بقلم : صالح عبد السلام
أفريقيا برس – ليبيا. بعد انقطاع دام ثلاثة وثلاثين عاما على تسجيل مواقع للتراث الثقافي والطييعي في ليبيا، اليوم تتمكن مصحة الأثار الليبية وتنجح في تسجيل عدد من المواقع الأثرية التي تبرز التاريخ الإنساني والطبيعي والثقافي ضمن مئات السنين ضمن قائمة التراث الإسلامي العالمي وهي التي قدمت ملفاتها الى منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو).
فبعد عمل مضني ومجهودات قامت اللجنة المشكلة من قبل رئيس الهيئة العمة للثقافة بترشيح 16 موقعا استطاعت في زمن قياسي أن تنجح في إدراجها ضمن القائمة النهائية لمواقع التراث في العالم الإسلامي، وطبقا لهذا النجاح يصبح عدد مواقع التراث الليبي المدرجة بلائحة الإيسيسكو 22 موقعا.
وتتضمن قائمة المواقع التي اعتمدتها لجنة التراث التي شكلتها وزارة الثقافة والتنمية المعرفية في دولة ليبيا كتراث مادي: «(1) جامع أحمد باشا، (2) وجامع درغوت، (3) وجامع قرجي، (4) وجامع الناقة، (5) وجامع شروس في مدينة الحرابة، (6) وجامع اتيتروين في زلتين، (7) وحوش الحفر في مدينة غريان، (8) وزاوية البازة في زليتن، (9) ومدرسة عثمان باشا الساقزلي في طرابلس، (10) والقصر الفاطمي باجدابيا، (11) وزاوية عمورة في جنزور، (12) وقوس ماركوس أوروليوس في طرابلس، (13) وحوش القرمانلي، (14) ومقبرة جنزور الأثرية، (15) وحوش محسن، (16) و جامع شائب العين».
وتزخر ليبيا على امتداد رقعتها الجغرافية المترامية بكنوز من التراث الثقافي والطبيعي يؤرخ لفترات متعاقبة يمتد لمئات بل آلاف السنين من الحضارات والثقافات المتعاقبة. فأينما تتجه في هذا البلد الذي يقع في شمال أفريقيا ويطل على البحر المتوسط تقابلك المدن التاريخية على امتداد الساحل كصبراته وطرابلس ولبده في غرب البلاد وبنغازي وشخات في الشرق بالإضافة الى الكنوز الأثرية التي يزخر بها الجنوب الليبي.
ورغم أن منظمة الإيسيسكو قررت عام 2019 الإحتفال بيوم التراث يوم 25 سبتمبر من كل عام الا انه وكما يقول الباحث في الأثار الليبية وعضو اللجنة المدرجة للمواقع رمضان الشارق “لم يكن هناك اهتمام من قبل الجهات الليبية المعنية بالإحتفال باليوم العالمي للتراث رغم قيامنا بابلاغهم بالحدث”.
ومنذ العام الماضي 2020 فان مصلحة الأثار الليبية تبذل جهودا مكثفة من أجل تسجيل المواقع الأثرية ذات الطابع الثقافي والطبيعي لدى المنظمات العالمية ذات العلاقة. وقد تكللت مساعيها بالنجاح حيث تم ادراج 6 مواقع أثرية العام الماضي لدى الإيسيسكو لأول مرة، هي (1) مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية في طرابلس، (2) وجامع مراد آغا في تاجوراء، (3) وجامع أوجلة العثيق، (4) وقصر الحاج، (5) و واوي الناموس، (6) وقلعة مرزق.
يقول الباحث وخبير في الأثار رمضان الشارف في تصريح لموقع “أفريقيا برس”، “ان دخول ليبيا الى العالمية من خلال تسجيل المواقع الأثرية يؤهلها للأستفادة من المنظمات الدولية لتأهيل هذه المواقع واعادة تطويرها والقيام بالترميم والدراسات وتدريب العاملين بها وتأهيلها للجذب السياحي”.
ويرى الشارف أن الكثير من الليبيين داخل البلاد لايعون أهمية هذه المواقع وهذا الكم من التراث ولا يعرفون أهمية هذا الموروث ومدى عمقه في التاريخ، ويؤكد أن ادراك الأهمية مطلوب حتى من باب الحماية لهذه الكنوز.
ورغم أن ليبيا بمساحتها الشاسعة وتاريخها الغني بالثقافات والحضارات وما تزخر به وتتمتع به بقدر هائل من التراث الطبيعي والثقافي ما يؤهلها لأن تكون في صدارة المنافسة على التراث الإسلامي العالمي, الا ان رمضان الشارف يرى أنه ” لم يكن هناك تجاوب من مؤسسات حماية التراث في ليبيا , وهي المؤسسات التي تتبعها هذه المواقع التي تم اختيارها والناس الى الآن لا يعرفون أماكن هذه المواقع التي تم اختيارها”.
هذه النجاحات الكبيرة في مجال تسجيل ماتزخر به ليبيا من كنوز عظيمة في مجال الأثار الا انه يلاحظ غياب الصيانة والترميم والحفر والنبش والسرقة المنتشرة في ظل انتشار الفوضى الأمنية وغياب الدولة.
ومنذ انطلاق أحداث 2011 تعرض الموروث الثقافي والإنساني في ليبيا للسرقات والتشويه والإعتداءات المتكررة وهو ما يهدد م مكانة هذه الكنوز التاريخية والأثار التي تحكي حضارات وثقافات مرت بهذا البلد العريق. الى جانب إهمال الصيانة للمدن الأثرية مثل لبدة وصبراته فان الجنوب الليبي وما يحويه من محفوظات وموروثات تحكي التاريخ الإنساني يعاني هو الآخر من النبش والطمس والضياع لعصور ما قبل التاريخ.
الباحث والخبير في الأثار رمضان السيباني أكد لـ “أفريقيا برس” أن “الإعتداءات على الآثار شملت مدينة بنغازي عندما تمت سرقة خزنة المصرف التجاري وما تحويه من قطع وعملات نادرة وكذلك متحف بني وليد وما يحويه من 240 قطعة تمت سرقتها بالكامل وكذلك متحف مصراته والذي سرقت منه 83 قطعه. ويعبر السيباني عن استغرابه بأن “آلاف القطع المسروقة والبعض يزن بالأطنان وجد طريقه الى دول مثل سويسرا والكيان الإسرائيلي وهذا يدل على وجود جهات نافذة وراء استهداف الموروث الثقافي الليبي”.
موقع “قرزة” الأثري يبحث عن مكانٍ على لائحة التراث العالمي
مساع لحفظ التراث الليبي