أفريقيا برس – ليبيا. عبرت منظمات دولية وأطراف ليبية داخلية عن قلقها إزاء التقارير التي تتحدث عن تحشيدات عسكرية وتصاعد التوترات في العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية، مشددة على ضرورة التهدئة الفورية ووقف أي أعمال استفزازية.
قلق واسع من تحشيدات عسكرية في مناطق مختلفة بالعاصمة الليبية طرابلس، التي شهدت في سنوات سابقة حروباً وتصعيدات مسلحة عنيفة أودت بحياة مئات الأشخاص، تحشيدات تأتي في وقت تحاول فيه البعثة الأممية، بدعم من المجتمع الدولي، إقناع الأطراف المتصارعة بالانخراط تحت مبادراتها.
ومنذ يومين، تتداول حسابات محلية ليبية، مقاطع فيديو لتحركات عسكرية داخل العاصمة وفي محيطها، وأصوات تسريح لأسلحة في محيط عدة معسكرات، ما أثار قلق المواطنين من اندلاع حرب أو تصعيد عسكري جديد.
وأثارت هذه التحشيدات قلقاً محلياً ودولياً، حيث أعربت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها إزاء التقارير المتعلقة بالتحشيد العسكري وتصاعد التوترات في طرابلس والمنطقة الغربية، حسب وصفها.
ودعت البعثة، في بيان لها، جميع الأطراف – بإلحاح – إلى تهدئة الوضع فوراً، والامتناع عن أي أعمال استفزازية، وحل النزاعات بالحوار.
كما أكدت البعثة دعمها للجهود الليبية، كالتي تقودها قيادات المجتمع المحلي، للتوصل إلى حل سلمي، مشددة على المسؤولية الحاسمة لجميع الأطراف في حماية المدنيين.
محلياً، أصدر حراك شباب طرابلس الكبرى بياناً حذر فيه من تحركات عسكرية تشهدها أطراف العاصمة، معتبراً أنها تهدف لفرض أمر واقع، وإشعال الحرب داخل المدينة.
وأكد البيان رفض الحراك لأي محاولات لزعزعة استقرار طرابلس، مشدداً على أن «المساس بأمن العاصمة خط أحمر»، ومتوعداً بالتصدي لأي تصعيد محتمل.
وحمّل الحراك المجلس الرئاسي مسؤولية ما وصفه بـ»الصمت المريب» تجاه هذه التحشيدات، داعياً إلى اتخاذ موقف واضح وحازم لوقف ما يحدث.
فيما أصدر شباب منطقة أبو سليم في طرابلس بياناً أكدوا فيه رفضهم القاطع لأي محاولات لجر العاصمة إلى أتون الصراع المسلح، على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي تنفذها أطراف من خارج المدينة. وأكد البيان وقوف شباب أبوسليم إلى جانب الأجهزة الأمنية في حماية العاصمة، مشددين على أنهم سيكونون في الصفوف الأمامية للدفاع عن منطقتهم ورفض تكرار مشاهد الفوضى والدمار.
وطالب البيان بوقف فوري لجميع مظاهر التحشيد العسكري داخل أحياء طرابلس، محملاً المجلس الرئاسي المسؤولية الكاملة عن حماية المدينة، داعين إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع الانزلاق نحو الفوضى.
واختتم البيان بالتأكيد على أن أمن طرابلس خط أحمر، وأن شباب أبو سليم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام أي تهديد لأمن العاصمة.
ويتزامن التوتر الأمني في العاصمة مع مساعي اللجنة الاستشارية المنبثقة عن البعثة الأممية نشر ملخص تنفيذي لمخرجات اللجنة على مراحل تبدأ بمشاركته مع الجهات الفاعلة قبل إتاحته للعامة، وفق ما نقلت قناة ليبيا الأحرار المحلية عن مصدر. ووفقاً للمصدر، قررت البعثة اعتماد اللجنة الاستشارية كلجنة دائمة يلجأ إليها للاستشارة كلما دعت الحاجة دون تحديد مدة أو مهام ثابتة لها.
وأعلنت البعثة، الأسبوع الماضي، اختتام اللجنة الاستشارية أعمالها وتقديم تقريرها النهائي، كاشفة أن التقرير تضمن خيارات وتوصيات لمعالجة القضايا الخلافية في الإطار الانتخابي الحالي في ليبيا.
ولفتت البعثة إلى عزمها نشر الملخص التنفيذي لتقرير اللجنة الاستشارية تماشياً مع مبدأ الشفافية، بحسب قولها.
ونقلت قناة ليبيا الأحرار عن مستشار المجلس الرئاسي للشؤون السياسية، زياد دغيم، بعض ما توصلت إليه اللجنة الاستشارية المنبثقة عن البعثة الأممية بشأن المسار الانتخابي، والذي كشف أن نتائجها قريبة من القانونين 1 و2 الصادرين عن مجلس النواب عام 2021، مع تقديم «معالجات جيدة» لبعض النقاط الخلافية.
وفي مداخلة هاتفية، أوضح دغيم أن من أبرز هذه المعالجات المقترحة إزالة الاقتران بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بحيث «في حال تعذر قبول نتائج الانتخابات الرئاسية يمكن قبول نتائج البرلمانية»، كما أشار إلى وجود معالجات وصفها بالإيجابية فيما يتعلق بشروط الترشح وبما في ذلك جنسية المتقدم لرئاسة الدولة.
وعن مسارات الحل المطروحة من البعثة الأممية، ذكر دغيم أن أولها يتمثل في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة ولكن غير مقترنة النتائج.
وأضاف دغيم أن المسار الثاني يتمثل في إجراء انتخابات برلمانية أولاً، تتولى تأسيس هيئة لوضع الدستور، ومن ثم يتم انتخاب رئيس للدولة أو مجلس رئاسي.
وتابع دغيم أن المسار الثالث دستوري بحت يناقش وضع أساس دستوري معين تجرى بموجبه الانتخابات، دون التقيد بالضرورة بمسودة الدستور التي أعدتها الهيئة التأسيسية.
أما المسار الرابع، فيقضي بخروج كافة الأجسام السياسية الحالية وتشكيل مجلس تأسيسي يتولى قيادة البلاد نحو الانتخابات، بحسب دغيم.
وأشار مستشار المجلس الرئاسي إلى أن المهلة المتداولة حالياً للتوافق على مخرجات اللجنة هي ستة أشهر، وهي مدة يراها المجلس الرئاسي «طويلة جداً».
وكشف دغيم عن خطوة يعتزم المجلس الرئاسي اتخاذها لتسريع العملية، قائلاً: «المجلس الرئاسي سيطرح استطلاعاً شعبياً عبر مفوضية الاستعلام الوطني والاستفتاء، تشارك فيه البعثة الأممية والمنظمات الدولية، للاستفتاء على مقترحات اللجنة الاستشارية خلال شهرين».
ويهدف هذا الاستطلاع، بحسب دغيم، إلى إشراك الشعب الليبي في تحديد مسار العملية السياسية والانتخابية، وتسريع وتيرة التوافق حول القضايا العالقة.
وعقدت اللجنة الاستشارية سلسلة اجتماعات في مدينتي طرابلس وبنغازي، منذ تسمية أعضائها مطلع فبراير الماضي، لمعالجة القضايا الخلافية المتعلقة بالإطار الانتخابي، بما في ذلك مناقشة أعضاء لجنة 6+6 التابعة لمجلسي النواب والأعلى للدولة، في القوانين الانتخابية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس