أفريقيا برس – ليبيا. دخل المجلس الأعلى للدولة الليبي على خط الصراع حول قانون إنشاء المحكمة الدستورية، بعد تصاعد التوتر بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة ومجلس النواب، في وقت تتواصل فيه الجهود الأممية لتعزيز «الحوار الوطني»، بينما واصل «الجيش الوطني» تحركه العسكري في جنوب البلاد.
وقال رئيس المجلس الأعلى، محمد تكالة، خلال لقائه، مساء الاثنين، عدداً من رؤساء الأحزاب الليبية، إن «الإصرار على المضي في قانون إنشاء المحكمة الدستورية، الذي قضت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا ببطلانه، عمل غير شرعي يهدد وحدة الدولة، ويقوض المسار السياسي»، مشدداً على «تحميل المسؤولية القانونية والأخلاقية لمن يحاول المساس بوحدة القضاء الليبي».
ونقل تكالة عن الحاضرين أن ما وصفوه بـ«القانون الأحادي الجانب» بشأن تفعيل هذا القانون «يعد خرقاً واضحاً للقانون والاتفاق السياسي، وتجاوزاً خطيراً لإرادة التوافق الوطني، التي تعد أساس العملية السياسية في البلاد».
وكان تكالة قد ناقش، مساء الاثنين، بالعاصمة طرابلس مع رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، تداعيات تفعيل القانون الذي أصدره مجلس النواب، وأبطلته الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، لما له من «آثار سلبية» على وحدة البلاد واستقرارها.
ووفقاً لبيان أصدره تكالة، فقد تم التأكيد على الرفض المطلق لما وصفه بـ«مثل هذه القوانين العبثية، التي تكرس الانقسام وتمس بسيادة واستقلال المؤسسة القضائية»، التي تعد إحدى ركائز دولة العدالة والقانون.
كما نقل تكالة عن رئيس وأعضاء مجلس حكماء وأعيان ليبيا، خلال اجتماع مساء الاثنين، رفضهم لتفعيل قانون إنشاء المحكمة الدستورية، واعتباره «قراراً أحادياً يخالف مبدأ التوافق بين المجلسين، وفقاً للاتفاق السياسي».
وأشار المجتمعون إلى أن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا أبطلت هذا القانون، لما له من «آثار سلبية على وحدة البلاد واستقرارها»، مؤكدين ضرورة احترام هذا الحكم، والعمل على إلغاء المحكمة الدستورية، بوصفها كياناً غير مشروع يهدد وحدة ليبيا، واستقلال مؤسساتها القضائية.
وتعكس هذه التطورات انضمام المجلس الأعلى للدولة إلى موقف المجلس الرئاسي في دعم حكومة الدبيبة، في مواجهة محاولات مجلس النواب «السيطرة على صلاحيات المحكمة الدستورية العليا». ويبرز هذا التحالف دور كل من المجلس الرئاسي و«الأعلى للدولة» بوصفهما داعمين أساسيين للحكومة، ما يجعل الأزمة اختباراً حقيقياً للصراع على الصلاحيات والنفوذ السياسي.
وقضت محكمة استئناف بنغازي مؤخراً بعدم اختصاصها بالنظر في الطعون المقدمة ضد المراسيم السيادية، ما اعتبره المجلس الرئاسي، برئاسة محمد المنفي، تعزيزاً لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، في خطوة تعكس تصاعد الصراع بين الحكومة ومجلس النواب، حول مسار القضاء وصلاحيات المحكمة الدستورية العليا.
وباعتبارها الجهة المخولة بالفصل في الطعون المتعلقة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمراسيم السيادية، فإن السيطرة على المحكمة الدستورية تعني إمكانية التحكم في نتائج النزاعات القانونية المهمة، التي قد تمس مستقبل العملية السياسية.
من جهتها، أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا أن «المحادثة الرقمية»، التي نظمتها بمشاركة نائبة رئيستها للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، شهدت 867 مشاركة ومشاركاً، بينهم 460 تفاعلوا بشكل مباشر لمناقشة أولويات الحوار الوطني في أربعة محاور: الحوكمة، الأمن، الاقتصاد، وحقوق الإنسان والمصالحة الوطنية.
وأكدت البعثة، مساء الاثنين، أنها ستكرر هذه المساحة قريباً، وتطرح استبياناً إضافياً لمن لم يتمكن من المشاركة، في إطار جهودها لتوسيع المشاركة الشعبية، وتعزيز التوافق الوطني حول مستقبل ليبيا.
في شأن آخر، قال وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة»، خليفة عبد الصادق، الثلاثاء، إنه بحث مع السفير التركي غوفين بيجيتش أوجه التعاون المشترك بين البلدين في مجالات النفط والغاز والطاقة، وسبل تعزيز الشراكة وتوسيع مجالات التعاون، مشيراً إلى التأكيد على أهمية مواصلة التنسيق، والتواصل بين المؤسسات المعنية في البلدين، بما يخدم المصالح المشتركة ويدعم جهود تطوير قطاع الطاقة.
وفي شرق ليبيا، اعتبر نجل ونائب القائد العام لـ«الجيش الوطني»، الفريق صدام حفتر، خلال زيارته، مساء الاثنين، إلى بلدية الجفرة، أن المرحلة المقبلة هي «مرحلة عمل وبناء حقيقي»، وأن مشاريع الإعمار والتنمية ستنطلق بـ«خطى ثابتة» لتعيد للجفرة دورها بوصفها مركزاً حيوياً، ومحوراً اقتصادياً مهماً يربط مدن ليبيا ويخدم أهلها، مؤكداً أن المسيرة نحو ليبيا الأمن والبناء والوحدة والسيادة «ستتواصل بعزم القيادة العامة وإرادة الشعب».
وأوضح صدام أن قوات الجيش باقية على عهدها «درعاً للوطن وسنداً للشعب»، لافتاً إلى عملها من أجل بناء ليبيا مستقرة، تحفظ كرامة المواطن وتؤمن حقوقه.
وطبقاً لما أعلنته شعبة الإعلام الحربي بـ«الجيش الوطني»، فقد وصلت قوة عمليات خاصة تابعة له إلى الجفرة، تنفيذاً لتعليمات صدام حفتر، ضمن استعداداتها لتنفيذ المهام الموكلة إليها بالمنطقة الجنوبية.
بدوره، أكد محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، خلال لقائه مساء الاثنين مع السفير الفرنسي الجديد، تييري فالا، استمرار التعاون العسكري بين البلدين، مشيراً إلى مناقشة آليات هذا التعاون والدعم العسكري في مختلف المجالات، فيما أكد السفير الفرنسي دعم بلاده لجهود توحيد المؤسسة العسكرية، وتحقيق الاستقرار في ليبيا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





