أفريقيا برس – ليبيا. صعّد أسامة حمّاد، رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، ضد البعثة الأممية العاملة في البلاد، واتهمها بـ«تجاوز القوانين والتشريعات الليبية؛ والمواثيق والاتفاقيات الدولية المنظمة للعمل الدبلوماسي»، وذلك على خلفية إعلان البعثة الأممية برئاسة هانا تيتيه، الجمعة، تلقيها «ترشيحات للحوار المهيكل المتعلق بـ(خريطة الطريق) السياسية».
وقال حمّاد في بيان، الجمعة، إن البعثة «مستمرة في التصرفات العبثية أحادية الجانب»، ورأى أنها «قفزت فوق المرحلتين الأولى والثانية إلى المرحلة الثالثة بالإعداد للحوار المهيكل، دون تقديم إيضاحات تحدد مصير المراحل الأولى»، وهذا الأمر أضاع، بحسبه «تفاؤل الجميع بنجاح (خريطة الطريق)، وتسبب في عرقلتها ووأدها قبل أن تبدأ أولى مراحلها».
وذكّر حماد بأن «خريطة الطريق» التي تقدمت بها البعثة لمجلس الأمن، ضمن إحاطتها في 21 أغسطس (آب) الماضي، تضمنت ثلاث مراحل؛ الأولى: تنفيذ إطار انتخابي سليم فنياً وقابل للتطبيق سياسياً، يهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية. والثانية توحيد المؤسسات من خلال حكومة جديدة موحدة. والثالثة إطلاق حوار مهيكل يتيح المشاركة الواسعة لليبيين لمعالجة القضايا بالغة الأهمية، التي يتعين التعامل معها.
وذهب حماد إلى أن البعثة «تصرّ على تجاوز القوانين والتشريعات الليبية بتوجيه الدعوات للمؤسسات العامة؛ كالجامعات، لاختيار وترشيح الشخصيات المطلوب ضمهم لمجموعة (الحوار المهيكل)، دون التنسيق المسبق والرجوع إلى وزارة الخارجية». واعتبر أن وزارة الخارجية بحكومته، هي «الجهة السيادية المخوّلة قانوناً بإدارة العلاقات الخارجية، وتمثيل الدولة الليبية أمام المنظمات الدولية».
ومضى حمّاد محذراً «الجهات والمؤسسات العامة كافة من التعامل المباشر مع أي جهة دولية، دون الرجوع إلى الجهة المختصة قانوناً؛ وهي وزارة الخارجية بالحكومة الليبية». وقال إن الأوضاع الأمنية في نطاق العمل الإداري لحكومته «مستقرة وتحت السيطرة الكاملة للمؤسسات الأمنية والعسكرية؛ وقد انعكس ذلك إيجابياً في استمرار مشاريع الإعمار والبناء، والتنمية في مختلف المدن والمناطق».
وبخصوص ملف المصالحة الوطنية، أكد حماد أنه «ليس مجالاً للمساومة أو العبث السياسي، ويُعد شأناً داخلياً خالصاً، يدار عبر حوار وطني شامل ليبي – ليبي، دون أيّ وصاية أو تدخل خارجي». وقال إن «ولاية البعثة في ليبيا وصلاحياتها محددة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2009 لسنة 2011 والقرارات اللاحقة له، والتي تُلزمها بالعمل في حدود الدعم الفني والاستشاري، دون التدخل في قرارات وسياسات المؤسسات الوطنية؛ أو السعي إلى خلق قنوات موازية للدولة».
وانتهى حماد محذراً البعثة من مغبة ما سمّاها «نهجها الاستفزازيّ والتعدي السافر على سيادة البلاد»، مجدداً التزام حكومته «الثابت بمبادئ الحوار، والتعاون البنّاء مع المجتمع الدولي بما يخدم مصالحَ الشعبِ الليبي».
في غضون ذلك، أعلنت البعثة الجمعة، بدء تلقي الترشيحات للحوار المهيكل لتنفيذ «خريطة الطريق» السياسية، مشيرة إلى أن هذا الحوار المجتمعي «يمثل أحد المكونات الثلاثة الأساسية لخريطة الطريق التي تيسرها البعثة».
وأكدت البعثة أن هذا الحوار «لا يعد هيئة لصنع القرار؛ بل منصة تتيح لشرائح أوسع من المجتمع الليبي فرصة المساهمة في تشكيل العملية السياسية، وبناء توافق حول رؤية مشتركة لمستقبل البلاد»، موضحة أن الغرض منه «تقديم توصيات سياسات عملية، تهدف إلى تهيئة بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات، وصياغة رؤية وطنية مشتركة، ومعالجة دوافع الصراع طويلة الأمد مع دعم الجهود قصيرة الأمد، الرامية إلى توحيد المؤسسات وتعزيز الحوكمة في القطاعات الرئيسية».
كانت المبعوثة الأممية قد أعلنت في أغسطس (آب)، خريطة طريق تهدف إلى قيادة ليبيا نحو انتخابات ومؤسسات موحدة في فترة تتراوح بين 12 و18 شهراً.
وبعد سنوات من عدم الاستقرار في أعقاب الإطاحة بنظام الرئيس السابق معمر القذافي في 2011، انقسمت ليبيا في 2014 إلى طرفين متناحرين: أحدهما في الشرق والآخر في الغرب.
وتشكلت حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، بدعم من الأمم المتحدة في 2021 بهدف إجراء انتخابات قبل نهاية العام، لكن الجهود تعثرت بعد خلافات بين الأطراف السياسية في الشرق والغرب. ولا يعترف مجلس النواب، الذي يتخذ من بنغازي مقراً، بشرعية حكومة «الوحدة».
ومن المقرر دعوة نحو 120 ليبية وليبيا للمشاركة في الحوار. كما ستتيح البعثة للجمهور الليبي فرصاً لتقديم آرائهم، والمشاركة في مناقشة القضايا نفسها التي يتناولها الحوار، من خلال استطلاعات رأي عبر الإنترنت، ولقاءات مباشرة وافتراضية. وسينشأ أيضاً تكتل خاص لتعزيز مشاركة المرأة وإسماع صوتها، ومنصة رقمية لتشجيع الشباب على المشاركة والتفاعل.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





