أفريقيا برس – ليبيا. رحب قادة ليبيون بـ«خريطة الطريق» التي أعلنتها المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن، على أن «تنفذ عبر عملية تدريجية متسلسلة، وفق إطار زمني يتراوح ما بين 12 و18 شهراً»، وشريطة «توفر حسن النيات والتقارب بين الأطراف».
وقدمت تيتيه إحاطة أمام «مجلس الأمن»، مساء الخميس، اقترحت فيها خريطة مستندة إلى ثلاث ركائز أساسية، تشمل تنفيذ إطار انتخابي سليم من الناحية الفنية بهدف إجراء انتخابات عامة، وتوحيد المؤسسات من خلال «حكومة جديدة موحدة»، وحوار يتيح المشاركة الواسعة لليبيين لمعالجة القضايا المهمة.
وسارع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة المكلفة منه أسامة حمّاد، بالترحيب بـ«الخريطة»، وأبدى كل واحد منهم رأيه بشأن نقطة تميزها ورؤيته لجهة تنفيذها، في حين رأى عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، أنها تؤكد «ما سبق أن قاله بشأن القوانين الانتخابية».
من جهته، رأى المتحدث باسم البعثة، محمد الأسعدي، أن الخريطة «تمثل خطة متكاملة من خطوات متدرجة ومتزامنة، تهدف إلى إيصال ليبيا نحو انتخابات وطنية وتوحيد المؤسسات».
وقال الأسعدي في تصريح نشره موقع البعثة، الجمعة، إن المفاوضات الخاصة بتشكيل حكومة جديدة موحدة «لن تكون بالأمر اليسير، لكنها ضرورية وملحّة»، وأشار إلى أنه «لا يمكن فرض جدول زمني صارم لهذه الخطوة»، مبرزاً أن الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة «سيأتي بعد الانتهاء من الخطوة التأسيسية، المتمثلة في إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات، عبر استكمال تشكيل مجلس إدارتها، وضمان استقلاليتها المالية، وقدرتها التشغيلية»، إلى جانب «تعديل الأطر القانونية المنظمة للعملية الانتخابية، بحسب توصيات اللجنة الاستشارية بالخصوص، في غضون شهرين كحد أقصى».
وبيّن الأسعدي أن ما يميز هذه الخريطة هو «المشاركة الواسعة، وانخراط عدد كبير من الأطراف السياسية، بهدف تحقيق توافق ودعم قوي لأي حكومة مقبلة».
وأكدت تيتيه خلال عرض الخطوط العريضة لخريطة الطريق أنها تسعى إلى إنهاء المراحل الانتقالية، ومساعدة الليبيين على الدخول في مرحلة من الاستقرار واليقين. وشددت على أنه «لا يمكن تحديد إطار زمني غير واقعي»، لكنها رأت أن «فترة زمنية تتراوح بين 12 و18 شهراً كافية لتنفيذ خريطة الطريق، شرط توفر حسن النيات والتقارب بين الأطراف».
وانتهت تيتيه محذرة بأن «البعثة ستراقب أي محاولات لعرقلة التنفيذ»، مع «إمكانية لجوء مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على المعرقلين».
ورحب المنفي بـ«الجهود الصادقة» التي تبذلها المبعوثة الأممية، لا سيما في ما يتعلق بـ«قراءتها الدقيقة» للمشهد السياسي، وتأكيدها على «ضرورة وضع إطار زمني واضح، يُلزم المجلسين (البرلمان والأعلى للدولة) بالتوافق على معالجة ما تبقى من نقاط خلافية».
وقال المنفي عبر حسابه على منصة «إكس»: «لقد آن الأوان لإعطاء الشعب كلمة الفصل في تقرير مصيره، بداية بالاستفتاء على المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، وعلى المسار البديل في حال استمرار عدم التوافق بين المجلسين».
بدوره، رحب صالح بالدعوة التي وجهتها تيتيه إلى تشكيل «حكومة جديدة موحدة»، تتولى الإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، وعدّ ذلك «خطوة أساسية نحو توحيد السلطة التنفيذية، وتعزيز وحدة الصف»، مؤكداً «دعمه الكامل» لدعوة تشكيل الحكومة «بما يضمن توحيد مؤسسات الدولة، وصون السيادة الوطنية، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الأمن والتنمية والازدهار»، مذكّراً بأن حكومة حمّاد «هي الحكومة الشرعية المنبثقة عن مجلس النواب، والتي نالت ثقته».
من جانبها، أبدت حكومة حمّاد ترحيبها بـ«الخريطة الأممية» لجهة الدعوة إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة موحدة لكامل التراب الليبي «بما يضمن قيادة المرحلة المقبلة، وتوحيد المؤسسات العامة للدولة، وصولاً إلى إنجاز الاستحقاقات الانتخابية العامة والبلدية».
وجددت الحكومة «التزامها الثابت بمطالب الليبيين»، مؤكدة وقوفها مع «إرادة الشعب، الداعية إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة موحدة، بما يحقق تطلعاته في بناء دولة مستقرة، تقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة، من خلال انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة»، كما أكدت استعدادها للتعاون مع الأطراف الوطنية والدولية كافة «بما يخدم مصلحة ليبيا العليا، ويحفظ سيادتها واستقرارها».
من جهته، رأى الدبيبة أن «الخريطة الأممية» لامست ما كان يطالب به من قبل بخصوص القوانين الانتخابية، وقال موضحاً: «منذ البداية أكدتُ أن القوانين الانتخابية هي العائق الذي عطّل مسار الانتخابات منذ 2021، وكررتُ ذلك أكثر من مرة، واليوم جاءت إحاطة المبعوثة لتؤكد ما قلناه، وتجعل معالجة هذه النقطة أولوية أساسية للانطلاق، ضمن خريطة الطريق التي أُعلنت ملامحها المبدئية اليوم، وهو أمر نرحّب به وندعمه».
واعتبر الدبيبة أن أي خريطة طريق تدفع نحو الانتخابات، وتوحيد جميع المؤسسات دون استثناء «تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح»، وقال إن «الرهان الحقيقي يبقى على وعي الليبيين وإرادتهم الحرة، وهو ما نعمل على ترجمته عملياً عبر استعلام وطني شامل يضمن أن يكون صوت كل الليبيين حاضراً في هذا الاستحقاق».
وتحدث الدبيبة عما أسماه بـ«موقفه الثابت»، وقال إن «الذهاب المباشر إلى الانتخابات، على أساس قوانين قابلة للتنفيذ، هو الحل الوحيد لإنهاء الانقسام السياسي وتحقيق إرادة الليبيين»، معتبراً أن «التوافق على إنهاء الأجسام الموازية، وفق مرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه، أمر مرحّب به، ويدعم مسار التوحيد، لكنه لا يجب أن يكون ذريعة لتأخير الانتخابات، أو تعطيل إرادة الشعب».
وانتهى الدبيبة إلى أن «الليبيين يتطلعون إلى مجلس الأمن لمساندة مسار الانتخابات، ومحاسبة المعرقلين؛ حتى يكون صوت المجتمع الدولي داعماً لتطلعات شعبنا نحو دولة موحدة، مستقرة، مزدهرة، وحكومة يختارها بنفسه».
ولم يعلّق المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» على «الخريطة الأممية» حتى مساء الجمعة، لكن مقربين من سلطات شرق ليبيا يرون أن «تغيير السلطة التنفيذية في طرابلس هو الرهان الحقيقي، ومن ثمّ فإنها تدعم ما ذهبت إليه المبعوثة الأممية».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس