيه 9 اسطوانات متوسطة في الساعة، وفي حالات تذبذب التيار الكهربائي ينتج في 3 اسطوانات في الساعة. في الحقيقة نحن نعاني من نقص شديد في المستلزمات الطبية وخاصة المرتبطة بالجائحة.

مركز العزل ببلدية بنت بيه بمنطقة اوباري
التقينا بالدكتور عثمان عبدالسلام الحبيب مندوب الصحة العالمية ومشرف على مراكز العزل والفلترة بمنطقة اوباري، وسألناه عن الوضع الوبائي بهذه المنطقة؟

الدكتور عثمان عبدالسلام الحبيب، مندوب الصحة العالمية ومشرف مراكز العزل والفلترة بمنطقة أوباري

للأسف الشديد الوضع سيء جدا الارقام كبيرة حيث يتوجه البعض لإجراء مسحه ، والبعض لا يبالي ويعرض نفسه والآخرين للخطر حتى تتدهور صحته وعندها يتوجه لمراكز العزل. حاليا لا يوجد منزل الا وفيه مصاب، ومعظم المترددين على المصحات كلهم يعاني من فقدان الشهية وهزل وإرهاق وهذا هي أعراض المتحور الجديد في الفيروس الدلتا ، بطبيعة الحال تنقصنا الامكانيات والمعدات اللازمة لمواجهة هذه الجائحة. يقوم المركز الوطني بمدنا بإحصائيات لمن أعتقد أنها أكثر من ذلك ، لأن بعض المصابين لا يتوجهون للمراكز الصحية ويبقون في منازلهم ومنهم من يتوفى والبعض يتعالج ، بالإضافة لنقص العناصر الطبية والمساعدة وعدم دفع المستحقات المالية للعاملين وتوفير المواصلات للوصول لأماكن عملهم وأداء مهامهم. الدولة غائبة في هذا الموضوع حيث كثرت الاجتماعات بدون نتيجة ، لان الوضع خرج عن السيطرة والوضع الصحي في الجنوب منهار ، الى جانب استهتار الناس وانعدام برامج التوعية وغياب تطبيق اجراءات الحظر من قبل رجال الأمن والجهات الضبطية.

لجنة بلدية الغريفة بمنطقة أوباري
بلدية الغريفة تتكون من 13 منطقة تعدادها السكاني حوالي 40 ألف نسمة بالنسبة للوضع الوبائي لاحظنا تزايد ملحوظ في عدد الحالات وتفقدت مركزي العزل في جرمة وبنت بيه ، حيث نبقى عاجزين أمام قلة السعة ونحن أطباء البلدية نتعاون معنا في كافة المراكز من أجل تقديم خدمة في ظل الظروف الصعبة. وفيما يتعلق بوعي المواطنين فقد لاحظنا عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية والتباعد وهي احد المعضلات التي نعاني منها للأسف الشديد.

لجنة الأزمة ببلدية أوباري

وسيم زيدان الصديق، عضو لجنة الأزمة و مشرف الرصد والتقصي والاستجابة السريعة في بلدية أوباري

وسيم زيدان الصديق عضو لجنة الأزمة و مشرف الرصد والتقصي والاستجابة السريعة ببلدية أوباري قال أن الوضع متأزم جدا والمنطقة تفتقر لجميع الإمكانيات اللازمة لمواجهة الوباء وأهمها عدم وجود جهاز (pcr) حيث تأخذ العينات في خارج البلدية ونقص الادوية و العناصر الطبية والطبية المساعدة وضيق أماكن الايواء ، ولا ندرى كيف يمكن معالجة هذه الازمة؟

رأى الشارع
أجمعت آراء المواطنين بين متفهم وواعي بمخاطر هذه الجائحة وملتزم بالإجراءات الوقائية وناصح للآخرين بضرورة ذلك، وبعض الآراء تمثل أشخاص غير ملتزمين بارتداء الكمامة ويمارسون الاختلاط، ومن المفارقات وجود من ليس مقتنع بوجود الجائحة أصلا و يعتبرها جزء من الشائعات.
أما فيما يتعلق بالحظر في بلديات الجنوب الغربي لا يوجد تطبيق دقيق لذلك حيث الازدحام في الشوارع والمحلات التجارية والأسواق، والمناسبات الاجتماعية كالأفراح و المآتم والزيارات وغيرها. ويبرر البعض دواعي الخروج لأسباب اقتصادية بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص في سبيل البحث عن قوت يومهم مع التزام البعض بارتداء الكمامات واستعمال المطهرات، ولعل هذا ما نؤكده لضعف الجهات الرقابية والأمنية المسؤولة عن تطبيق الحظر.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here