اعتمد مجلس الأمن الدولي، الاثنين، قرارا بتمديد العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا حتى 15 فبراير 2020، وجاء القرار مع تصاعد المطالب من سلطات الشرق والغرب برفع الحظر عن التسلح والأموال المجمدة.
وخلال جلسة للمجلس، حصل القرار، الذي صاغته بريطانيا، على موافقة 13 دولة (من أصل أعضاء المجلس الـ15)، فيما امتنعت دولتان عن التصويت. واعتبر القرار الدولي، وهو رقم 2441، أن الوضع في ليبيا بمثابة تهديد للسلم والأمن الدوليين.
وأدان القرار “محاولات تصدير النفط غير المشروعة من ليبيا، بما في ذلك من خلال المؤسسات التي لا تتصرف تحت سلطة حكومة الوفاق الوطني (المعترف بها دوليا)”.
ونص القرار على “تمديد التدابير المتعلقة بالسفن، التي تنقل أو توزع النفط الليبي (غير المشروع)، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المتكررة، حتى 15 فبراير 2020”. كما نص على تمديد “ولاية فريق الخبراء، المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 1973 (لعام 2011) حتى 15 فبراير 2020”.
وتبنى القرار 1973 حزمة قوية من العقوبات على ليبيا، بينها: فرض حظر جوي على البلد العربي، بهدف حماية المدنيين، مع استثناء رحلات الإمدادات الإنسانية. وطالب ذلك القرار كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعدم السماح لأي طائرة ليبية، بما فيها الرحلات التجارية، بالهبوط أو الإقلاع من أراضيها.
كما فرض حظرا على تصدير السلاح إلى ليبيا، وتجميد الأصول المالية والموارد الاقتصادية التي يملكها أو يديرها نظام الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي (1969-2011). وشمل القرار أيضا تجميد أصول المؤسسة الوطنية للنفط الليبية والبنك المركزي الليبي. وكان رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج قد دعا مطلع الأسبوع خلال لقائه بلجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن، إلى مراجعة شاملة للعقوبات الدولية المفروضة على ليبيا، والوقوف على مدى الجدوى من استمرارها.
ووصف السراج العقوبات الدولية بأنها تمثل العائق أمام دوران عجلة الاقتصاد وانطلاق عملية التنمية، مطالبا بإدارة الأموال المجمدة بالخارج، وليس رفع التجميد عنها، حتى يتسنى لحكومته الإيفاء بالتزاماتها.
وشدد السراج على أهمية مثل هذه اللقاءات في تبادل وجهات النظر والوقوف على حقيقة المرحلة الحساسة التي تمر بها ليبيا، والأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية فيها، وما يعانيه الليبيون جراء هذه الأوضاع.
القرار يدين “محاولات تصدير النفط غير المشروعة من ليبيا، بما في ذلك من خلال المؤسسات التي لا تتصرف تحت سلطة حكومة الوفاق الوطني”
وعلى الصعيد الأمني تحدث السراج عن الترتيبات الأمنية التي انطلقت مراحلها في طرابلس الكبرى والمقرر امتدادها لتشمل مدنا أخرى، وجدد مطالبته برفع جزئي لحظر توريد السلاح إلى ليبيا من أجل دعم هذه الجهود، ومكافحة الاٍرهاب والهجرة غير الشرعية. وأوضح بأن هناك من يقدم السلاح والمال بطرق غير شرعية، في حين تفرض القيود على الحكومة، مستشهدا بتقارير لجنة العقوبات التي قال إنها “خير شاهد على الخروقات التي وقعت خلال السنوات الأخيرة”.
ويواجه المجلس الرئاسي المتحالف مع أكبر الميليشيات المسيطرة على طرابلس، محاولات مستمرة من قبل ميليشيات موالية للمفتي المعزول الصادق الغرياني والمؤتمر المنتهية ولايته، لطردها من العاصمة.
وبدورهم دعا سياسيون موالون للجيش مجلس الأمن إلى رفع حظر التسليح عن القوات المسلحة التي يقودها المشير خليفة حفتر.
وكان عضو مجلس النواب صالح افحيمة قد بعث برسالة للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة طالبه من خلالها بمساعدة الجيش على رفع حظر التسليح المفروض عليه.
وقال عضو مجلس النواب عن دائرة خليج السدرة، إنه يعوّل على دور واضح للمبعوث الأممي “في رفع حظر التسليح عن الجيش الذي قارع الإرهاب بأقل الإمكانات وانتصر عليه بفضل إرادة منتسبيه والدعم والالتفاف الشعبي حوله”.
وفي أغسطس الماضي ناشد الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، روسيا بالتدخل لرفع حظر التسليح وإجراء الانتخابات في الموعد الذي تمّ تحديده في مؤتمر باريس.
ويتزامن قرار مجلس الأمن بتمديد العقوبات على ليبيا مع جدل في أوروبا بشأن اختفاء الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا وسط حديث عن توجيهها لدعم ميليشيات.
وعادت القضية إلى واجهة الأحداث في أوروبا بعدما كانت قد أثيرت في مارس الماضي، عقب تحقيق صحافي بلجيكي نشر الأسبوع الماضي كشف تورط بروكسل في دعم ميليشيات ليبية من تلك الأموال.
وتتفاعل القضية منذ أيام وسط صمت رسمي ليبي. وأعرب تحالف القوى الوطنية عن استغرابه ومخاوفه من صمت حكومة الوفاق الوطني وإنكار المؤسسة الليبية للاستثمار، للتقارير المتعلقة بمصير الأصول الاستثمارية الليبية في مؤسسة يوروكلير، وكذلك تجاهل مجلس الأمن الدولي الذي تندرج مسألة تجميد الأصول الاستثمارية الليبية وسلامتها تحت طائلته بموجب قراراته الصادرة وعلى رأسها قرارا 1970 و1973 لسنة 2011 وتعديلاتهما اللاحقة.
وقال تحالف القوى الوطنية، في بيان صادر عنه مساء الاثنين، إن التقارير والمعلومات الواردة تفيد بحجز على أصول ليبية أقره مكتب النائب العام البلجيكي في شهر أكتوبر 2017 وبفتح تحقيق قضائي بشأن شبهات جنائية، كما أفادت باختفاء أو خروج هذه الأصول خارج مؤسسة يوروكلير، معبرا عن أسفه لموقف المؤسسة الليبية للاستثمار التي لم تتقدم بأي توضيحات في الخصوص بعد مضي عام كامل على التحقيق.