مسلسل “بنات العم”.. إضافة ليبية مختلفة إلى الموسم الرمضاني

6
مسلسل
مسلسل "بنات العم".. إضافة ليبية مختلفة إلى الموسم الرمضاني

علياء طلعت

أفريقيا برس – ليبيا. عُرض خلال شهر رمضان الجاري أول مسلسل ليبي على منصة إلكترونية عربية، لينافس “بنات العم” مسلسلات عربية متعددة، ويُخرج الدراما التلفزيونية الليبية من نطاق المحلية إلى الساحة العربية.

ويعزز هذا الأمر تنوع الأعمال المعروضة على المشاهد العربي من ناحية، ويفتح الباب أمام هذه الدراما للقراءة والتقييم بعيون مختلفة ما يُفضي إلى تطورها المستقبلي.

مسلسل “بنات العم” من إخراج أسامة رزق وتأليف سراج الهويدي وبطولة هند العرفية وآية شو ومحمد بن ناصر وسعد المهدي، وتعاون من قبل كل من المخرج والمؤلف في عدة مسلسلات ليبية من أشهرها “السرايا” بجزأيه و”غسق”.

الميلودراما

ينتمي “بنات العم” إلى الدراما الاجتماعية التي تميل للواقعية، فيقدم قصة أسرة ليبية من الطبقة المتوسطة، الأب (جمال صالح فريخ) موظف متقاعد بعد وفاة زوجته وإصابته بعدة متاعب صحية.

ويعيش الأب مع ابنة طالبة جامعية متفوقة تُدعى “خلود” (آية شو) وابن طالب بالثانوية “ناجي” (أحمد عمار) وابنة أخيه “خلود” (هند العرفية) تعيش معهم منذ طفولتها بعدما توفي والدها وتركتها أمها وتزوجت وسافرت إلى تركيا.

تبدو حياة الأسرة مستقرة، غير أنه استقرار بركان على وشك الانفجار، فبينما تتعامل الفتاتان كما لو أنهما أختان لا يمنع هذا وجود اختلافات قوية بين شخصيتهما.

“عفاف” لا تحلم سوى بالتفوق الجامعي، وحصولها على منحة لإكمال تعليمها في الخارج أما “خلود” فتضع نصب أعينها أن تحقيق أحلامها لا يأتي سوى عبر زوج ثري، فتترك خطيبها زميلها بالجامعة وتتفرغ للبحث عن هذا الزوج.

وبينما يركز المسلسل -كما يتضح من عنوانه- على العلاقة ما بين “خلود” و”عفاف” فالصراع يتولد عبر 3 شخصيات فرعية، أولها “أحمد” (محمد بن ناصر) مستشار الوزير الفاسد، الذي يقابل “عفاف” مصادفة في الصيدلية التي تعمل بها، وتنال إعجابه.

وعندما يذهب مرة أخرى لمقابلتها يجد بدلًا منها “خلود” التي ترى سيارته الفارهة فتجد فيه الزوج المثالي لتحقيق آمالها، فتخبره الكذبة تلو الأخرى لتنفيره من “عفاف” ثم تستميله حتى يتزوج منها بالفعل.

بينما يُعجب بـ”عفاف” الشاب الخارج من السجن حديثا “أشرف” (سعيد المهدي) الذي ترفضه في البداية حتى تتحرك الشخصية الفرعية الثالثة والمتمثلة في شقيقها “ناجي” الذي ينضم إلى مليشيا عسكرية، يغريه أحد أفرادها بإدمان المخدرات، فيرتكب جريمة تقلب حياته وحياة أخته، وتدفعها للموافقة على الزواج من “أشرف” كملاذ أخير لها من الوحدة.

التزم مسلسل “بنات العم” بالواقعية إلى حد كبير، فنقل حياة الشارع الليبي العادي من أفراحه وأحزانه، وحياة بنات الطبقة الوسطى على مختلف شخصياتهن سواء الطموحة أو الباحثة عن الثراء أو حتى عن الزواج مثل صديقات البطلتين.

ولكن غابت هذه الواقعية في الحلقات الختامية للمسلسل التي مالت إلى الميلودراما واللجوء إلى المصادفات التي تكشف للبطلة غدر المحيطين بها وتأخذ العديد من القرارات الحاسمة في اللحظات الأخيرة من الحلقة الأخيرة لغلق كل الخطوط الدرامية المفتوحة.

قصص فرعية

يضع مسلسل “بنات العم” بطلتيه في مركز الحبكة، فالحب الممتزج بالغيرة والحسد بين الأقارب وصفة ناجحة تم تقديمها في العديد من المسلسلات العربية من قبل، فيمكن استبدال جنسية البطلتين، وسنجد القصة متشابهة إلى حد كبير، غير أن ما يعطي العمل مذاقه الخاص الخطوط الفرعية التي تقدم روح المجتمع الليبي التي يتشوق المشاهد العربي لسبر أغوارها.

ربما من أبرز هذه القصص الفرعية الوزير الفاسد الذي يتحكم في حياة عشرات من الموظفين كما لو أنهم عبيد له، ويعيث في اقتصاد البلاد المضطرب بلا رادع حقيقي سوى مجموعة من الموظفين الشرفاء الذين يجمعون الوثائق التي تُؤكد جرائمه فيسقط ومعه “أحمد” معاونه.

على الجانب الآخر تقدم شخصية “ناجي” الأخ الأصغر لـ”عفاف” وجهة نظر مختلفة في شباب المليشيات، فالمراهق النجيب والابن البار استقطبه صديق فاسد يعرفه في البداية على المخدرات.

ومن المخدرات إلى التدريبات العسكرية التي توحي له أنه صاحب هيبة لا يمكن أن يكسرها شيء ويغذي أوهامه الرجولية عن نفسه التي تجعله يعصي رغبات والده ويتمرد عليه، ويظن أنه عضو في فرقة تابعة لوزارة الداخلية قبل أن يكتشف أنه ضمن خلية إجرامية.

قصة جانبية أخرى في حقيقتها مثيرة أكثر من الخط الرئيسي نجدها في شخصية “أشرف” الخارج من السجن للتو، والذي يكشف الحوار لاحقا أنه تم القبض عليه بعد اتهام إحدى جاراته له بالتحرش بها، ينبذ سكان الشارع “أشرف” بالكامل، فلا يبادله أحدهم الحديث أو السلام، ويتم فصله من عمله.

ويظل على ذلك الحال حتى زواجه من “عفاف” التي تمثل زينة فتيات المنطقة فيكتسب احتراما لارتباطه بها، ما يوضح طبيعة تعامل المجتمع مع قضية مثيرة مثل التحرش بالفتيات، والتي لم يعتبرها الجيران حدثا عاديا يسهل قبوله أو تمريره.

وبالتالي تمثل الحبكات الفرعية قيمة أكبر للمشاهد العربي الباحث عن رؤية مقربة للمجتمع الليبي، فحتى مشاهد بسيطة مثل زفاف “أشرف” و”عفاف” الشعبي والأغاني والأهازيج تصبح كاشفة لثقافة مختلفة، إذ رغم قربها الجغرافي من العديد من الدول العربية، فما زالت غريبة تستحق الاكتشاف.

وربما يعيب المسلسل ميله إلى أساليب عتيقة بالمونتاج مثل تعتيم الشاشة في نهاية المشاهد، أو التركيز على وجوه البطلات والأبطال لتوضيح مشاعرهم مع الموسيقى التصويرية، وكثرة استخدام الأخيرة في مشاهد طويلة دون حوار، فبدت حشوا.

والنقطة الأهم هي أن مسلسل “بنات العم” يكشف عن دراما تلفزيونية ليبية متطورة، يمتلك صُناعها رؤية فنية واستخداما واعيا للوسيط التلفزيوني، وبشكل عام يمثل المسلسل عملا تقليديا لكنه مسلٍّ خلال حلقاته الـ14، كما يحمل أكثر من انعطاف في الحبكة ومفاجأة مثيرة تغير مجرى الأحداث.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here