تفاقم انقطاعات الكهرباء في تونس وليبيا والسودان.. صيف مظلم

4
تفاقم انقطاعات الكهرباء في تونس وليبيا والسودان.. صيف مظلم
تفاقم انقطاعات الكهرباء في تونس وليبيا والسودان.. صيف مظلم

إيمان الحامدي، أحمد الخميسي

أفريقيا برس – ليبيا. تشهد كل من تونس وليبيا والسودان انقطاعات بشكل دوري للكهرباء، خلال الصيف، بسبب الأحمال الثقيلة على الشبكات وعدم قدرتها على مد البلاد بالتيار بشكل منتظم.

تواجه تونس خلال الصيف الحالي تحدي الاستجابة للطلب المتزايد على الكهرباء وضمان استمرارية خدمة الربط في أوقات الذروة، بعد أن سجلت البلاد في أكثر من مناسبة مستويات قياسية في الطلب جابهته باللجوء إلى تقسيط الكهرباء بغرض تخفيف الأحمال على الشبكة وتفادياً للانقطاعات الكبرى.

ذروة الاستهلاك في تونس

وأعلنت شركة الكهرباء والغاز الحكومية يوم 20 يوليو/ تموز الجاري تسجيل ذروة قياسية في استهلاك الكهرباء تزامناً مع موجة حر كبيرة أجبرت التونسيين على الاستعمال المكثف للمكيفات ووسائل التبريد.

وقالت الشركة إنّها اضطرت إلى “اللجوء إلى القطع الدوري للتيّار عن بعض المناطق، بغرض تخفيف الأحمال على الشبكة، وتفادي انقطاعات كبرى في الكهرباء حسب مقتضيات عملية المعادلة بين الطلب على الكهرباء والكمية المنتجة”.

ورغم اعتماد شركة الكهرباء سياسة التقسيط إلا أن العديد من مناطق البلاد شهدت تواتر انقطاع التيار لفترات طويلة، فضلاً عن تسجيل أعطاب متكررة في أبراج نقل التيار ونشوب حرائق في أعمدة قريبة من التجمعات السكنية.

وقال مواطنون في شهادات إنهم سجلوا في مناطق مختلفة من البلاد انقطاعاً للتيار الكهربائي أو هبوطاً حاداً في الجهد، ما تسبب في تعطل الأجهزة المنزلية وعدم القدرة على استعمال المكيفات في أوقات ذروة الحر.

والكهرباء في تونس قطاع حيوي تسيطر عليه الدولة بشكل كامل، حيث تتولى شركة الكهرباء والغاز الحكومية التي أنشئت عام 1962 توفير الربط بالكهرباء لما يزيد عن 4 ملايين حريف.

غير أن الشركة باتت مطالبة بالتأقلم مع متغيرات مناخية تتطلب الزيادة في كميات الكهرباء المنتجة لتلبية طلب الحرفاء، فضلاً عن تحسين قدرة محطاتها التوليدية وأبراج نقل الطاقة على تحمّل الحرّ.

ويرجح خبراء الطاقة أن تتجدد أزمات الكهرباء في تونس مستقبلاً، تزامناً مع زيادة الطلب على الطاقة وتنوع الحاجيات المنزلية للكهرباء ما يوجب وضع خطط وضخ استثمارات في تنويع مصادر الطاقة وتسريع الانتقال نحو إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الأقل كلفة.

ويؤكد الخبير الطاقي حامد الماطري بروز تحديات طاقية جديدة في تونس أبرزها الطلب المكثف على الكهرباء ذات الكلفة العالية، ما يتطلب تنويعاً في مصادر الطاقة والهجرة نحو الطاقات المتجددة التي لا تزال مساهمتها في إنتاج الكهرباء في حدود 1 بالمائة.

ويقول الماطري إن التحوّل الطاقي في تونس أصبح مساراً إجبارياً مع تنامي الطلب على الكهرباء للاستعمال المنزلي أو الصناعي، معتبراً أن تلبية هذا الطلب يتطلب تنويعاً في مصادر الإنتاج والتسريع في مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص لإنتاج الكهرباء لفائدة الشركة الحكومية.

وأشار المتحدث إلى أن بوادر الاختلال بين العرض والطلب الطاقي في تونس برز منذ سنوات غير أن حلول الانتقال نحو الطاقات البديلة تأخرت جداً، وهو ما زاد تبعية البلاد الطاقية للبلاد وفاقم فاتورة الطاقة.

غير أن تجربة إنتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية قد تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تنضج، حسب الماطري، الذي أكد أن هذا الصنف من الاستثمارات يتطلب تحسين مناخ الاستثمار وتعهداً رسمياً من الدولة بشراء الكهرباء من المنتجين بأسعار يتفق عليها مسبقاً وتحقق ربحية للمستثمرين.

وتلجأ تونس إلى الجزائر لتوفير الطلب الإضافي من الكهرباء، حيث تغطي الجزائر نحو 12 بالمائة من حاجيات الكهرباء التونسية.

وكشف المرصد الوطني للطاقة في نشرة صدرت في يونيو/ حزيران الماضي أن واردات الكهرباء من الجزائر سجلت ارتفاعاً ملحوظاً. وفي مارس/ آذار 2022 صادقت الحكومة التونسية على تنفيذ عدد من مشروعات الطاقة الشمسية، ضمن خطة استراتيجية لخفض فاتورة استيراد المشتقات النفطية، وتأمين احتياجاتها من الطلب المتزايد على الكهرباء.

وتخطط تونس لرفع حصة الطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء، عبر تطوير 3.8 ميغاواط من الطاقة الشمسية المركبة بحلول عام 2030، بما يرفع حصة الطاقة المتجددة إلى 30 بالمائة بحلول نهاية العقد الحالي.

انقطاعات متكررة في ليبيا

تزامناً مع الارتفاع الحاد في درجات الحرارة تشهد ليبيا انقطاعات متكررة للكهرباء، رغم وعود المسؤولين بالسعي لحل المشكلة.

وفي وقت سابق، قال مدير الإدارة العامة للجهد المتوسط ياسين القلعاوي إن الشركة تخطط لإعادة إعمار الشبكة وتنميتها، وتلبية الطلب على الطاقة في مناطق سكنية جديدة، نتيجة النمو السكاني والتوسع السكاني، مشيراً إلى أن ثمة جدولاً زمنياً لإعادة إعمار الشبكة الداخلية في غضون 6 إلى 9 أشهر، لكنّه شدد على أن ذلك يتوقف على سرعة توفير الدعم والمواد اللازمة واستمرارية العمل.

وبلغت مصروفات قطاع الكهرباء 2.91 مليار دينار، أي ما يعادل 600 مليون دولار خلال عام 2022، وتسعى شركة الكهرباء إلى استقرار الأداء وإجراء صيانة لعدد من العمرات لدى مختلف المحطات.

وباتت الشبكة الكهربائية في ليبيا مهددة بالانهيار، بعد إقدام مجموعات مسلحة على الهجوم عليها وأخرى محاولات إيقاف إمدادات الوقود للمحطات في العاصمة طرابلس والمناطق المجاورة مع دخول الصيف في شهر يونيو/ حزيران الماضي.

وتزامن الهجوم آنذاك على المحطات مع عمليات أمنية أطلقتها وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية مؤخرا، في مدينة الزاوية. وقالت وزارة الدفاع في بيان إنها تستهدف “أوكار عصابات تهريب الوقود وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر”.

أزمة فاقمتها الحرب في السودان

يعاني السودان من أزمة كهرباء خانقة دفعت الحكومة إلى قطعها بشكل دوري. وجاءت الحرب الأخيرة بين الجيش وقوات الدعم السريع لتلقي بظلالها السلبية على هذا القطاع الحيوي، ما فاقم من الأزمة.

ويصل انقطاع التيار الكهربائي خلال الظروف الطبيعية بعض الأحيان إلى 12 ساعة يومياً في المناطق السكنية والصناعية، ويأتي ذلك في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تزيد من معاناة السودانيين الذين تحاصرهم الأزمات المعيشية وشظايا الحرب.

وتراوح أسباب قطع التيار في السودان بين أسباب فنية مثل نقص التوليد وقدم منشآت الإنتاج وشبكات التوزيع، وأسباب متعمدة مثل هجمات مسلحين على الشبكات من أجل تعطيل عمليات الإمداد، لاستخدامها كورقة ضغط سياسي لصالح أحد الفصائل المتصارعة.

ومن أجل مواجهة أزمة الانقطاعات المتكررة للكهرباء، تلجأ المصانع والمحلات التجارية والمستشفيات والمدارس والجامعات وبعض العائلات المقتدرة، إلى شراء مولدات كهربائية خاصة؛ رغم الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات.

وكشفت وزارة الطاقة في تقرير سابق أن 60% من السودانيين أضحوا خارج نطاق الشبكة القومية للكهرباء، وربما تزداد النسبة لتصل إلى 80%، لتلقي بالمسؤولية في ذلك على وزارة المالية التي لم توفر المال اللازم لإمداد المحطات بالوقود وصيانتها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here