أفريقيا برس – ليبيا. بينما تعيش مدينة مصراتة، في غرب ليبيا، على وقع توترات أمنية متكررة وانتقادات حادة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة بسبب فشلها في ضبط السلاح واحتواء الاشتباكات بين التشكيلات المسلحة، خرج القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر برسالة معاكسة، دعا فيها إلى «أن يكون حلّ الأزمة الليبية بيد الشعب والقبائل، دون انتظار مبادرات خارجية»، في مشهد يعكس عمق الانقسام بين معسكري الشرق والغرب حول إدارة الدولة وضمان الاستقرار.
وقال حفتر، خلال اجتماعه الأحد مع مشايخ وأعيان وحكماء قبائل المنطقة الوسطى، بحضور رئيس حكومة «الاستقرار» أسامة حماد، إن البلاد تمرّ بما وصفه بـ«أزمة سياسية خانقة طال أمدها وتهدد الاستقرار»، مشيراً إلى أن الصراع على السلطة والنفوذ أصبح الطابع الغالب على المشهد، ما يدفعه إلى التنبيه إلى «خطورة الموقف»، مؤكداً أن «الأزمة يجب علاجها اليوم، وليس غداً».
ورأى حفتر أن حلّ الأزمة يجب أن ينبع من إرادة الشعب الليبي وبمساندة القبائل، «من دون انتظار هدية من السماء أو من باطن الأرض أو أي مبادرات خارجية». وأوضح أن «قوات الجيش بخير وفي تطور مستمر»، ووصفها بأنها «صمام أمان ليبيا»، متعهداً بأنها «ستضمن أي اتفاق يجمع الليبيين».
ولفت حفتر إلى أن «الأهداف الوطنية الكبرى لا تتحقق إلا إذا تبناها الشعب بإرادته الحرة وسخّر لها أدوات النجاح»، معتبراً أن «هزيمة الإرهاب في معركة الكرامة خير دليل على إرادة الليبيين في تحقيق أهدافهم». وانتقد ما وصفه بـ«حقد بعض الأطراف ومحاولتها تشويه جهود الجيش في حماية الأمن والاستقرار».
وبعد إشادته بالمواقف الوطنية لقبائل المنطقة الوسطى وكافة القبائل الليبية، نقل عن المشايخ والأعيان تأكيد دعمهم لقوات الجيش وحرصهم على وحدة البلاد ولمّ شمل الليبيين تحت مظلة وطنية واحدة ترعاها قيادة الجيش.
من جهته، أعلن رئيس مجلس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، أنه بحث، السبت في طرابلس، مع السفير الإيطالي جيانلوكا ألبريني، مستجدات المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، ومرحلة فتح سجل الناخبين التي انطلقت الأسبوع الماضي في بعض البلديات، إضافة إلى مرحلة الاقتراع التي جرت في 16 بلدية، مشيداً بحسن التنظيم وسلاسة الإجراءات، وبالتعاون الإيجابي بين المفوضية وشركائها في العملية الانتخابية.
وقال السايح، في بيان للمفوضية، إن الجانبين ناقشا أيضاً التحضيرات الجارية للمراحل المقبلة من العملية الانتخابية، وجهود المفوضية لتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة، إلى جانب مناقشة أوجه الدعم الدولي المقدّم لها.
ونقل البيان عن السفير الإيطالي إشادته بجهود المفوضية في إدارة وتنظيم الاستحقاقات الانتخابية، مؤكداً حرص بلاده على استمرار دعمها «بما يسهم في إنجاح المسار الديمقراطي وتحقيق الاستقرار في ليبيا».
وفي أول ردّ فعل على إعلان حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إصدار تعليمات فورية بمنع أي تحركات عسكرية، أكّدت «الكتيبة 24 مشاة»، في بيان مقتضب، مساء السبت، عبر مركزها الإعلامي، التزامها «بتنفيذ جميع الأوامر الصادرة إليها من وزارة الدفاع، وكذلك تلك الصادرة عن آمر المنطقة العسكرية الوسطى محمد موسى».
بدوره، وجّه اللواء المحجوب، أحد القيادات العسكرية في مصراتة، انتقادات حادة للدبيبة، ووزير الدفاع، على خلفية ما وصفه بـ«تكرار تشكيل لجان التحقيق العسكرية بعد كل اشتباك دون إعلان نتائجها أو محاسبة المسؤولين عنها».
وقال اللواء، في بيان، مساء السبت، إن «تشكيل اللجان عقب كل اشتباك بات وسيلة لامتصاص الغضب الداخلي دون نتائج فعلية، ما قد تترتب عليه عواقب أخطر بعد انتهاء مهلة التهدئة».
وأضاف أن «عدد لجان التحقيق التي تم تشكيلها تجاوز 5 لجان على الأقل نتيجة للاشتباكات المتكررة بين الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الدفاع»، مشيراً إلى أنه «حتى الآن لم تُصدر أي لجنة تقريرها النهائي إلى الوزير»، متسائلاً عن الإجراءات المتخذة لحماية المدنيين ومنع تكرار هذه الحوادث.
وأكد أن «الجدل يبقى مفتوحاً في ظل أن القوتين المتصارعتين تابعتان للحكومة نفسها، إحداهما تحت إمرة وزارة الدفاع، والأخرى انضمت إلى صف وكيل الوزارة».
كما وجّه المحجوب تساؤلات إلى الدبيبة بشأن نتائج لجنة التحقيق في قضية شركة «أركنو» المتهمة – وفق تقارير دولية – بتهريب النفط ومشتقاته، قائلاً إن «رئيس الحكومة كان قد أعلن تكليف ديوان المحاسبة بالتحقيق في القضية، متعهداً بإعلان النتائج خلال 15 يوماً على الهواء مباشرة، إلا أن النتائج لم تُعلن حتى الآن».
وفي تطور ميداني، ألغت الخطوط الجوية التركية رحلتها من مطار مصراتة وإليه، السبت، على خلفية الاشتباكات التي اندلعت ليل الخميس بين «الكتيبة 24 مشاة» و«قوة العمليات المشتركة» التابعتين لحكومة «الوحدة الوطنية».
وفي شأن آخر، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن مدينة مصراتة شهدت، مساء السبت، تنفيذ عملية تدمير آمن لنحو طنين من مخلفات الحرب المتفجرة، بإشراف فريق الدائرة المعنية بالأعمال المتعلقة بالألغام، وبمشاركة المركز الليبي للأعمال المتعلقة بالألغام ومخلفات الحروب، إلى جانب شركاء دوليين ومحليين.
في سياق آخر، اعتبر بلقاسم حفتر، المدير العام لصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، أن الافتتاح «التاريخي» لمطار خليج سرت الدولي، مساء السبت، بحضور رئيس حكومة «الاستقرار» أسامة حماد، يمثل «خطوة نوعية في جهود إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد الليبي»، موضحاً أنه «سيسهم في دعم الحركة الجوية والتجارية والسياحية بالمنطقة الوسطى، ويفتح آفاقاً جديدة للاستثمار».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





