أفريقيا برس – ليبيا. عاد فرقاء ليبيا الأربعاء إلى مدينة بوزنيقة شمال المغرب بحثا عن توافقات تقود إلى انتخابات تنهي أزمة ازدواجية مؤسسات السلطة في بلدهم الغني بالنفط، لا سيما في ظل رياح دولية تبدو مواتية.
وسبق أن احتضنت مدن بوزنيقة والصخيرات وطنجة شمال المغرب جولات من حوار بين المجلس الأعلى للدولة الليبي (نيابي- استشاري) ومجلس نواب بطبرق (شرق).
كما احتضنت العاصمة المغربية الرباط لقاءات أخرى، لتوحيد مجلس النواب بشقيه طرابلس وطبرق.
والأربعاء، بدأ ممثلون ليبيون عن مجلسي النواب والأعلى للدولة اجتماعا تشاوريا في بوزنيقة يستمر يومين.
ويأتي الاجتماع عقب إعلان القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري، خلال إحاطتها بمجلس الأمن مساء الاثنين، عن مبادرة جديدة لحل الأزمة.
وقالت خوري إن أولوياتها “تشكيل حكومة موحدة تعمل لصالح جميع الليبيين”.
ويهدف التحرك الأممي الجديد إلى تمكين الليبيين من إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تحل أزمة الصراع بين حكومتين.
وتوجد في ليبيا حكومتان، إحداهما عيَّنها مجلس النواب مطلع 2022 برئاسة أسامة حماد ومقرها مدينة بنغازي (شرق)، وتدير منها كامل شرق البلاد ومعظم مدن الجنوب.
والحكومة الأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس (غرب)، وتدير غرب البلاد كاملا.
ويأمل الليبيون أن تؤدي انتخابات طال انتظارها إلى وضع حد للصراعات السياسية والمسلحة، وإنهاء الفترات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).
مسعى جديد
وخلال الاجتماع التشاوري الأربعاء، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إن “لقاء بوزنيقة يهدف للوصول إلى انتخابات لإنهاء ازدواجية المؤسسات الليبية”.
وأضاف أن ليبيا في حاجة إلى دعم دولي للوصول إلى حكومة وحدة وطنية، لمواكبة إرادة الشعب لإنهاء الانقسام.
بوريطة شدد على أن “الحل يجب أن يكون ليبيًا ليبيًا، وليس هناك حل يأتي من خارج ليبيا”.
وأضاف أن الاجتماع يأتي في سياق دولي معقد، ووضع صعب تمر فيه المنطقة العربية.
وزاد بأن “استحضار روح الوطن والوطنية من طرف الليبيين مكنَّهم من التوصل في أوقات سابقة إلى تفاهمات في المغرب”.
المشاورات الأولى
تعود أولى المشاورات الليبية في المغرب إلى عام 2015، حين وقع طرفا النزاع في 17 ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام اتفاقا سياسيا في مدينة الصخيرات، برعاية الأمم المتحدة، في محاولة لإنهاء سنوات من الصراع المسلح.
ونتج عن الاتفاق تشكيل مجلس رئاسي يقود الحكومة، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب وإنشاء مجلس أعلى للدولة.
ويعود آخر اجتماع للفرقاء الليبيين في المغرب إلى يونيو/حزيران 2023، حين زار رئيسا مجلس النواب عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة خالد المشري المملكة على هامش اجتماعات لجنة (6+6) المشتركة بين المجلسين.
وتوصلت اللجنة إلى “توافق” بشأن قوانين الانتخابات، لكن خلافات متواصلة بين مؤسسات رسمية ليبية لا تزال تحول دون إجرائها.
واحتضن المغرب 6 جولات حوار بين الأطراف الليبية، مما ساهم في الوصول إلى “توافقات” على المسار المأمول لإنها الأزمة.
وفي 6 سبتمبر/ أيلول 2020، انطلقت جولات حوار بين وفدين من المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.
وعُقدت ثلاث جولات من الحوار في بوزنيقة، الأولى بين 6 و10 سبتمبر والثانية من 2 إلى 6 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020، أما الثالثة فبين 3 و5 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه.
فيما احتضنت طنجة جولة رابعة بين نهاية نوفمبر و2 ديسمبر 2020، وبحثت معايير اختيار شاغلي المناصب السيادية، وهو المحور الذي اقتصر عليه الحوار آنذاك.
ووفق المادة 15 من اتفاق الصخيرات، فإن المناصب السيادية هي محافظ المصرف المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا والنائب العام.
كما احتضنت طنجة جولة خامسة من الحوار الليبي بين 23 و28 نوفمبر 2020، وهو الاجتماع التشاوري لتوحيد مجلس النواب، بحضور أكثر من 120 نائبا من طرابلس وطبرق.
فيما احتضنت بوزنيقة الجولة السادسة، وتمثلت في اجتماع “لجنة 6+6” في يونيو 2023.
خطة أممية
وقبل عودة الفرقاء إلى المغرب، شهدت الساحة الدولية حراكا يدفع نحو إنهاء الأزمة الليبية، عبر خطة جديدة أعلنتها الأمم المتحدة.
وعن تفاصيل الخطة، قالت ستيفاني في إحاطتها لمجلس الأمن: “سيتم تشكيل لجنة استشارية محددة الزمن، للتمهيد لإجراء الانتخابات ومعالجة النقاط الخلافية بشأن قوانين الانتخابات”.
وأضافت أنها “ستتشكل من الشخصيات الليبية المرموقة مع احترام التنوع”، موضحة أن “اللجنة ليست لوضع قرارات، وإنما لتقديم استشارات”.
والثلاثاء، أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة دعمها الخطة الأممية الجديدة لحل الأزمة الليبية، ودعت جميع الأطراف إلى الانخراط فيها.
ورحبت هذه الدول في بيان مشترك، بـ”إحاطة خوري التي حددت فيها النهج المقترح من جانب البعثة الأممية لدفع العملية السياسية في ليبيا إلى الأمام”.
وقالت الدول الخمس: “ندعم بقوة الجهود الشاملة الهادفة إلى التوصل لاتفاق سياسي قادر على إنهاء مسار التفتت وتوحيد الحكومة”.
وأعربت عن دعمها “إنشاء مسار موثوق نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة ونزيهة، بما يتماشى مع التطلعات المشروعة للشعب الليبي”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس