“الغرفة 211”.. صفحاتٌ من الإبادة الإيطالية في ليبيا

10
"الغرفة 211".. صفحاتٌ من الإبادة الإيطالية في ليبيا

أفريقيا برس – ليبيا. تحتفظ الذاكرة الجمعية اللّيبية بالكثير من الفظاعات والإبادات الجماعية التي ارتكبها الاستعمار الإيطالي في البلاد، والذي استمرّ بين عامَي 1911 و1943، أنشأ خلالها أكثر من 16 مُعتقلاً جماعياً، لم تكن سوى معسكرات موت، قضى فيها أكثر من ستّين ألف ليبي، جلّهم من النساء والأطفال، بين 1929 و1934.

لم يُفتح كلُّ الأرشيف الاستعماري بعدُ أمام الباحثين. غير أنّ البحث في تلك الجرائم اليوم من شأنه إضاءة أبعاد جديدة من ذلك الماضي الذي يقابله راهنٌ استعماريّ إبادي لا يزال مستمرّاً في فلسطين؛ إذ ليست الصهيونية، في جوهرها ومُمارساتها، سوى امتداد للأيديولوجيا الفاشية الاستعمارية.

هذه الذاكرة تستعيدها مجلّة “الغرفة 211″، في عددها الثاني الصادر حديثاً عن “مؤسَّسة آريتي” التي تُعنى بالثقافة والفنون في ليبيا، تحت عنوان “ذاكرة الاستعمار ومستقبل تاريخنا”. افتُتح العدد (323 صفحة) بمقدّمة، تناول فيها فريق التحرير موضوع الذاكرة الليبية وإشكالات التأريخ، عبر اقتراح مفهوم “النقد المزدوج”، الذي يعني ضرورة عدم اكتفاء الباحث بفحص المادّة التاريخية، بل ذهابه أبعد عبر وضع الأدوات الناقدة موضع مساءلة دائمة.

يُفرد العدد ملفّاً خاصّاً لكتاب “الإبادة الجماعية في ليبيا: الشرّ، تاريخ استعماري مخفي”، للباحث علي عبد اللطيف حميده، الذي صدرت ترجمتُه العام الماضي بتوقيع محمد زاهي بشير المغيربي، ويُبيّن مؤلّفه أنّ تاريخ المقاومة في ليبيا مغيَّب حتى في الداخل اللّيبي، ويُختصر في شخصية المقاوم عمر المختار، في حين أنّ الحركة كانت أكبر وأعمّ. نقرأ في الملفّ قراءةً في الكتاب بعنوان “إعادة تشكيل تأريخ الإبادة الجماعية” للباحث فؤاد مغربي، وحواراً مع المؤلّف بعنوان “في نقد المعرفة الاستعمارية والنخبوية”، أجراه خالد المطاوع، رئيس تحرير المجلّة.

وفي باب “نصوص”، نقرأ فصلاً من رواية “الهروب من جزيرة أوستيكا” (2018) لصالح السنوسي، والتي تروي حكايات عن الهروب من معتقلات إيطاليا الفاشيّة في ليبيا، وآخر من رواية “صندوق الرمل” لعائشة إبراهيم، ونصّاً بعنوان “الرحلة” لمروان جبودة، ومقطعاً من رواية “بنغازي” لصلاح المنصف، بترجمة ميرنا فكري، إضافةً إلى نصّ للكاتب حسام الثني، بعنوان “عن المقرون والبرّاح وشوق سيدي رافع”.

أمّا باب “التوثيق”، فاشتمل على ثلاث مواد؛ هي: “أُمّي حين تسرد التاريخ” لأحمد يوسف عقيلة، و”ما تيسّر من سيرة نساء المقاومة والنضال الوطني” لفاطمة غندور، و”مرايف عليهم خاطري ولهان” لحسام الثني، بينما ضمّ باب “القراءات” مجموعة من الترجمات؛ هي: “العساكر وذاكرتهم” لـ أنطونيو مورون بترجمة خالد المطاوع، و”ما تعلّمه لورانس الدينماركي في ليبيا” لـ فريدريك ويري بترجمة سعد العشة، و”دلالة غامضة هائلة: عن رواية ‘بنغازي'” لـ ستيفين وات بترجمة نافع الطشاني. ويُختَتم العدد بباب “إدراكات”، الذي يتضمّن مقالاً لخالد المطاوع بعنوان “الصعود من الشرّ: تأمّلات مشكالية في مستقبل تاريخنا”.

تُتيح قراءة هذا العدد من “الغرفة 211” (استوحت عنوانها من رقم زنزانة الشخصية الرئيسية في نصّ “موسم الحكايات” للكاتب الليبي خليفة الفاخري 1942 – 2001) الماضي الاستعماري الوحشي لبلد غربي لم يُقدّم أيّ اعتذار عن جرائمه في ليبيا ولم يُعبّر عن أيّ شعور بالذنب تُجاه الضحايا، وربّما يقدّم ذلك تفسيراً للصمت والتواطُؤ الغربيَّين مع الاحتلال الإسرائيلي؛ فأيّةُ إدانة من هؤلاء للإبادة الإسرائيلية في فلسطين، لن تكون في الحقيقة سوى إدانة لأنفسهم وتاريخهم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here