أفريقيا برس – موريتانيا. رحبت موريتانيا بشهادة وزارة الخارجية الأمريكية الواردة في تقريرها السنوي حول الاتجار بالبشر للعام 2024-2025، والتي نصت على احتفاظ موريتانيا بتصنيفها في المستوى الثاني على المؤشر العالمي.
ويعكس هذا التقدير الدولي، حسب المفوضية الموريتانية لحقوق الإنسان، «تقدماً ملموساً في جهود الحكومة الموريتانية للقضاء على جميع أشكال الاتجار بالبشر وتعزيز حماية الضحايا؛ كما يشكل ردّاً عملياً على الانتقادات السابقة المتعلقة بممارسات الرق أو ما أشار إليه بعض الحقوقيين حول وجود مظاهر تمييزية».
وقابلت الحكومة الموريتانية شهادة وزارة الخارجية الأمريكية بارتياح كبير مؤكدة أنها تعكس تقدماً ملموساً في جهود لمكافحة ظاهرة الاتجار.
وأكد التقرير، الذي صدر بعد جهود كبيرة بذلتها الحكومة الموريتانية على المستويات التشريعية والمؤسسية والتنفيذية، أن موريتانيا حققت إنجازات هامة في هذا المجال، من أبرزها إنشاء محكمة متخصصة في جرائم الاسترقاق والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، والتعرف على ضحايا الاسترقاق بطريقة نوعية، وزيادة مخصصات صندوق دعم الضحايا وتعزيز الشراكة مع منظمات المجتمع المدني، إلى جانب اعتماد خطة وطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص للفترة 2024-2026 وتكثيف الحملات التحسيسية بالشراكة مع الفاعلين الدينيين والمدنيين.
وشدد التقرير على أن الهيئة الوطنية الموريتانية لمحاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين التابعة للمفوضية الموريتانية لحقوق الإنسان، ساهمت بشكل بارز في تحقيق هذه النتائج من خلال التعرف على الضحايا وتفعيل الصندوق الوطني، وتنسيق جهود تنفيذ الخطة الوطنية وتنظيم حملات توعية مجتمعية.
وفي هذا السياق، أكدت المفوضية الموريتانية لحقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني في بيان علقت فيه الأربعاء على التقرير الأمريكي «أن هذه التقييمات تمثل اعترافاً دولياً بالجهود الوطنية التي يقودها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والتي أسست لمناخ من الانفتاح والحوار والتعاون المثمر مع مختلف الفاعلين، وأثمرت تقدماً ملموساً في مجال ترقية وحماية حقوق الإنسان».
«إن الحكومة الموريتانية، تضيف المفوضية، تعمل على معالجة التحديات المتبقية، خاصة فيما يتعلق بتوسيع خدمات الحماية وتعزيز الآليات القضائية، مشيدة بكل الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين الذين ساهموا في تحقيق هذه المكاسب، ومشددة على استمرار جهودها لتعزيز وحماية كرامة الإنسان والقضاء على جميع أشكال الاتجار بالبشر».
وأشار البيان إلى «أن موريتانيا تبذل جهوداً كبيرة للقضاء على الاتجار بالبشر»، مشيراً إلى أن «جهوداً متزايدة قد بذلن بشكل عام مقارنة بالفترة المشمولة بالتقرير السابق».
وفي الوقت نفسه، أضاف البيان «أن التقرير ذكر بعض التحديات الموجودة قيد المعالجة، تتعلق بتوسيع خدمات الحماية وتعزيز الآليات القضائية، وهي محاور أساسية تعمل الحكومة على تطويرها بالتعاون مع الشركاء الوطنيين والدوليين».
وجاءت الشهادة الأمريكية لتعزز موقف الحكومة الموريتانية التي تواجه هذه الفترة هجوماً شديداً، واتهامات بممارسة الرق أبرزها تصريحات الحقوقي والبرلماني بيرام الداه التي أكد فيها وجود ما وصفه بالأبارتايد في موريتانيا.
ولا شك أن هذه الشهادة التقديرية الدولية رغم أهميتها كمعيار موضوعي، لا تلغي حقيقة أن موريتانيا لا تزال تواجه تحديات كبيرة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر؛ فالمؤسسات الوطنية، رغم الجهود المبذولة، في حاجة إلى تعزيز آليات الحماية وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة للضحايا، وضمان تطبيق القوانين بفعالية على الأرض.
كما يبقى دور المجتمع المدني محدوداً مقارنة بالاحتياجات الفعلية للمتضررين، ما يستدعي إعادة النظر في الاستراتيجيات الوطنية لتحقيق نتائج أكثر عمقاً وشمولية في حماية حقوق الإنسان والقضاء على كافة أشكال الاتجار بالبشر.
ورغم الشهادة الدولية التي تعكس التقدم الرسمي لموريتانيا في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، يظل الملف الحقوقي الموريتاني محاطاً بانتقادات وجدل واسع، خاصة حول فعالية تطبيق القوانين وحماية الضحايا على الأرض.
فهل ستتمكن الدولة من ترجمة هذه السياسات إلى نتائج ملموسة ومستقرة، أم إن التحديات الهيكلية والاجتماعية ستستمر في فرض القيود على تحقيق تقدم حقيقي؟ هذا التساؤل يظل محور النقاش حول مستقبل حقوق الإنسان في موريتانيا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس