
أفريقيا برس – موريتانيا. لم تمنع الانتخابات الرئاسية التي تنشغل بها موريتانيا حاليا، من مواصلة الوقوف الموريتاني الرسمي والشعبي إلى جانب القضية الفلسطينية، وبخاصة إلى جانب الأهالي في غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة مستمرة للشهر التاسع دون توقف.
فقد استمرت المبادرة الطلابية الموريتانية لمناهضة الاختراق الصهيوني، في تنظيم وقفات الاحتجاج أمام السفارة الأمريكية في نواكشوط بشكل يومي حيث نظمت خلال الليالي الثلاث الماضية وقفة احتجاجية ضد ما سمته “الجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ووكلاؤه في الإدارة الأمريكية بحق أهلنا في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، واحتجاجا على صمت العالم الرسمي وتخاذله”.
وقد تحولت الساحة المقابلة لمقر السفارة إلى مركز لتجمع المحتجين على الدور الأمريكي الداعم لحرب الإبادة، وإلى موقع لتنظيم مهرجانات الخطابة المنددة بالصمت الدولي على إبادة الفلسطينيين.
وحذر خطباء المبادرة الطلابية خلال مهرجانات الخطابة مما سموه “تعتيما إعلاميا مخيفا إزاء ما يحدث في شمال غـزة من حـرب تجويع”؛ مضيفين “أن الضجة الإعلامية السابقة حركت كل العالم لأجل الفلسطينيين، حيث ساهم أثرها في إيصال الطعام للأهالي المحاصرين، أما الآن، يضيف الخطباء، وبعد أن تناسى الجميع حالهم وغفل العالم عنهم، فقد بدأ العدو الصهيوني في تشديد الخناق عليهم من جديد، ومنع وصول الطعام وكل مقومات الحياة إليهم، وعادت المجاعة من جديد”.
وفي إطار الوثبة الداعمة للقضية الفلسطينية، وجه الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني رسالة باللغتين العربية والفرنسية إلى كافة المترشحين للرئاسة في موريتانيا المزمع إجراؤها نهاية حزيران/يونيو الجاري، تضمنت جملة من المقترحات التي يراها الرباط “ضرورية لتعزيز موقف المناصرة والمؤازرة للشعب الفلسطيني في ظل ما يتعرض له من حرب إبادة وتقتيل على يد الكيان الصهيوني المجرم”.
واقترح الرباط على المترشحين “إدراج فقرة خاصة بدعم وساندة الشعب الفلسطيني ولدعم المقـاومة وإدانة الحرب المجنونة على إخواننا في غزة، في كل فعاليات ومهرجانات الحملة الانتخابية، وخصوصا في مهرجاني الافتتاح والاختتام”. واقترح “النص في البرنامج الانتخابي على السعي لمناصرة الشعب الفلسطيني ومقـاومته حتى ينال حقوقه، ورفض الحصار والاستيطان وتهويد القدس؛ والنص كذلك في البرنامج الانتخابي على رفض التطبيع جملة وتفصيلا، والسعي لسن قانون لتجريم التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي والمجتمعي”.
وتضمنت المقترحات “تحديد يوم وطني لفلسطين، للتعريف والمناصرة والدعم؛ مع إدخال مقررات للتعريف بفلسطين والقدس في مناهج التعليم في المراحل الدراسية المختلفة”.
وشملت المقترحات المقدمة لمترشحي الرئاسة “تمويل مشروع داعم لصمود الفلسطينيين في غزة والقدس، اعتمادا على ميزانية الدولة الموريتانية، إضافة لدعم الجهود الشعبية المقام بها من طرف الفعاليات المختلفة المناصرة لفلسطين”.
وتضمنت “دعم مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة في نيل حريته وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، في المحافل الدولية والمواقف الرسمية والحزبية”.
وفي سياق ذي صلة، قوبل بترحيب واسع، انسحاب الوفد الموريتاني مؤخرا من جلسة عامة للمؤتمر الدولي للشغل في العاصمة السويسرية جنيف، بالتزامن مع كلمة لممثلة دولة الاحتلال في المؤتمر. ووصف المبادرة الطلابية انسحاب الوفد الموريتاني عند بدء كلمة ممثل الكيان الصهيوني الغاصب بالموقف التاريخي الشجاع”، مؤكدة “أن هذه المقاطعة الرسمية التي تعكس الموقف الحقيقي للشعب الموريتاني وحراكه النوعي التضامني مع القضية الفلسطينية تحتاج من الجهات الرسمية مزيدَ مَضاء وجهد في كل المحافل الدولية وترجمة ذلك في الانخراط في كل المسارات التي تلاحق الكيان الصهيوني في المحاكم الدولية والمنظمات الأممية”.
وعلى المستوى الرسمي كذلك، أكد الرئيس الموريتاني محمد الغزواني في خطابه أمام المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة، الذي عقد الثلاثاء في الأردن “أن غزة جرح نازف في قلب أمتنا العربية، ووصمة عار تلاحق الضمائر الحرة في هذا العالم، الذي يتفرج منذ تسعة أشهر على أول حرب إبادة جماعية ممنهجة وموثقة بالصورة والصوت في تاريخ البشرية، ولا يحرك ساكنا لإيقافها ومساءلة مرتكبيها”.
وقال: “غزة المأساة الإنسانية غير المسبوقة، التي لا يلوح في أفقها اليوم سوى المزيد من القتل والتدمير والتشريد والتجويع؛ غزة المعاناة الشديدة لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني، والتي تفاقمت مأساة مواطنيها العزل، منذ بدء العمليات العسكرية في رفح، وما أسفرت عنه من تقتيل وتهجير قسري في ظل غياب الأماكن الآمنة والغذاء والماء والمأوى والدواء؛ غزة التي لا يجد مواطنوها مفرا من الموت والجوع إلا إليهما، تحتاج بالفعل لهذه المبادرة العاجلة من الأشقاء ومن الأمم المتحدة، للتضامن معها وبحث أنجع الوسائل وأعجلها لإغاثتها”.
وأضاف: “ندرك جيدا بأن معاناة المنكوبين لن تخِف حقيقة إلا بالوقف الفوري، والدائم، لإطلاق النار، وعودة النازحين إلى مواطنهم، وإعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية الوحشية، لتعود الحياة إلى طبيعتها؛ أما نهاية المأساة فإنها ستظل مرهونة بإيجاد حل عادل لقضية فلسطين، تنال بموجبه حقها في الحرية والاستقلال، في دولة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود 4 يونيو 1967، وفقا للمبادرة العربية، والقرارات الدولية ذات الصلة”.
“وفي هذا الصدد، يقول الرئيس الموريتاني، لا يمكننا أن نفوت هنا، فرصة التعبير عن ارتياحنا للوعي المتنامي في الرأي العام الدولي، لصالح القضية الفلسطينية، ولما تولد عن هذا الوعي من اتساع متزايد للاعتراف بالدولة الفلسطينية”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس