أسواق النفط تتجاهل العدوان الإسرائيلي فماذا عن الغاز؟

3
أسواق النفط تتجاهل العدوان الإسرائيلي فماذا عن الغاز؟
أسواق النفط تتجاهل العدوان الإسرائيلي فماذا عن الغاز؟

أفريقيا برس – ليبيا. يقلل المتداولون من شأن المقارنات مع صدمة الطاقة التي حدثت في السبعينيات، حيث كانت أسعار النفط الخام أقل بكثير من ذروة الشهر الماضي، وفقاً لقراءة تحليلة أوردتها صحيفة “فايننشال تايمز” اليوم الثلاثاء.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 1973، هاجم تحالف من الدول العربية دولة الاحتلال الإسرائيلي، ورد أكبر منتجي النفط في المنطقة بفرض حظر على الولايات المتحدة أدى إلى مضاعفة أسعار النفط الخام 4 مرات وإعادة تشكيل أسواق الطاقة إلى الأبد.

والآن، بعد مرور 50 عاماً، دخل الاحتلال في حالة حرب مرة أُخرى في أعقاب هجوم غير مسبوق شنته المقاومة الفلسطينية السبت الماضي، لكن تأثيره على سوق النفط لا يزال ضعيفاً.

وقفزت أسعار خام برنت التي تُعد المؤشر العالمي للسوق، بنسبة 4% يوم الاثنين، وهو الذي كان أول يوم كامل من التداول بعد اندلاع الأعمال الحربية بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، قبل أن تتراجع قليلاً إلى 87.56 دولاراً اليوم الثلاثاء.

وبذلك، لا تزال هذه الأسعار أقل بكثير من مستوى 97 دولاراً للبرميل الذي وصلت إليه في أواخر سبتمبر/أيلول المنصرم.

رئيس شركة “بيكرينغ إنيرجي بارتنرز” الاستشارية ومقرها هيوستن، دان بيكرينغ، قال إن “السوق متوترة، لكنها ليست مرعوبة. في الوقت الحالي يُنظر إليها على أنها أزمة يمكن التحكم فيها، وليست أزمة من نوع السبعينيات”.

ولا يُنتج الاحتلال كميات كبيرة من النفط، لذا لا يوجد تهديد فوري بأن يؤدي القتال إلى انقطاع الإمدادات.

وفي السياق، يقول مدير الطاقة والمناخ والموارد في مجموعة “أوراسيا” الاستشارية هينينغ غلوستاين إن القفزة في الأسعار يوم الاثنين عكست إعادة تقييم السوق للمخاطر في المنطقة بدلاً من المخاوف بشأن العرض.

أضاف: “شهد الشرق الأوسط، خلال العام الماضي أو نحو ذلك، تراجعاً في التصعيد من الناحية الجيوسياسية، وذلك انعكس في سعر النفط”، في إشارة إلى الصفقات الدبلوماسية والتجارية بين دولة الاحتلال والإمارات.

كما كان لحرب يوم الغفران عام 1973 تأثير ضئيل على البنية التحتية النفطية. ومع ذلك، استخدمت السعودية وحلفاؤها الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل كذريعة لإضعاف نفوذ واشنطن على سوق النفط من خلال خفض الإنتاج وخنق الصادرات.

أما هذه المرة، فلا تهاجم الدول العربية مجتمعة دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولا يتوقع التجار أن تقوم السعودية أو بقية المنتجين باستخدام صادرات النفط كسلاح لدعم المقاومة الفلسطينية.

كما تبدو آفاق الطلب على النفط مختلفة كثيراً. ففي السبعينيات، كان استهلاك النفط الخام في ارتفاع وكان المنتجون لديهم قدرة إضافية محدودة. أما اليوم، فعلى الرغم من أن الطلب وصل إلى مستوى قياسي بلغ 103 ملايين برميل يومياً، فقد تباطأ النمو، ويرجع ذلك جزئياً إلى الجهود المبذولة للتحول بعيداً من الوقود الأحفوري.

وبعد صعود البرميل إلى نحو 100 دولار في نهاية سبتمبر الفائت، انخفض خام برنت أكثر من 10% الأسبوع الماضي، في إشارة إلى أن التجار شعروا أن التوقعات الاقتصادية فشلت في تبرير مثل هذه الأسعار المرتفعة.

ولم يكن الارتفاع في الأشهر الأخيرة مدفوعاً بالطلب بل مدعوماً بتخفيضات الإنتاج من السعودية وروسيا وأعضاء آخرين في تحالف “أوبك+”، بما تعني هذه التخفيضات من أن الطاقة الفائضة تضخمت إلى أعلى مستوى منذ سنوات.

ويمكن للسعودية وحدها أن تزيد الإنتاج العالمي بنحو 3% أو نحو 3 ملايين برميل يومياً في حالة انقطاع العرض في أماكن أخرى من العالم.

لكن من غير المؤكد كيف سترد الرياض على وجه التحديد إذا أثر العدوان الإسرائيلي المستمر على إمدادات النفط. فقبل هجمات “حماس”، كانت الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من التوصل إلى اتفاق دبلوماسي واسع يشمل المساعدة النووية المدنية وضمانات أمنية جديدة للرياض في مقابل تطبيع العلاقات مع الاحتلال وزيادة تدفقات النفط.

وفي هذا الإطار، قالت رئيسة أبحاث السلع في “أر بي سي كابيتال ماركتس” RBC Capital Markets والمحللة السابقة لوكالة الاستخبارات المركزية هيليما كروفت إن هذا النوع من “إعادة الضبط الدبلوماسي الشامل” أصبح الآن في “مكان محفوف بالمخاطر” بعد تطورات “طوفان الأقصى”.

ومن الممكن أن تتأثر إمدادات النفط من الشرق الأوسط إذا تم تحديد دليل على تورط إيراني مباشر في الهجمات أو إذا شاركت طهران بنشاط ما في الأزمة.

ففي مثل هذا السيناريو، قد تسعى واشنطن إلى تشديد العقوبات على الخام الإيراني والتي خففت الولايات المتحدة من وطأتها العام الماضي لتخفيف الضغط على أسواق النفط، في حين شددت القيود على الصادرات الروسية رداً على حرب أوكرانيا.

وصدّرت إيران 1.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام إلى الصين في أغسطس/آب الماضي، وهو أكبر رقم خلال عقد من الزمن، وفقاً لبيانات تتبع السفن التي قدمتها شركة “كبلر”. لكن نظراً إلى أن معظم هذه الشحنات كانت تُنقل على متن سفن إيرانية أو سفن الأسطول الداكن وبتسهيل من مصارف إيرانية وصينية، فإن قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على مثل هذه الشحنات تتضاءل.

وقال غلويستاين من مجموعة “أوراسيا” إن “الطريقة الوحيدة أمام الأميركيين للقيام بذلك هي إيقاف السفن، وسيكون ذلك أمراً صعباً”، مضيفاً أن “من المحتمل أن يتضمن ذلك تصعيداً أميركياً للصراع في الشرق الأوسط، ونعتقد أنهم سيحاولون تجنب ذلك ما لم يكن هناك تصعيد خطير حقاً بين إيران وإسرائيل”.

وإحدى المجالات التي تأثرت بالفعل هي إنتاج الغاز الطبيعي الإسرائيلي بعد أن أوقفت وزارة الطاقة يوم الاثنين، العمليات في منصة “تمار” التي تديرها شركة “شيفرون” في البحر الأبيض المتوسط بسبب مخاوف أمنية.

وبدأت دولة الاحتلال في إنتاج الغاز الطبيعي من الحقول البحرية في العام 2004، علماً أن منصة “تمار” هي الأقرب إلى غزة من بين 3 مشاريع بحرية للغاز، فيما يستمر الإنتاج في حقلي “ليفياثان” و”كاريش” شمالاً.

وبينما يتم استهلاك معظم الغاز الإسرائيلي محلياً، يتم تصدير حوالي الثلث عبر خط أنابيب إلى الأردن ومصر.

وحول هذه النقطة، قال رئيس تحليلات الغاز في “أي سي أي إس” ICIS توم مارزيك مانسر، إن أي انقطاع في هذه الإمدادات يمكن أن يكون له تأثير غير مباشر على أسواق الغاز العالمية من خلال زيادة الطلب على شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى الأردن وتقليل الغاز المتاح للتصدير كغاز طبيعي مسال من مصر.

وارتفعت أسعار الغاز القياسية الأوروبية بشكل حاد الثلاثاء، حيث تم تداولها بنسبة 25% فوق سعر إغلاق يوم الجمعة، بحسب مانسر الذي أضاف أن “على الرغم من عدم وجود تأثير فوري على الإمدادات إلى أوروبا، إلا أن هناك بالتأكيد صلة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here