قالت مجلة «ذا إيكونوميست» البريطانية، إن ليبيا تخوض الآن معركة من نوع جديد تختلف عن النزاع المعتاد بين الشرق والغرب، إلا وهي معركة تأمين حدودها الجنوبية في ظل وجود عدد من الأجانب بالمنطقة.
وفي تقرير أمس الأربعاء، قالت المجلة البريطانية إن المعركة الأهم هذا العام تقع على بعد 600 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس، إذ أرسل قائد الجيش الوطني خليفة حفتر الشهر الماضي قواته إلى فزان لتهدئة الأوضاع بها، وبالفعل سيطر الجيش على مدينة سبها، والآن يقاتل في سبيل شيء أكبر في الجنوب الغربي حقل الشرارة النفطي.
وقبل توقف العمل به في ديسمبر الماضي، كان حقل الشرارة ينتج 315 ألف برميل يوميًا، وأعلى مستوى له في خمس سنوات ويعادل ثلث إنتاج البلد من النفط. غير أن المكلفين بحراسة الحقل سيطروا عليه طلبًا لرواتب أعلى، ما تسبب في إغلاقه، وكذلك أغلق حقل الفيل القريب منه والذي كان يعتمد على الكهرباء التي يزودها به حقل الشرارة، مما حرم البلد أيضًا من 73 ألف برميل يوميًا من النفط.
وتقول «ذا إيكونوميست» إنه على الرغم من تعهد الجيش الوطني بالسماح للمؤسسة الوطنية للنفط باستئناف الإشراف على حقل الشرارة وعودة الإنتاج به، لا يظل الجيش يسيطر على الأراضي المحيطة بالحقل، مشيرةً إلى أن الجيش الصيف الماضي سيطر على موانئ نفطية ووجه عائداتها إلى مؤسسة نفط موازية في بنغازي، غير أنه تراجع بعدما هددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات ووقف شراء النفط الليبي.
ولكن، وفقًا للمجلة، في ظل العقوبات المفروضة على إيران والفوضى التي تعم فنزويلا، فإن «حفتر ربما رأى أن ذلك تهديد أجوف»، مضيفةً أن «سيطرة حفتر على الموارد النفطية ستعطيه أفضلية على حكومة الوفاق الوطني المنافسة، في ظل أمل الأمم المتحدة تنظيم انتخابات واستفتاء على الدستور العام الجاري».
وأشار تقرير المجلة إلى أن الجيش الوطني أكد أن الحملة في الجنوب لا تهدف لانتزاع السلطة، لكنها مسعى لتخليص الجنوب الليبي من المرتزقة الأجانب، لافتةً إلى أن مئات المسلحين من تشاد المجاورة يقاتلون في المنطقة ويقتاتون على المواطنين المحليين.
وبحسب المجلة «فعدد ضئيل من هؤلاء الأجانب منسجم أيديولوجيًا مع الأطراف المتنازعة» في ليبيا، مضيفةً أن «الصحراء الشاسعة للبلد توفر لهم مساحة غير محكومة يمكنهم الاختباء بها وإعادة تنظيم صفوفهم وكسب المال».
أما آخرون، «فيتبعون تقليد فيزان المربح والممتد منذ أجل طويل بامتهان التهريب» بحسب المجلة، التي قالت إن «لتر البنزين المدعم الذي يبلغ سعره في ليبيا 10 سنتات يصل إلى أضعاف ذلك السعر في تشاد».
وقالت «ذا إيكونوميست» إنه منذ إطاحة معمر القذافي في العام 2011، كسب المهربون أموالاً من تهريب الأشخاص والوقود، إذ نقلوهم إلى البحر المتوسط صوب أوروبا، مضيفةً أن المواد المخدرة أصبحت «تجارة كبيرة» أيضًا.
وأضافت أن «الأجانب يحصلون الآن على جزء من أموال عملية التهريب سواء من تهريب البضائع والأشخاص بأنفسهم، أو من اعتراض طريق القوافل والمطالبة بدفع مبلغ من المال وهو الأمر الأكثر شيوعًا».
ورأت المجلة أن «التداعيات الناتجة عن حالة عدم الاستقرار تلك يمكن الشعور بها في أرجاء المنطقة»، لافتةً إلى أن المتمردين التشاديين استخدموا ليبيا أوائل الشهر الجاري قاعدة لشن انقلاب ضد الرئيس إدريس ديبي، كما أن المسلحين السودانيين استخدموا ثروتهم التي كونوها حديثًا لشراء العشرات من سيارات الدفع الرباعي التي قد يستخدموها كذلك ضد حكومتهم.واختتمت المجلة البريطانية تقريرها بالقول إن «تدفق الأجانب يمثل مشكلة لليبيا. كما أنه مشكلة لبلدانهم أيضًا».