أفريقيا برس – ليبيا. التقت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي واطلعتهم على جهودها مع جميع الاطراف الليبية للمضي قدمًا في تنفيذ خارطة الطريق السياسية التي قدمتها أمام مجلس الأمن مؤخرا.
وقال رئيس بعثة الأتحاد الأوروبي لدى ليبيا نيكولا أورلاندو في تدوينة له عل منصة (أكس)الاثنين إن تيتيه أطلعت سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد، بمن فيهم سفر الدول الأوروبية خارج ليبيا خلال اجتماعهم الشهري على جهودها الحثيثة مع جميع الأطراف الليبية المعنية والمؤسسات والمجتمع المدني في جميع أنحاء البلاد للمضي قدمًا في خارطة طريقها السياسية وقيادة البلاد نحو انتخابات وطنية لتوحيد المؤسسات وإعادة الشرعية إليها.
وأكد اورلاندو انضمام سفراء الاتحاد إلى دعوة تيتيه لجميع الأطراف في طرابلس برفض استخدام القوة، ، وحل الخلافات سلميًا بدعم من البعثة الأممية.
وتلقت الممثلة الخاصة للأمين العام للامم المتحدة رسالة دعم قوية من السفراء، الذين سيتابعون التطورات وردود الفعل الليبية عن كثب خلال الأسابيع الحاسمة المقبلة، حسب اورلاندو.
وتواصل المبعوثة الأممية لقاءاتها مع القادة الليبيين، لبحث سبل دعم المسار السياسي وخريطة الطريق التي أعلنتها في أغسطس/ آب الماضي، وذلك في ظل تعقيدات أمنية وسياسية تشهدها العاصمة طرابلس ومناطق أخرى من البلاد.
وبدأت تيتيه لقاءاتها الأربعاء الماضي برئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، فيما عقدت مساء أمس الأحد لقاء مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في حين يُنتظر أن تلتقي خلال الأيام القليلة المقبلة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، بينما أرجئ اجتماعها برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بسبب التوترات الأمنية التي دفعت البعثة إلى الانخراط في جهود للتهدئة، وفق ما أفادت به مصادر ليبية مطلعة.
وبحسب أحد هذه المصادر، وهو مقرّب من المجلس الرئاسي بطرابلس، فإن البعثة أبلغت المنفي أن المرحلة الأولى من خريطة الطريق المزمع تنفيذها ستطلق “في الفترة القريبة”، في إشارة إلى قرب انتقال الخطة من الإطار النظري إلى خطوات عملية. وذكر المصدر نفسه أن التطورات الأمنية في طرابلس فرضت نفسها على أجندة المبعوثة الأممية، ما استدعى من البعثة الانخراط في وساطات عاجلة للحدّ من التصعيد، وتأجيل لقاء الدبيبة إلى حين تهيؤ الظروف الملائمة.
وفي بيان أصدرته عقب لقائها حفتر، أوضحت البعثة أن النقاشات تركزت على خريطة الطريق السياسية التي كانت تيتيه قد عرضتها في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، والتي تهدف إلى إجراء انتخابات وطنية شاملة، وإطلاق “حوار مهيكل” يتيح مشاركة أوسع لليبيين. وأشار البيان إلى أن اللقاء سلّط الضوء “الوضع الأمني في طرابلس وفي ليبيا بشكل عام، حيث شددا على أهمية التهدئة ومنع اندلاع المزيد من النزاعات”. ونقل البيان ترحيب تيتيه بتعاون حفتر مع البعثة، بتأكيده الالتزام “بدعم خارطة الطريق عبر الحوار والتشاور الشامل”.
وفي تطور لافت، عقد صدام حفتر، الذي عُين أخيراً نائباً لوالده في ما يُعرف بـ”القيادة العامة للجيش الوطني”، لقاءً مع تيتيه، في مؤشر على اتجاه والده لمنحه دوراً أكبر في المرحلة المقبلة، يتجاوز دوره العسكري إلى المشاركة السياسية. وقالت البعثة في بيانها إن لقاء تيتيه مع صدام، “خُصِّص لمناقشة خارطة الطريق السياسية” التي تهدف الى “إجراء الانتخابات الوطنية وتوحيد المؤسسات، بما في ذلك المؤسستان الأمنية والعسكرية”. وذكر البيان أن اللقاء “تناول أهمية تعديل الإطار القانوني للانتخابات، لتمكين إجراء الانتخابات الوطنية، حيث شددت الممثلة الخاصة على ضرورة أن يمضي كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة قدماً في إدخال التعديلات اللازمة على القوانين الانتخابية”. ونقل البيان عن صدام تأكيده التزام قيادة والده “بالحلول السياسية السلمية التي من شأنها إنهاء المرحلة الانتقالية، وتمهيد الطريق أمام انتخابات شاملة ومؤسسات موحدة”.
ورغم أن بيان البعثة لم يوضح علاقة حفتر بالتوتر الأمني الحاصل في طرابلس، واقتصر على الإشارة الى أن اللقاء سلط الضوء على “الوضع الأمني في طرابلس وفي ليبيا بشكل عام، حيث شددا على أهمية التهدئة ومنع اندلاع المزيد من النزاعات”، إلا أن بيان مكتب حفتر الإعلامي لم يشر إلى الحديث عن الوضع العام في ليبيا، بل اقتصر على الحديث عن العاصمة طرابلس، موضحاً أن حفتر ناقش مع تيتيه “السبل الكفيلة بمنع تفاقم التوتر الأمني في العاصمة طرابلس، بما يضمن أمنها واستقرارها، ويحافظ على سلامة سكانها ومرافقها العامة والخاصة”، دون التوسع في ذكر القضايا الأخرى ذات الطابع الوطني في البلاد بشكل عام.
وكانت تيتيه قد عرضت في 21 أغسطس الماضي أمام مجلس الأمن الدولي، خارطة طريق متكاملة ترتكز على ثلاث ركائز أساسية، هي إعداد إطار انتخابي سليم من الناحية الفنية، وتوحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة موحدة جديدة، وإطلاق “حوار مهيكل” يتيح مشاركة واسعة لمختلف مكونات المجتمع الليبي. وأكدت تيتيه حينها أن الإطار الزمين لتنفيذ الخطة سيتراوح ما بين 12 و18 شهراً. والأربعاء الماضي، أصدر مجلس الأمن بياناً رحب فيه بخارطة تيتيه، داعياً الأطراف الليبية المعنية إلى “المشاركة الكاملة والشفافة وبحسن نية، دون شروط مسبقة، وإلى تقديم التنازلات اللازمة للمضي قدماً في عملية تقودها ليبيا وتمتلكها ليبيا، بتيسير من بعثة الأمم المتحدة”.
ورغم مرور أكثر من أسبوعين على إعلان هذه الخطة، لم تحدد البعثة الأممية بعد موعداً دقيقاً لبدء تنفيذها، ما أثار تساؤلات في الأوساط السياسية والمجتمعية الليبية. ورداً على هذه التساؤلات، لجأت البعثة إلى نشر تدوينات عبر منصاتها الرقمية لتوضيح بعض النقاط، حيث أشارت في أحدث منشور لها السبت، إلى أن الخطة لا تتضمن تواريخ محددة، لأنها ترتبط بتوافر الإرادة السياسية ودعم الليبيين، لافتة إلى أن تطبيقها سيمتد على مدى 12 إلى 18 شهراً عبر مراحل متسلسلة، بحيث يتيح نجاح كل مرحلة الانتقال إلى التالية، وصولاً في نهاية المطاف إلى تنظيم الانتخابات الوطنية والقبول بنتائجها.
وفي رد على أسئلة أخرى تطالبها باستبدال الأجسام السياسية الحالية بالاستناد إلى صلاحياتها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أكدت البعثة أنها لا تملك سلطة فرض الحكومات أو إقالتها، وأن دورها يقتصر على دعم الليبيين في تجاوز الانسداد السياسي وإجراء انتخابات وطنية شاملة تستعيد الشرعية وتوحد مؤسسات الدولة، موضحة أن ولايتها تنبع من قرارات مجلس الأمن المنبثقة من الفصل السادس، والذي يركز على التسوية السلمية للنزاعات، مع الإشارة إلى أن ليبيا تندرج تحت الفصل السابع في مجالات محدودة فقط، مثل حظر الأسلحة والتدابير المالية الخاصة بتجميد الأصول السيادية ومنع السفر. وفي منشورات أخرى، أكدت البعثة أنها ستطلع مجلس الأمن الدولي على التقدم المحرز في تنفيذ خارطة الطريق كل شهرين، وأنها “لن تتردد في تسمية المعرقلين والمطالبة بمحاسبتهم”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس