ملتقى الحوار السياسي .. تواصل البحث عن قاعدة دستورية

49

بقلم : إدريس إحميد

أفريقيا برسليبيا. طرحت لجنة التوافقات بملتقى الحوار السياسي بعد انتهاء اجتماعاتها في جنيف، ثلاثة مقترحات وضعتها أمام أعضاء الملتقى للتصويت على أحدها في جولتين وبنسبة 75%. وبحسب تقرير اللجنة فإن المقترح الأول يتضمن إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021 دون أية قيود على حق الترشح وفق قاعدة دستورية مؤقتة. أما المقترح الثاني فيتلخص في الذهاب إلى انتخابات برلمانية فقط، يليها استكمال المسار الدستوري، وتنظيم انتخابات رئاسية على أساس دستور دائم. كما ينص المقترح الثالث على إجراء الانتخابات في موعدها بموجب الدستور المعدل.

خلافات

وشهدت جلسات الحوار خلافات وتباينات في وجهات النظر واقتراحات غير متوقعة، لعل أهمها انتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر من الشعب، واجراء انتخابات برلمانية بدلا من الرئاسية ، وتقديم الاستفتاء على الدستور وانتقل الخلاف الى الهيئة التشريعية.
وحسب بعض المتابعين ماحدث في جلسات الحوار مخالفة صريحة للاتفاق السياسي الذي انتج مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية، من أهم مهامها هو التجهيز للانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24-12-2021، وهو أساس العملية التي تم الاتفاق عليها دوليا ومحليا من اجل الاستقرار وانهاء المراحل الانتقالية، وعدم الرجوع لمخاطر الحروب والفوضى الاهلية.

الموقف الدولي

ويرى آخرون أن الموقف الدولي تنقصه الجدية في الملف الليبي رغم صدور العديد من القرارات الدولية ابتداء من القرار 1970 وصولا الى القرارين 2571 و 2570 بشأن العملية السياسية وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية، مما يطرح تساؤلات حول جدية الأطراف الراعية للحوار وتقاطع الأزمة الليبية مع مصالح الدول الكبرى على عكس قرار التدخل عسكريا في ليبيا عام 2011 ، حيث التقت المصالح بين هذه الدول فكان التفيذ دون أدنى تأخير.

محمد الأسمر، كاتب ومحلل سياسي

الكاتب والمحلل السياسي محمد الأسمر قال في تصريح لموقع “أفريقيا برس” أن هناك خلل في عدم اكتمال نصوص الاتفاقات في الشأن الليبي بما فيها خارطة الطريق، وهناك من يوظف هذا القصور ولا ندري مقصودا أو غير ذلك. وأضاف أن “الاخوان المسلمين” بعد الانتخابات البلدية اكتشفوا هشاشة موقفهم، فتارة يعلنون الانسحاب وتارة يعلنون عن تغيير الذراع السياسي من “حزب العدالة والبناء ” الى “جمعية الاحياء والتجديد”.

وتسائل الأسمر “أن البعثة بإشرافها على لجنة المقاربات لماذا تصمت أمام هذه التفرعات في ملتقى الحوار السياسي بينما الملتقى يضم لجان استشارية وقانونية؟ وتابع بالقول ” أن المقترح الذي تقدمت به اللجنة الرئاسية هو معقول ويمكن الموائمة وكسب الوقت، لان المعارضون للانتخابات الرئاسية المباشرة يبحثون عن تحالفات لأنهم لايملكون قاعدة شعبية، حسب قوله.

محمد يونس سليم ، خبير في الشؤون السياسية الليبية

وقال الخبير في الشؤون السياسية الليبية محمد يونس سليم أن الحديث عن الدستور هو محاولة من البعض للالتفاف على الانتخابات، لانهم يفتقدون للقاعدة الشعبية والاستمرار في السلطة، ويعرفون بأن مسودة الدستور مرفوضة من شريحة واسعة من الشعب، وبذلك هم يحاولون كسب الوقت ولاعادة صياغته من جديدة.

ووصف سليم في تصريح لـ “أفريقيا برس” طريقة الانتخاب بالقائمة، بالفاشلة وشبهها بمجلس قيادة الثورة في العراق وليبيا وسوريا. وأضاف بأن دور الامم المتحدة بعد كل هذا القرارات الملزمة ولم تنفذ، غير واضح.

حامد الحضيري الزائدي ، باحث في العلوم السياسية

أما الباحث في العلوم السياسية حامد الحضيري الزائدي فقد قال لـ “أفريقيا برس” أن ما يحدث في ليبيا هو نتيجة تعارض المصالح بين الاطراف الدولية.

ويذهب الصحفي وليد أحمد في رده على محاولة بعض الاطراف اعاقة اجراء الانتخابات، أن “هذه الأطراف لديها مصالح داخل البلاد ومدعومة خارجيا وتستفيد من عرقلة الانتخابات للحفاظ على مواقعها، وأن الشارع الليبي يريد الانتخابات للخروج بالبلاد من الأزمة الى بداية مرحلة الإستقرار.

ويعتقد نوري خليفة وهو دبلوماسي واعلامي أن الجدية غائبة لدى بعثة الامم المتحدة أو الدول المتداخلة في الأزمة الليبية ، مع عدم رغبة القوى السياسية بانهاء الأزمة في ظل غياب موقف موحد للشارع الليبي وقيادة لها اهداف واضحة.

نوري خليفة ، دبلوماسي واعلامي ليبي

ويرى خليفة أن الشعب الليبي اذا أراد إنهاء الأزمة التي يعيشها منذ عشر سنوات وانهاء المرحلة الانتقالية، يجب رفض هذا الواقع الذي فرض عليه من خلال الضغط باتجاه اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مباشرة والمطالبة بتفيذ القرارات الدولية، وتطبيق العقوبات التي أقرها مجلس الأمن والإتحاد الأوربي فمن شأن تحركات الشارع الليبي أن تقطع الطريق على مصالح الدول التي لا تريد الأمن والإستقرار في ليبيا.

اتهام البعثة الأممية بتمييع إدارة الحوار

اتهم 24 عضوا من “ملتقى الحوار السياسي” الليبي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “بتمييع” إدارة جلسات الحوار الجارية في جنيف منذ الاثنين الماضي. وطالب الأعضاء بضرورة العمل على مساعدة ليبيا في مراحل إنهاء وإنجاز الانتخابات المقررة نهاية العام الجاري.

وقال الأعضاء الموقعون على البيان إنهم تفاجأوا “بالطريقة التي تتعامل بها البعثة ورئيسها في إدارة الحوار بالملتقى في تيسير مسار جلسات الحوار” متسائلين: “كيف للبعثة أن تتصرف وكأنها تقبل بالنكوص وشطب خارطة الطريقة التي أقرها بالإجماع والعودة عن كل ما تم الاتفاق عليه في تونس وجنيف؟”.

وتساءل أعضاء الملتقى أيضا عن “كيف للبعثة أن تسمح لذوي المصالح الخاصة التي تناهض تطلعات الليبيين المطالبة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية والرافضة لتأجيل الانتخابات وفق أكثر من استطلاع رأي حر أجرته جهات محايدة ومعتبرة على رأسها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)؟”

واتهم البيان البعثة بمنح المعرقلين المعروفين “فرصة إضاعة الوقت وإرباك لجنة الحوار والتشويش على الرأي العام الليبي وفرض رؤيتهم عبر طرق ملتوية على البعثة والملتقى” مشيرين إلى غياب القاعدة الدستورية من نقاشات ملتقى الحوار المجتمع في جنيف.

وطالب الأعضاء الموقعون على البيان البعثة الأممية بضرورة “توضيح أسباب تعاملها وإدارتها للجلسات بالشكل الذي ميع دور اللجنة فيما يخص الخروج بقاعدة دستورية المنبثقة عبر ساعات عمل مضنية من اللجنة القانونية وسمح للأطراف صاحبة المصالح في الإبقاء على الوضع الراهن في ليبيا”.

كما طالبوا البعثة “بالقيام بدورها الأساسي وهو مساعدة ليبيا في إنهاء مراحل خارطة الطريق ومساعدة الشعب الليبي في إنجاز استحقاقه الانتخابي الرئاسي والبرلماني في 24 ديسمبر المقبل دون تأخير أو تأجيل”.

سحب مقترح الاستفتاء على الدستور

ونقلت القدس العربي عن مصدر ليبي من لجنة التوافقات بملتقى الحوار السياسي، إن البعثة الاممية قامت بطرح مقترح لتعديل مشروع الدستور ثم الاستفتاء عليه في سبتمبر/ أيلول تمهيدا لإجراء الانتخابات في موعدها. وأضاف المصدر أن 51 عضوا وافقوا على المقترح وعارضه 24 عضوا، وتقدم المعارضون بطلب لعدم عرضه على التصويت، مستنكرا استجابة البعثة الأممية لهم. وتابع المصدر أن لجنة التوافقات قد عقدت اجتماعا عقب معارضة المقترح، موضحا أنه قد تم سحب مشروع الاستفتاء والعودة إلى مقترح القاعدة الدستورية من اللجنة القانونية. وأضاف ذات أن المعارضين لتعديل الدستور والاستفتاء عليه رفضوا التصويت على النقاط الخلافية الست بالقاعدة الدستورية. واتهم المصدر البعثة بتجاهل مشروع الاستفتاء على الدستور رغم مطالبة معظم الاجسام التشريعية به، ورغم موافقة معظم أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here