لماذا ترفض أحزاب وكيانات اجتماعية ليبية «الخريطة» الأممية؟

1
لماذا ترفض أحزاب وكيانات اجتماعية ليبية «الخريطة» الأممية؟
لماذا ترفض أحزاب وكيانات اجتماعية ليبية «الخريطة» الأممية؟

أفريقيا برس – ليبيا. تواجه البعثة الأممية إلى ليبيا اتهاماً من أطراف سياسية واجتماعية بأنها «تدير الأزمة، ولا تعمل على حلّها»؛ لكن هذه الاتهامات تصاعدت وتحوّلت إلى رفض لـ«خريطة طريق» كانت المبعوثة هانا تيتيه قد أعلنتها أمام مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي، فما الأسباب؟

عادة ما يتمحور اعتراض بعض الليبيين على تحركات البعثة الأممية وما تطرحه من مبادرات أو خطط حول تشككهم بأنها «وصاية خارجية» تهدف إلى رسم خريطة البلاد على نحو «يخدم مصالح قوى أجنبية أو محلية دون حياد».

ومنذ اللحظة الأولى لإعلان تيتيه «الخريطة» التي تقول إنها تهدف إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في غضون 18 شهراً، انعكست التغيرات والانحيازات السياسية في شرق ليبيا وغربها على كيفية استقبال الطرح الأممي.

ففي منطقة سوق الجمعة بالعاصمة طرابلس، في غرب ليبيا، معقل «جهاز الردع» الذي يترأسه عبد الرؤوف كارة، جاءت الاعتراضات على «الخريطة» الأممية تتوالى، بعدما رأت الكيانات الاجتماعية هناك أنها «تطيل أمد» حكومة عبد الحميد الدبيبة في الحكم.

وسوق الجمعة من المناطق التي خرج منها المحتجون للتظاهر ضد حكومة «الوحدة» في «ميدان الشهداء» وسط طرابلس والمطالبة برحيلها. ويسعى الدبيبة إلى إنهاء سطوة «جهاز الردع» في غرب ليبيا؛ مما أبقى العاصمة في حالة من التوتر منذ منتصف مايو (أيار) الماضي.

والاعتراض على «الخريطة» الأممية امتد أيضاً إلى بنغازي، في شرق ليبيا؛ حيث رأى «ائتلاف الأحزاب من أجل الوطن» أن ما ورد فيها «لا يرتقي إلى تطلعات الليبيين ولا إلى تضحياتهم من أجل الحرية والكرامة».

وعقد الائتلاف مؤتمراً صحافياً، الأحد، عبّر فيه عن جملة من الاعتراضات على الخريطة الأممية، وقال إن «أي مسار سياسي لا ينطلق من إرادة الشعب الليبي سيظل باطلاً ومرفوضاً».

وأكد الائتلاف أن «استمرار الأجسام السياسية المنتهية الشرعية لم يعد مقبولاً»، وأن «أي خريطة طريق حقيقية يجب أن تقوم على إطار زمني واضح وضمانات عملية تستوعب الفرص والتحديات، لا أن تقتصر على مهل زمنية شكلية دون ضمان التنفيذ».

الركائز الثلاث

وبنت البعثة «خريطة الطريق» على ثلاث ركائز أساسية تستهدف الوصول إلى الاستحقاق العام في غضون 18 شهراً، وتشمل «تنفيذ إطار انتخابي سليم من الناحية الفنية»، و«توحيد المؤسسات من خلال حكومة جديدة موحدة»، و«حوار يتيح المشاركة الواسعة لليبيين لمعالجة القضايا المهمة».

وأعلن «ائتلاف الأحزاب من أجل الوطن»، الذي يضم كيانات من أنحاء ليبيا، أن «موقفه الثابت يتمثّل في أن إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة هو السبيل الوحيد للتعبير عن الإرادة الوطنية، وبناء مؤسسات شرعية قادرة على قيادة الدولة نحو الاستقرار».

وكان «حزب صوت الشعب» في طرابلس، برئاسة فتحي الشبلي، قد أبدى «رفضه التام» لما ورد في إحاطة المبعوثة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي، وعدّ ما طرحته «فصلاً جديداً من مسرحية متكررة تستهدف إطالة أمد الأزمة الليبية، وإبقاء ليبيا في دوامة المراحل الانتقالية التي أرهقت الشعب وأهدرت ثرواته وأحلامه».

وقال الشبلي، في تصريح صحافي: «جربنا منذ عام 2011 عشرات المبادرات والحوارات التي قادتها البعثة الأممية، وكلها انتهت إلى طريق مسدود، بل عمّقت الانقسام وأدخلت البلاد في أزمات متلاحقة».

وتابع، في تصريحاته التي أدلى بها الإثنين: «اليوم، تحاول المبعوثة تيتيه إعادة إنتاج السيناريو نفسه بصياغات مختلفة، غير مدركة أو متجاهلة أن الشعب الليبي لم يعد يقبل مزيداً من العبث بمصيره».

ومع الوضع في الاعتبار أن جملة الاعتراضات على الطرح الأممي الجديد جاءت متأثرة باستقطاب سياسي بين شرق ليبيا وغربها، بحسب محللين، فإنهم يشيرون إلى أن البعثة غالباً ما تطرح «خرائط طريق» مفتوحة التأويل، من دون إعلان تفاصيل واضحة عن آليات التنفيذ.

«الحوار المُهيكل»

ومع إبداء أطياف ليبية عدة عدم رضاها عن «الخريطة» الأممية، سارعت تيتيه مطلع الأسبوع الجاري، لتوضيح ما سمّته «ملامح العملية السياسية» المرتقبة. وقالت: «أخبرتمونا أنكم تريدون حكومة من اختياركم، وتريدون انتخاب قادتكم على الصعيدَيْن المحلي والوطني، وأن تكونوا جزءاً من العملية، ليس بوصفهم متفرجين بل بصفتهم مواطنين في بلدكم؛ تسعى خريطة الطريق هذه إلى جعل تطلعاتكم قابلة للتنفيذ».

وذهبت تيتيه إلى مزيد من الإيضاح، مضيفة: «نسعى لصياغة عملية سياسية تُشرك القادة الليبيين، وتُعيد باقي المواطنين إلى قلب العملية من خلال حوار مهيكل، لنتمكن من الاستماع إليكم، ونستنير بأفكاركم في تنفيذ الخريطة التي تسعى إلى أن تضمن لكم إجراء انتخابات وطنية».

وكان قادة ليبيون قد رحّبوا بـ«خريطة الطريق»، وسارع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة المكلفة منه أسامة حمّاد، إلى الترحيب بـ«الخريطة»، وأبدى كل واحد منهم رأيه بشأن نقطة تميزها ورؤيته لجهة تنفيذها.

غير أن الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، قال إنها تؤكد «ما سبق أن قاله بشأن ضرورة وجود القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات العامة».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here