تنقيب تركي-ليبي في المتوسط يثير مخاوف بشأن سيادة اليونان

1
تنقيب تركي-ليبي في المتوسط يثير مخاوف بشأن سيادة اليونان
تنقيب تركي-ليبي في المتوسط يثير مخاوف بشأن سيادة اليونان

أفريقيا برس – ليبيا. تواجه حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برئاسة عبدالحميد الدبيبة انتقادات متصاعدة بعد تقارير عن اتفاقيات موقعة مع شركات تركية للقيام بعمليات تنقيب زلزالي في مياه متنازع عليها قرب جزيرة كريت اليونانية، ما فتح الباب أمام تحذيرات أوروبية من انتهاكات جسيمة لقانون البحار الدولي وتهديد للاستقرار الإقليمي.

وأثار هذا التعاون التركي-الليبي، الذي يعود في مرجعيته إلى مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، موجة من ردود الفعل الحادة داخل أروقة البرلمان الأوروبي. النائب اليوناني مانويل كيفالويانيس، وهو رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وجه استجوابًا رسميًا إلى المفوضية الأوروبية طالب فيه بإيضاحات حول تحركات ليبيا الأخيرة بشأن منح شركات تركية تراخيص لإجراء أبحاث زلزالية في مناطق بحرية تقع جنوب جزيرة كريت، وهي مناطق تعتبرها اليونان ضمن نطاقها السيادي.
وقال كيفالويانيس إن هذه التحركات “تمثل استفزازًا صريحًا وانتهاكًا لحقوق دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وتتناقض بشكل مباشر مع مبادئ وأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”، مشيرًا إلى أن المذكرة البحرية بين أنقرة وطرابلس، والتي تستند إليها هذه الأنشطة، سبق أن رفضها الاتحاد الأوروبي باعتبارها “غير قانونية وباطلة من حيث الأساس”.

ورغم أن الاتفاق المذكور لم يتم التصديق عليه من قبل البرلمان الليبي، إلا أن حكومة الدبيبة في الغرب الليبي تستند إليه لتبرير أنشطة التنقيب، وسط صمت رسمي من سلطات الشرق، ما دفع مراقبين للحديث عن وجود تنسيق ضمني بين الطرفين، على خلاف ما هو معلن.

وفي تصريحه للبرلمان الأوروبي، شدد كيفالويانيس على أن هذه التحركات لا تستهدف فقط المصالح اليونانية، بل تشكل أيضاً “محاولة لإعادة رسم الحدود البحرية الإقليمية في المتوسط دون توافق دولي أو استناد قانوني”، وهو ما يعد، بحسب قوله، تهديداً مباشراً لمبادئ السيادة وحقوق الجوار.

وكانت حكومة طرابلس قد وقعت في أكتوبر/تشرين الاول 2022 مذكرة تفاهم مع تركيا تسمح للأخيرة بالتنقيب عن النفط والغاز في المناطق الاقتصادية البحرية الليبية، في إطار استمرار العمل بمذكرة 2019. وتم تفعيل الاتفاق عبر منح تراخيص لشركة النفط التركية الحكومية لإجراء مسوحات زلزالية جنوب جزيرة كريت، وهي منطقة تعتبرها أثينا جزءاً لا يتجزأ من جرفها القاري.

ورغم التحذيرات الأوروبية، تمضي أنقرة وطرابلس في مسار التنقيب المشترك، ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وليبيا من جهة، وبين تركيا والاتحاد من جهة أخرى، خاصة في ظل التوترات القائمة بسبب ملفات أخرى كالهجرة والطاقة.

وبينما تلتزم حكومة الدبيبة الصمت حيال التصريحات الأوروبية، فإن خبراء قانونيين يرون أن الاتفاقات البحرية الموقعة خارج إطار التفاهم الدولي تعد فاقدة للأثر القانوني، ويمكن أن تُستخدم كأدلة في حال اللجوء إلى التحكيم أو القضاء الدولي. ويؤكد هؤلاء أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 تشترط موافقة الدول المعنية في حال تقاطع مناطق اقتصادية حصرية، وهو ما لم يتم في الحالة الليبية-التركية، حيث تم تجاهل اليونان كطرف رئيسي في الترسيم.

وفي هذا السياق، طالب عدد من النواب الأوروبيين المفوضية الأوروبية بتوضيح موقفها من دعم حكومة الدبيبة، في ظل ما وصفوه بـ”الانحراف عن القواعد الدولية”، وربط بعضهم استمرار الدعم المالي والتقني الأوروبي إلى ليبيا باحترامها للمعايير القانونية والسيادة الإقليمية لدول الجوار.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس تمر به ليبيا، وسط مساعٍ أممية لإعادة إطلاق العملية السياسية المتعثرة، وإجراء انتخابات طال انتظارها، الأمر الذي يجعل من ملف السياسة الخارجية، وخاصة ما يتصل بالشراكات الإقليمية، موضع تجاذب داخلي وخارجي.

وفي ختام مداخلته، سأل كيفالويانيس المفوضية الأوروبية عن الخطوات التي تعتزم اتخاذها لمواجهة ما وصفه بـ”الانتهاكات المستمرة من طرفي الصراع الليبي لسيادة الدول الأعضاء”، محذرًا من أن “التساهل في هذا الملف قد يفتح الباب لمزيد من الفوضى القانونية والسياسية في شرق المتوسط”.

ويبقى الموقف الرسمي للمفوضية الأوروبية قيد الانتظار، فيما تتعاظم الدعوات لاتخاذ مواقف أكثر حزماً تجاه أي تحركات تمس بالإطار القانوني الدولي أو تتجاهل التوازنات الإقليمية المعقدة في حوض المتوسط.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here