أفريقيا برس – ليبيا. قال المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، إن خلال لقاءاته مع الأطراف الفاعلة في ليبيا ذكرهم بأن مسؤوليتهم الأخلاقية والسياسية هي العمل بفاعلية من أجل إعادة البلاد إلى السلام والاستقرار من خلال حل ليبي- ليبي للأزمة.
كما حثهم “على الدخول في حوار مع بعضهم داخل ليبيا، الأمر الذي من شأنه أن يبعث برسالة واضحة إلى الشعب بأنهم جادون في حل خلافاتهم. كما أنه يرسل رسالة جلية إلى المجتمع الدولي بأن الليبيين من جميع مناحي الحياة مستعدون لرسم مستقبلهم بأيديهم”.
وقال باتيلي إنه أوضح لهم أن الأمم المتحدة وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على استعداد لدعم هذه الاجتماعات بفاعلية، وأنني على استعداد لبذل مساعيّ الحميدة.
ولفت إلى أنه بعد مشاوراته مع عدة أطراف سياسية وممثلي عن المجتمع المدني في عدة مدن ليبية،لاحظ بأن هناك “اتفاق واسع النطاق بأن مؤسسات ليبيا تواجه أزمة شديدة تتعلق بالشرعية وبأن استعادة هذه الشرعية على وجه العموم أمر بالغ الأهمية. وهناك توافق أيضاً بشأن ضرورة تنسيق مبادرات دبلوماسية ثنائية ومتعددة الأطراف والتلاحم خلف جهود الأمم المتحدة”.
وشدد على أن “دعم هذا المجلس مجتمعاً في إبراز هذه الرسائل لدى جميع الأطراف المعنية سوف يكون محورياً إذا ما أردنا إحراز تقدم إلى الأمام”، وفق قوله.
وبين باتيلي في إحاطته، أمس الثلاثاء، إن “آمال الشعب في نيل السلام والاستقرار وإيجاد مؤسسات شرعية” تجلّت من خلال تواصله مع الليبيين، “غير إنه بات معروفاً وبشكل متزايد بأن بعض الجهات المؤسسية تعمل بالفعل على عرقلة عجلة التقدم نحو الانتخابات”. وأضاف أن “الإرادة السياسية الحقيقية لتلك الأطراف ينبغي أن تُمتحن على أرض الواقع مع اقتراب تاريخ 24 كانون الأول/ ديسمبر، الذكرى الأولى لتأجيل الانتخابات والذكرى السابعة لتوقيع الاتفاق السياسي الليبي”.
وشدد المبعوث الأممي على أن “إطالة أمد المرحلة الانتقالية من شأنه أن يجعل البلاد عرضة لانعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني ومن الممكن أن يهدد بانقسام البلاد”، مؤكدا بالقول :”يتوجب علينا أن نتعاضد في تشجيع القادة الليبيين على العمل بإصرار على إجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة”.
وحث في هذا السياق، مجلس الأمن “على إرسال رسالة لا لبس فيها إلى المعرقلين بأن أفعالهم لن تظل دون عواقب”
ورغم إقراره بتحسن الوضع الأمني، إلا أن باتيلي دعا جميع الأطراف إلى أن “تمتنع عن أية خطوات قد تقوض وقف إطلاق النار. وبهذا الصدد، حث مجلس الأمن على ضرورة “التأكيد لجميع الأطراف بأن اللجوء إلى العنف والترهيب لن يكون مقبولاً وبأن حل الأزمة الليبية ليس الحل العسكري، وبأن أساليب المماطلة لتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى لن يؤدي سوى إلى تفاقم الأزمة”.
وعبر عن شعوره بالقلق جراء عدم إحراز تقدم في تنفيذ خطة عمل اللجنة العسكرية المشتركة بشأن انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية، مؤكدا على ضرورة أن تعيد الأطراف الليبية التركيز على بدء عملية الانسحاب بموجب خطة العمل هذه.
غياب المساءلة وانعدام الشفافية
أما اقتصاديا، أكد المبعوث الأممي على أنه “لا يزال غياب المساءلة وانعدام الشفافية والمساواة في توزيع الثروات يشكل سبباً رئيسياً للاحتقان”، معربا عن ترحيبه بقرار المجلس عدد 2656 (2022) الذي نص على أهمية وضع آلية يقودها الليبيون تجمع الأطراف من جميع أنحاء البلاد لوضع أولويات الإنفاق وضمان إدارة عائدات النفط والغاز بشفافية وعدالة تحت رقابة ليبية ناجعة.
وضع حقوقي مبعثا للقلق
وقال باتيلي إن حالة حقوق الإنسان في ليبيا لازالت مبعثاً للقلق الشديد، حيث واصلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا توثيق حالات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد.
ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر، تناهى إلى علم البعثة أن عشرات المعتقلين في سجن معيتيقة دخلوا في إضراب عن الطعام احتجاجاً على ظروف احتجازهم. وقد رفضت السلطات إصدار “شهادات احتجاز” مما يحول دون تلقي العائلات لمخصصات ومرتبات أفرادهم المحتجزين، وفق باتيلي.
كما لفت إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان ضد المهاجرين وطالبي اللجوء في ظل الإفلات من العقاب، مؤكدا مجدداً على الحاجة الملحة إلى إيجاد بدائل للاحتجاز في كنف نهج قائم على الحقوق.
وأضاف السلطات الليبية لازالت تعترض سبيل المهاجرين واللاجئين الذين يعبرون طريق وسط البحر الأبيض المتوسط من ليبيا، ويتم إنزالهم في ليبيا وإرسالهم إلى مراكز الاحتجاز حيث يتعرّضون إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مناشدا في هذا السياق، السلطات الليبية والبلدان المجاورة إلى الالتزام بالمعايير الدولية المتعلقة بممارسات البحث والإنقاذ الآمنة وضمان إنزال الأشخاص الذين يتم اعتراضهم في مكان آمن.
وعلى الصعيد الإنساني، كشف باتيلي عن الانخفاض المُطّرد بنسبة 57 في المائة في عدد النازحين داخلياً في ليبيا وذلك منذ عام 2020، والذي وصل الآن إلى 134787 شخصاً، مشددا على تسريع الجهود التي تبذلها السلطات الليبية لإيجاد حلول دائمة لجميع النازحين داخلياً.
استمرار العنف ضد المرأة
وبين باتيلي أن المرأة الليبية مازالت تشعر بالقلق إزاء قدرتها على المشاركة بفعالية في الانتخابات المنتظرة كناخبة وكمترشحة على حد سواء، إضافة إلى استمرار العنف ضد المرأة عبر المنصات الافتراضية في الارتفاع في البلاد.
وفي هذا السياق، أكد دعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الفئات النسوية لقيادة حملة موحدة ضد هذا النوع من العنف، داعيا إلى بذل جهود متواصلة ومتسقة للنهوض بحقوق المرأة وإدراج هذه التدابير ضمن قوانين البلاد.
كما أعرب عن سعادته إلى المشاركة الفعالة والإيجابية للمرأة والشباب في حواري مع الليبيين على مستويات القواعد الشعبية.
وفي ختام إحاطته، أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا، سعي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في الأسابيع والأشهر المقبلة إلى تيسير حوار بين الفاعلين المؤسسيين الرئيسيين في ليبيا كخطوة نحو التغلب على خلافاتهم والمضي قدماً نحو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
وستعزز البعثة عملها أيضا، وفق باتيلي، مع الشرائح ذات الصلة من عموم المواطنين حيث يلزم الإصغاء إلى أصواتهم المشروعة، وستكون هذه الأصوات ذات أهمية قصوى في طريق حل هذه الأزمة.
وقال: “إن ما يصاحب هذه المساعي من دعم وضغط من هذا المجلس بصفة خاصة ومن المجتمع الدولي بصفة عامة، وبصوت موحد وفي ظل تنسيق أممي، من المرجح أن يثمر عن نتائج إيجابية”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس