أفريقيا برس – ليبيا. صوّت مجلس النواب الليبي، الثلاثاء، لصالح سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة وإعادة صلاحيات القائد الأعلى للجيش إلى رئيس المجلس عقيلة صالح.
وبهذه الخطوة، يسحب المجلس الاعتراف بالاتفاق السياسي الموقع في المغرب عام 2015 ونتائج ملتقى الحوار السياسي الموقع في جنيف عام 2021.
وعقب جلسة لمجلس النواب في مقره بمدينة بنغازي (شرق)، قال المتحدث باسمه عبد الله بليحق، في بيان، إن المجلس “صوّت اليوم الثلاثاء بالإجماع على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية التي جاءت بالمرحلة التمهيدية”.
وبهذا التصويت، اعتبر المجلس وفق بليحق أن “حكومة أسامة حماد هي الحكومة الشرعية حتى اختيار حكومة موحدة”.
ولم يتوفر على الفور تعقيب من الدبيبة، الذي سبق أن رفض خطوة مماثلة من جانب مجلس النواب.
ومنذ مارس/ آذار 2022 توجد حكومتان، إحداهما تحظى باعتراف دولي وأممي وهي حكومة الوحدة ومقرها العاصمة طرابلس وتدير منها غرب البلاد بالكامل.
أما الحكومة الثانية فكلفها مجلس النواب، وهي حكومة أسامة حماد، ومقرها في مدينة بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.
وعمَّق وجود الحكومتين أزمة سياسية يأمل الليبيون حلها عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها منذ سنوات وتحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.
وانبثقت حكومة الوحدة كسلطة تنفيذية لفترة تمهيدية عن ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عُقد برعاية الأمم المتحدة بجنيف في 5 فبراير/ شباط 2021.
لكن مجلس النواب سحب اعترافه بهذه الحكومة في 21 ديسمبر/ كانون الأول من العام ذاته؛ ما يعني أن إجراء اليوم هو الثاني من نوعه من جانب المجلس.
وفي 10 فبراير/ شباط 2022، كلّف مجلس النواب فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة نالت ثقة نوابه في مارس من العام ذاته، بينما رفض الدبيبة سحب الثقة منه.
ولاحقا، أوقف مجلس النواب باشاغا عن العمل، وكلف وزير المالية أسامة حماد في 16 مايو/ أيار 2023 برئاسة الحكومة.
المرحلة التمهيدية
وخلال ترأسه الجلسة، قال صالح إن “المرحلة التمهيدية التي جاءت بالمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية انتهت بانتهاء المدد المحددة لها”.
ويختلف الليبيون حول هذه المدة، إذ ينص اتفاق جنيف لعام 2021، الذي جاء بالمجلس والحكومة، على أن مهمتهما تنتهي بإجراء انتخابات عامة في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021.
وبسبب عدم إجراء الانتخابات، تقول أطراف ليبية إن مدة ولاية المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة لم تنته، فيما ترى أطراف أخرى إن عدم إجراء الانتخابات في ذلك التاريخ لا يعني عدم انتهاء ولايتهما.
وتابع صالح: “من الضروري إعادة النظر في اتفاق جنيف للمرحلة التمهيدية، لا سيما وأنه لم يُضَّمن في الإعلان الدستوري الذي يعتبر السند لكل السلطات”.
وأردف: “يجب تقسيم ليبيا لمحافظات، ولا أجد غير تقسيم الثروة بين الأقاليم حلا للأزمة في ليبيا ينهي حالة الاشتباك”.
ويشير صالح بذلك إلى خلافات بين أطراف النزاع حول إيرادات النفط، وهي أموال تطالب أطراف ليبية بتوزيعها على جنوب وشرق وغرب البلاد بالتساوي.
القائد الأعلى للجيش
وحسب بليحق، فإن مجلس النواب اعتبر في جلسته الثلاثاء أن “القائد الأعلى للجيش هو رئيس مجلس النواب، كما جاء بالإعلان الدستوري وقرار مجلس النواب بالخصوص”، على حد قوله.
وفي ليبيا يعد رئيس مجلس النواب هو القائد الأعلى للجيش، لكن الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015 أعطى هذه الصفة للمجلس الرئاسي.
وعقب الجلسة البرلمانية، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري رفضه سحب صلاحيات القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي (برئاسة محمد المنفي).
وقال المشري، في بيان، إن تعديلات جرت على الإعلان الدستوري تنص على أن “يكون المجلس الرئاسي هو الجهة التي تمارس صلاحيات القائد الأعلى”.
وشدد على أن “ما اتُخذ من قرار في مجلس النواب بشأن سحب صفة القائد الأعلى للجيش يعتبر باطلا؛ لمخالفته المادة 12 من الأحكام الإضافية للاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات عام 2015”.
وهذه المادة تنص على أنه “في حال اقتضى الأمر إجراء تعديل لاحق للإعلان الدستوري يمس الاتفاق أو أحد المؤسسات المنبثقة عنه بشكل مباشر أو غير مباشر، يلتزم مجلس النواب ومجلس الدولة بالتوافق فيما بينهما على صيغة هذا التعديل”.
ولم يتوفر على الفور تعقيب من رئيس المجلي الرئاسي على قرار مجلس النواب بشأن سحب صلاحيات القائد الأعلى للجيش.
زيارة حماد لمصر
وتأتي هذا التطورات الليبية بعد يومين من استقبال مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية لحماد في مدينة العلمين (شمال) الأحد، خلال أول زيارة رسمية خارجية له.
وانتقدت خارجية حكومة الوحدة، عبر بيان في اليوم ذاته، هذه الخطوة من جانب القاهرة، معتبرة أنها “خروج عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والاحتراب”.
وتوترت العلاقات بين مصر وحكومة الوحدة الليبية، إذ تعتبرها القاهرة “فاقدة للشرعية” منذ تعيين مجلس النواب حكومة باشاغا.
لكن في 4 يوليو/ تموز الماضي، زار الدبيبة القاهرة واتفق مع مدبولي على تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، وتفعيل الربط الكهربائي، حسب بيان ليبي آنذاك.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس