أفريقيا برس – ليبيا. عادت مسألة الانفلات الأمني في غرب ليبيا إلى الواجهة مجدداً، بعد ساعات من اشتباكات مسلّحة محدودة في مدينة العجيلات، وسط تضارب حول اختطاف مسؤول حكومي بارز بمدينة الخُمس، في مشهد يعكس استمرار هشاشة الوضع الأمني في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وشهدت مدينة العجيلات، الواقعة نحو 80 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس، مساء السبت، توتراً أمنياً عقب تنفيذ «قوة دعم المديريات» بالمنطقة الغربية عملية قبض على أحد المطلوبين، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة في شارع الحمام السياحي بين عناصر القوة ومجموعات مسلحة محلية.
ووفق شهود عيان، سمع دوي أسلحة متوسطة وانفجارات ناجمة عن إطلاق قذائف في أرجاء المدينة، تزامناً مع تحركات لآليات مسلحة وسط الأحياء السكنية. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن مقر جهاز دعم المديريات بالعجيلات تعرض لهجوم بقاذف «آر بي جي»، ما تسبب في أضرار مادية دون ورود تقارير مؤكدة عن خسائر بشرية حتى اللحظة.
وفي السياق نفسه، نظم طلاب مدرسة الطليعة بمدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، الأحد، وقفة احتجاجية داخل المدرسة، استنكاراً لمقتل أحد زملائهم جراء سقوط قذيفة عشوائية على أحد أحياء المدينة، وطالبوا النائب العام بالتحقيق في الحادثة ومحاسبة الجناة، مؤكدين رفضهم استمرار العنف والانقسام السياسي الذي يدفع ثمنه الأبرياء من المدنيين والأطفال.
وفي حادثة منفصلة، تضاربت الأنباء مساء السبت حول حادثة اختطاف مدير عام مركز طب الطوارئ والدعم، الدكتور طارق الهمشري، وأربعة من مرافقيه، أثناء مرورهم على طريق مدينة الخمس شرق العاصمة طرابلس، ما بين تأكيد رسمي بالاختطاف ونفي لاحق من المركز ذاته.
وأعلن المجلس الاجتماعي لمنطقة «سوق الجمعة والنواحي الأربعة» في طرابلس الإفراج في ساعة متأخرة من مساء السبت عن الهمشري ومرافقيه، قبل انتهاء مهلة الـ24 ساعة التي كان قد منحها للخاطفين، معلناً دخوله في حالة انعقاد دائم حتى إطلاق سراحه ومرافقيه، قبل اتخاذ ما وصفه بـ«خطوات حاسمة ومسؤولة»، محذراً من أي محاولة للمساس بأمن المواطنين في العاصمة.
وبينما أكد مالك مرسيط، المتحدث باسم المركز، اختطاف الهمشري وأربعة من مرافقيه من قِبَل مجموعة مسلحة أثناء مرورهم على طريق مدينة الخمس شرقي طرابلس، نفى المركز أنباء الاختطاف، مؤكداً أن مديره كان في زيارة ميدانية تفقدية لعدد من النقاط التابعة للمركز في مناطق نائية وخارج نطاق التغطية، وهو ما أدى إلى انقطاع الاتصال به مؤقتاً، ففسره البعض خطأً على أنه حادث اختطاف.
واعتبر مراقبون أن التباين في هذه الروايات الرسمية يعكس حالة الارتباك الأمني والإعلامي التي تشهدها مناطق سيطرة حكومة «الوحدة»، في ظل تكرار حوادث الاحتجاز والاشتباكات المسلحة.
وانتقدت وسائل إعلام محلية ما وصفته بـ«الانفلات الأمني المتزايد» في الغرب الليبي، مشيرة إلى تكرار حوادث الاختطاف والاشتباكات بين تشكيلات مسلحة تتبع ظاهرياً وزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الدبيبة، لكنها تعمل في الواقع بشكل مستقل عن القيادة المركزية.
في المقابل، أشاد المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» المتمركز في شرق البلاد، بما وصفه بـ«الدور الوطني البارز» الذي تضطلع به قبائل فزان في دعم مسيرة الأمن والاستقرار، مؤكداً تطلعه إلى مساهمتهم الفاعلة ضمن حراك وطني منظم يهدف إلى معالجة الأزمة السياسية من جذورها، ورسم خريطة طريق نابعة من إرادة الشعب الليبي نحو مستقبل مزدهر يحقق تطلعات المواطنين.
واعتبر حفتر خلال لقائه، الأحد، مع وفد من مشايخ وأعيان وحكماء قبائل فزان، بحضور نجليه الفريق خالد رئيس أركان الجيش، وبالقاسم «مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، بالإضافة إلى رئيس الحكومة أسامة حماد، أن المرحلة المقبلة تتطلب وحدة الصف وتكاتف الجهود الوطنية لبناء دولة قوية ومتماسكة.
ونقلت القيادة العامة عن المشايخ والأعيان «تقديرهم الكبير للجيش في حفظ الأمن وتعزيز الاستقرار في مختلف مناطق الجنوب»، مؤكدين «دعمهم المستمر له ولمسيرة المؤسسة العسكرية، ومشيدين بجهوده في تعزيز المصالحة الوطنية ولمّ الشمل».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس