أفريقيا برس – ليبيا. التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والشرق الأوسط مسعد بولس، في حضور وزير الخارجية والهجرة بدر عبد العاطي، ورئيس المخابرات العامة حسن رشاد، وسفيرة الولايات المتحدة في القاهرة هيرو مصطفى، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شمال أفريقيا غوشوا هاريس. وحسب بيان للرئاسة المصرية، تناول اللقاء الذي عقد في القاهرة مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وسبل استعادة الاستقرار الإقليمي، إذ شدد السيسي على أهمية العمل على الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وثمن السيسي الجهود المشتركة بين الولايات المتحدة ومصر وقطر في ملف الوساطة، وحرص القاهرة على استمرار التنسيق الثلاثي في المرحلة المقبلة وصولاً إلى اتفاق وقف إطلاق النار. بدوره، ذكر بولس أن الولايات المتحدة “حريصة على استمرار الجهود المشتركة مع مصر من أجل استعادة الهدوء الإقليمي في المنطقة، بصورة تخدم مصالح جميع الأطراف”. وأشار السيسي إلى “عمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وحرص بلاده على تعزيزها في المجالات كافة، بما يتفق مع مصالح الدولتين”.
وتطرق اللقاء إلى الأوضاع في ليبيا، وكيفية استعادة الاستقرار في الأراضي الليبية، مع تبني مصر الحل الليبي – الليبي. وأكد السيسي أن مصر “كانت ولا تزال الأكثر تضرراً من حالة عدم الاستقرار في ليبيا، والأكثر حرصاً على دعم خطوات التسوية السياسية المطروحة بالملف الليبي”.
وجدد الرئيس المصري مطالب بلاده بشأن التوافق على “تشكيل حكومة موحدة تحظى بالمصداقية لدى الليبيين، بدعم سياسي من مجالس النواب والأعلى للدولة والرئاسي، بحيث تكون مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن”.
وعن الأوضاع في لبنان والسودان واليمن، جدد الطرفان أهمية حماية الاستقرار في الدول الثلاث، والحفاظ على مقدراتها وصون أراضيها وسيادتها. كذلك تناول اللقاء الأوضاع في القارة الأفريقية، بما في ذلك منطقتا القرن الأفريقي والساحل، وجهود تثبيت دعائم الاستقرار في دول المنطقتين، وتعزيز أدوار الحكومات ومؤسسات الدولة تحقيقاً لمصالح شعوبها.
ويوم الاثنين الماضي، نفذت قوات وزارتي الدفاع والحكومة في ليبيا عملية عسكرية أطاحت جهاز دعم الاستقرار، أكبر المجموعات المهيمنة على المشهد في العاصمة طرابلس منذ نحو عقد، بعد مقتل قائد الجهاز عبد الغني الككلي في ظروف غامضة. وعقب العملية، أصدرت الحكومة الليبية جملة من القرارات لإزاحة عدد من الشخصيات المرتبطة بجهاز دعم الاستقرار من وظائفها في المؤسسات الأمنية، ومن بينها قرار بحل الجهاز، إلا أن الأخير رفض القرار، وبادر بالهجوم على مقار “اللواء 444 قتال” التابع لوزارة الدفاع لاستعادة مقاره، ليل الأربعاء.
وفي الأيام الأخيرة، توسعت رقعة المواجهات بين الطرفين، وعمت أغلب أحياء العاصمة الليبية. وطالبت بعض التظاهرات برحيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إثر تحميلها مسؤولية المواجهات الدامية التي شهدتها البلاد.
رئيس المخابرات المصرية يبحث مع مسعد بولس التطورات في ليبيا والسودان
وفي السياق، التقى رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط والشؤون العربية، مسعد بولس، في لقاء تناول عدداً من الملفات الإقليمية ذات الأولوية، وعلى رأسها الأوضاع في ليبيا والسودان. وبحسب ما ذكرت مصادر مطلعة، فقد ناقش الجانبان تطورات الوضع الأمني والسياسي في العاصمة الليبية طرابلس، وسبل احتواء التصعيد المتكرر بين الفصائل المسلحة، وسط تأكيد على ضرورة الدفع نحو تسوية سياسية شاملة تعيد الاستقرار إلى البلاد. كما تطرقا إلى آليات دعم المسار الليبي-الليبي، وجهود توحيد المؤسسات الليبية، بالتوازي مع رفض أي تدخلات خارجية تعمّق الانقسام أو تؤجج الصراع.
وتأتي هذه التحركات في ظل قلق مصري متصاعد من تأثير الاضطرابات في الغرب الليبي على الأمن القومي، خاصة في ظل الانقسام المؤسسي الحاد، ووجود مجموعات مسلحة غير منضبطة قرب مناطق النفوذ الإقليمي. وشهد اللقاء كذلك بحث تطورات الأزمة السودانية، في ضوء التدهور الإنساني والعسكري المتواصل، حيث جرى التأكيد على أهمية الدفع باتجاه حل سياسي شامل يضمن وقف القتال، ويعيد بناء مؤسسات الدولة، بما يحقق تطلعات الشعب السوداني في الأمن والسلام. وشدد رشاد وبولس على ضرورة الدفع باتجاه تسوية سياسية شاملة، تضع حداً للحرب وتسمح بعودة النازحين، وإعادة بناء مؤسسات الدولة. وأكد اللواء رشاد أن مصر حريصة على منع تفكك السودان أو تحوّله إلى ساحة صراع إقليمي ودولي مفتوح، ما يستدعي تنسيقاً واسعاً مع الأطراف الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، من أجل احتواء الأزمة.
ويأتي هذا اللقاء في سياق تنسيق مصري-أميركي أوسع بشأن القضايا الإقليمية الساخنة، وسط جهود مشتركة لإعادة الاستقرار إلى مناطق النزاع في القارة الأفريقية، خاصة تلك التي تُعد ذات تأثير مباشر على الأمن القومي المصري والمصالح الأميركية في المنطقة. وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن زيارة مسعد بولس للقاهرة تعكس اهتمام الإدارة الأميركية بإشراك مصر، باعتبارها فاعلاً محورياً في المنطقة، في بلورة مقاربات مشتركة للتعامل مع الأزمات المتصاعدة في ليبيا والسودان، إضافة إلى ما يجري في قطاع غزة ومنطقة القرن الأفريقي. ويُتوقّع أن تتواصل المشاورات بين الجانبين في الأسابيع المقبلة، سواء على المستوى الأمني أو السياسي، في إطار جهود مشتركة لإرساء حالة من الاستقرار الإقليمي، ومنع تمدد الفوضى في جوار مصر الاستراتيجي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس