أفريقيا برس – ليبيا. تعاني ليبيا من انتشار «السلاح غير المشروع» بشكل لافت، منذ رحيل الرئيس الراحل معمر القذافي، في وقت ترى فيه الأمم المتحدة أن هذه المعضلة «تكرّس حالة عدم الاستقرار، وتطيل أمد النزاعات في البلاد».
وأمام هذه الفوضى المسلّحة، جددت ليبيا – بحسب بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة – تأكيدها على أن انتشار هذا النوع من الأسلحة «يشكل تحدياً خطيراً لأمنها واستقرارها؛ ويسهم في إطالة أمد النزاعات وتهديد السلم المجتمعي».
وقالت البعثة في بيان، مساء الاثنين، إن مواجهة هذه الظاهرة «تتطلب تعاوناً دولياً صادقاً، يقوم على الثقة المتبادلة وتبادل المعلومات والخبرات، ودعم الدول المتضررة في مراقبة حدودها وضبط عمليات التهريب».
وتشير تقديرات أممية إلى أن في ليبيا أكثر من 20 مليون قطعة سلاح، موزعة على مجموعة متنوعة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، لكن مسؤولاً أمنياً بشرق ليبيا يرى أن «السلاح السائب في مناطق غرب ليبيا، القادم عبر الحدود، ربما يتجاوز ذلك راهناً».
ويرى المسؤول الأمني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الرصد الأممي للسلاح في ليبيا «كان قبل اندلاع الحرب السودانية، ووقوع انقلابات عسكرية في دول الجوار الأفريقي، مما نمّى شبكات تهريب السلاح عبر هذه الدول، استفادت منها كثير من الأطراف الليبية، الأمر الذي يطيل أمد الأزمة».
ومنذ اندلاع الفوضى الأمنية التي ضربت ليبيا لم تعد «الأسلحة غير المشروعة» حكراً على المؤسسات العسكرية، بل توزعت بين ميليشيات وقوات محلية، وحتى بعض المدنيين، وارتبطت هذه الظاهرة المعقدة بالهشاشة السياسية، والاقتصاد غير الرسمي، الذي يربط بين تهريب السلاح والأسواق السوداء.
في هذا السياق، شدد السفير عصام عمران بن زيتون، عضو الوفد الدائم لليبيا لدى الأمم المتحدة، في الكلمة التي ألقاها أمام اللجنة المعنية ببرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والخفيفة، على أن هذه الظاهرة تحتاج إلى تكاتف دولي، معبراً عن دعم ليبيا لما ورد في بيان «المجموعة العربية» بهذا الشأن.
وفي كلمة بن زيتون، التي نقلتها بعثة ليبيا الدائمة لدى الأمم المتحدة، أشار إلى أن مكافحة الاتجار غير المشروع بالأسلحة «يجب ألا تمسّ الحق السيادي للدول في امتلاك الأسلحة التقليدية للدفاع المشروع عن النفس، وفقاً للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة». وشدد على «ضرورة ربط برامج مكافحة الاتجار بالأسلحة بجهود التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف السادس عشر، المتعلق بالسلام والعدالة والمؤسسات القوية».
واختتم بن زيتون بتجديد التزام ليبيا بـ«العمل مع جميع الشركاء الدوليين من أجل بناء عالم أكثر أمناً واستقراراً، خالٍ من تدفق الأسلحة غير المشروعة، التي تهدد الأمن والتنمية».
في سياق ذلك، حذر محللون ليبيون من أن أي محاولة لإعادة ضبط الأمن دون استراتيجية شاملة لإزالة السلاح من أيدي الجماعات المسلحة «ستبوء بالفشل، ما يجعل ليبيا مهددة بتكرار سيناريو النزاعات الدموية لفترات طويلة».
وسبق أن اعتبر تقرير أميركي أن ليبيا «باتت محطة رئيسية لتهريب السلاح إلى دول بالساحل الأفريقي». ورأت مجلة «منبر الدفاع الأفريقي»، الصادرة عن القيادة العسكرية الأميركية لقارة أفريقيا «أفريكوم»، في تقرير نشرته منتصف أبريل (نيسان) 2024، أن السلاح يمر عبر ليبيا إلى الجزائر والنيجر، وصولاً إلى مناطق الصراع في غرب أفريقيا.
وخلال العقد الماضي، وصفت ليبيا بأنها أكبر سوق مفتوحة لتجارة السلاح، نتيجة الانفلات الأمني في البلاد، وصعوبة السيطرة على الحدود المترامية.
وسبق لبوب سدون، المسؤول بدائرة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الألغام (أنماس)، القول إن ليبيا «تضم أكبر مخزون في العالم من الأسلحة غير الخاضعة للرقابة، حيث تقدر ما بين 150 ألف طن، و200 ألف طن في جميع الأنحاء». وقال إنه «لم ير مثل هذا الكم الهائل من الأسلحة في أي بلد آخر، خلال 40 عاماً من حياته العملية».
وتقول وزارات الداخلية التي تعاقبت على ليبيا منذ اندلاع «ثورة» 17 فبراير (شباط) عام 2011، إنها تواجه «تحديات جمة» للتغلب على هذه الظاهرة، من بينها انتشار الجريمة المنظمة، وانتشار السلاح خارج سيطرة الدولة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





