الأسواق قلقة من تصعيد الحرب على غزة واقتصاديون يحذرون

3
الأسواق قلقة من تصعيد الحرب على غزة واقتصاديون يحذرون
الأسواق قلقة من تصعيد الحرب على غزة واقتصاديون يحذرون

أفريقيا برس – ليبيا. أبدت الأسواق العالمية قلقها الشديد من تصعيد الحرب على غزة، وما يمكن أن تسببه من مخاطر اقتصادية شديدة واسعة وعودة التضخم للارتفاع والضغط على العملات وأسواق الصرف والفائدة.

كما حذر اقتصاديون مما يمثله أي تصعيد محتمل لغزو قوات الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة من خطر على الاقتصاد العالمي، مشيرين إلى ما قد يؤدي إليه ذلك من ارتفاع أسعار الطاقة وتعطيل طرق التجارة الرئيسية.

وتكثفت الجهود الدبلوماسية التي تبذلها مجموعة كبيرة من القوى الدولية على أمل احتواء تداعيات الهجوم الذي تشنه إسرائيل في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ردًا على الانتهاكات المتكررة للاحتلال ومستوطنيه بحق الفلسطينيين ومقدساتهم.

وأدى الغزو الإسرائيلي لغزة إلى زيادة خطر تمدد الصراع إلى دول وجماعات أخرى، ضمن منطقة الشرق الأوسط.

وتوعّد رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ، اليوم الثلاثاء، لبنان بأنه “سيدفع الثمن” إذا انخرط حزب الله في حرب مع إسرائيل.

وأدت الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة إلى تعميق مخاوف بين الاقتصاديين، من اجتياح الصراع للمنطقة، ما قد يمثل تهديداً طويل الأمد لمصادر الطاقة العالمية، وللبنية التحتية التجارية.

وقال بات ثاكر، مدير قسم الشرق الأوسط وإفريقيا في شبكة “سي أن بي سي”، هذا الأسبوع، إن أي صراع في الشرق الأوسط سيرسل هزات في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي، لأن المنطقة واحدة، وهي مورد بالغ الأهمية للطاقة، كما أنها ممر الشحن الرئيسي للتجارة العالمية”.

النفط وطريق الشحن

وأوضح ثاكر أن المدى الذي سترتفع إليه أسعار النفط، والتأثير غير المباشر على الاقتصاد العالمي، سيكون متناسبًا بشكل مباشر مع مدى احتواء الصراع جغرافيًا، مضيفًا أن سوق النفط يعاني بالفعل من ضيق في أعقاب توجّه السعودية ودول منتجة أخرى من أجل خفض إنتاج “أوبك+”.

وأشار أيضًا إلى أن الحرب بدأت في وقت يتسم “بحالة عدم اليقين الاقتصادي الهائلة” مع استمرار احتدام الحرب في أوكرانيا، ووصول البنوك المركزية إلى نقطة تحول في دورات تشديد السياسة النقدية.

وقال ثاكر لشبكة “سي أن بي سي” إنه بالنسبة للاقتصادات التي دخلت بالفعل في مرحلة الركود أو تتجه نحو الركود، فإن رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي يمكن أن يدفع الأمور إلى حافة الهاوية.

وأشار إلى أن “الاقتصاد يدخل في الأمر بضربة مزدوجة هنا، فمن ناحية ترتفع أسعار الطاقة مرة أخرى، ومن الناحية الأخرى، يتراجع التضخم في وقت كانت فيه أسعار الفائدة أيضًا هي الأعلى منذ سنوات”.

وقفزت أسعار النفط في البداية بعد عملية “طوفان الأقصى”، قبل أن تتراجع قليلاً، على الرغم من أن العقود الآجلة لخام برنت لا تزال تتداول بالقرب من 89 دولارًا للبرميل صباح الأربعاء في أوروبا، بينما تحوم العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط حول سعر 84 دولارًا للبرميل.

وفي “السيناريو المتطرف” للتصعيد الإقليمي، توقع ثاكر أنه سيتعين على الأسواق التعامل مع سعر خام برنت فوق 100 دولار للبرميل لفترة طويلة، ما يعني ارتفاع التضخم العالمي، ونمو اقتصادي أكثر ضعفاً، وظروف شبيهة بحالة الركود إلى حد كبير.

وفي مذكرة بحثية يوم الجمعة، قال الاستراتيجيون في شركة “جي سافرا ساراسين” إن إنتاج النفط من إيران، ثامن أكبر منتج للخام في العالم، سيكون معرضًا للخطر في حالة حدوث تصعيد، خاصة إذا تعرضت طهران لتشديد العقوبات الأميركية مجددًا، والتي يقدرون أنها ستسحب ما يصل إلى مليون برميل يوميًا من الإنتاج العالمي.

وقال الخبير الاستراتيجي للأسهم وولف فون روتبرغ إنه علاوة على ذلك، فإن تزايد حالة عدم اليقين بشأن الإمدادات من المملكة العربية السعودية قد يؤدي بسهولة إلى ارتفاع الأسعار بنفس القدر الذي حدث في أعقاب غزو أوكرانيا في عام 2022، حيث ارتفعت أسعار النفط بنسبة 30%، وفي غضون أسبوعين، استقرت تقريباً عند 15% فوق مستويات ما قبل الحرب.

ويعد الشرق الأوسط موطنًا لأكثر طرق الشحن ازدحامًا في العالم، بما في ذلك قناة السويس والبحر الأحمر والخليج العربي ومضيق هرمز، الأمر الذي يزيد من الأخطار الاقتصادية المرتبطة بالتصعيد.

ويقول المحللون إن أي توسع للحرب في شبه جزيرة سيناء ومنطقة السويس يزيد من أخطار الهجوم على التجارة المتدفقة عبر قناة السويس، والتي تمثل ما يقرب من 15% من التجارة العالمية، وحوالي 45% من النفط الخام، وأوضح ثاكر أن 9% من ناقلات الغاز الطبيعي المسال المصفى، و8% من الناقلات، تمر عبر هذا الطريق.

وأضاف اقتصاديو “ساراسين” إنه من الممكن “خنق هذه النقاط، وخلق اضطراب كبير، ليس فقط لأسعار النفط، ولكن لسلاسل التوريد العالمية بأكملها”.

نقاط الضعف في الأسواق الناشئة

ولا شك في أن أي ارتفاع محتمل طويل الأمد في أسعار الطاقة سيكون مصدر قلق لاقتصادات الأسواق الناشئة، حيث تمثل الطاقة في كثير من الأحيان النسبة الأكبر من الضغوط التضخمية مقارنة بالأسواق المتقدمة، وفقاً لإيليا أوليفيروس روزن، كبيرة اقتصاديي الأسواق الناشئة في وكالة “أس آند بي غلوبال راتينغ”.

وفي سلة مؤشر أسعار المستهلك التقليدية، تبلغ نسبة الطاقة حوالي 10% في الأسواق الناشئة، بينما هي في الولايات المتحدة لا تتجاوز 6.9%. ولذلك، فمن الواضح أن هناك تأثيرًا أكبر على التضخم.

وأصبح الكثير من الأسواق الناشئة مستورداً صافياً للطاقة. ومن أبرز الدول المستوردة للطاقة، والتي يمثل فيها بند الطاقة نصيباً كبيراً ضمن سلة مؤشر أسعار المستهلكين، تأتي دول مثل تشيلي وتركيا، بالإضافة إلى العديد من الاقتصادات الآسيوية، مثل تايلاند والفيليبين والهند.

وقال بول غرونوالد، كبير الاقتصاديين العالميين في وكالة ستاندرد آند بورز، إن الدول التي لم تقم بعد بتثبيت توقعات التضخم، مع قيام بنوكها المركزية بتشديد السياسة النقدية، قد تكون معرضة للخطر.

وتابع غرونوالد: “إذا فكرت في تسلسل التضخم على مدى العامين الماضيين، وقت الغزو الروسي لأوكرانيا، كان الارتفاع الأولي في التضخم يأتي من الغذاء والوقود، ثم امتد بعض ذلك إلى بقية السلع والخدمات”.

وأشار إلى أنه في البلدان التي ليس لديها توقعات باستقرار التضخم، فقد تمتد هذه الجولة الجديدة من ارتفاع أسعار الطاقة، وقد يكون هناك تكرار جزئي لما حدث خلال العامين الماضيين.

وأشار إلى أن “البنك المركزي المثالي أقنع السوق بأنه سيفعل كل ما يلزم لتثبيت التوقعات على المدى المتوسط، وبالتالي فإن الارتفاعات المؤقتة في أسعار الطاقة يمكن أن تمر بسلاسة إلى حد ما، لكن أولئك الذين لم يحققوا ذلك بعد سيخاطرون، ويتعين على البنوك المركزية أن تتفاعل مرة أخرى بمزيد من التشديد”.

إعادة غزة إلى ما كانت عليه

سيكون من الصعب تقييم وقياس حجم الدمار الذي أحدثه القصف الجوي الإسرائيلي المستمر على غزة لبعض الوقت، لكن ثاكر أشار إلى أن الاضطراب الاقتصادي في البلدان في جميع أنحاء المنطقة أصبح واضحًا بالفعل في شكل احتجاجات واسعة النطاق.

وفي الوقت نفسه، فإن بعض الإنفاق المستقبلي سيكون في المصالح الجيوسياسية للقوى المجاورة، مثل مصر ودول الخليج، التي تحرص على تجنب المناخ السياسي الساخن الذي يترسخ داخل شعوبها.

ويقول ثاكر إن تكلفة إعادة إعمار غزة ستكون باهظة بسبب التدمير واسع النطاق الذي حدث، ورجح أن يتم تمويل ذلك من دول الخليج، الحريصة على استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأضاف أن السعودية والإمارات تركزان بشكل كامل على التنويع الاقتصادي والإسراع في تنفيذ عدد من المشاريع الكبيرة، ومن مصلحتهما أيضًا تحقيق السلام والأمن الإقليميين على نطاق أوسع من أجل التركيز على الجبهة الداخلية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here