الأمم المتحدة تدعو موريتانيا لضبط سياسة الهجرة

3
الأمم المتحدة تدعو موريتانيا لضبط سياسة الهجرة
الأمم المتحدة تدعو موريتانيا لضبط سياسة الهجرة

أفريقيا برس – موريتانيا. دعا جهاد ماضي المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان المتعلقة بالمهاجرين، الحكومة الموريتانية إلى «تعزيز تنفيذ التزاماتها القانونية في مجال حماية المهاجرين، وضمان توافق المعالجة الوطنية لقضاياهم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان».

وفي بيان أصدره عقب زيارة عمل أنهاها أمس في نواكشوط، هنأ الخبير الأممي السلطات الموريتانية على ما حققته من خطوات في مواجهة تحديات الهجرة، مثل اعتماد قوانين لمكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وإنشاء مراكز استقبال، وتعزيز عمليات البحث والإنقاذ في البحر؛ كما أشاد بما وصفه بالإرادة السياسية الواضحة للتعامل مع الملف بروح تحترم حقوق الإنسان.

غير أن المقرر الخاص نبّه إلى «وجود فجوة بين الأطر القانونية القائمة وتطبيقها الفعلي، مشيراً إلى أنه استمع خلال زيارته لشهادات عن حالات اعتقال تعسفي، واحتجاز مطوّل في ظروف صعبة، إضافة إلى عمليات طرد جماعي دون تقييم فردي أو إتاحة المساعدة القانونية».

وأعرب جهاد ماضي «عن قلقه إزاء الأوضاع الخاصة بالنساء والأطفال المهاجرين، الذين يواجهون مخاطر العنف والانفصال الأسري والهشاشة المتزايدة».

كما أشار إلى «وجود مزاعم بشأن ممارسات تمييزية وسلوكيات مسيئة صادرة عن بعض عناصر الأمن، استهدفت على وجه الخصوص مهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء»، داعياً «السلطات إلى فتح تحقيقات واتخاذ إجراءات وقائية».

وقدم ماضي جملة من التوصيات، أبرزها اعتماد قانون شامل للجوء يضمن إجراءات عادلة وشفافة، ووقف عمليات الطرد الجماعي لصالح تقييمات فردية تتماشى مع القانون الدولي، وتحسين ظروف الاحتجاز، وتبسيط الإجراءات الإدارية للحصول على تصاريح الإقامة، فضلاً عن تعزيز تكوين أفراد الأمن في مجال حقوق الإنسان، وإنشاء آليات رقابة مستقلة.

كما شدد على أهمية قيام المجتمع الدولي بتقديم الدعم الفني والمالي لمساعدة موريتانيا في تطوير قدراتها بمجالات اللجوء وحماية النساء والأطفال، وضبط أوضاع الاحتجاز، داعياً «إلى زيادة الدعم المقدم للمنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة الاحتياجات المتنامية للمهاجرين». واختتم الخبير الأممي بيانه بالتأكيد على استعداده لمواصلة الحوار مع السلطات الموريتانية وشركاء الأمم المتحدة والفاعلين في المجتمع المدني، بهدف مرافقة السطات الموريتانية في تنفيذ الإصلاحات اللازمة.

وجاءت زيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان المتعلقة بالمهاجرين، أياماً قليلة بعد إصدار الحكومة الموريتانية لتوضيحات حول سياستها الخاصة بالتعامل مع المهاجرين.

وأكدت الوزارة «أنّ موريتانيا تطبّق إطارًا قانونيًا وتنظيميًا متفقًا مع القوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، مشيرةً إلى أنّ السلطات أنشأت خمسة مراكز استقبال وإيواء مؤقتة للمهاجرين غير النظاميين في ولايات نواكشوط ونواذيبو، بينها مركز خاص بالنساء، إضافةً إلى مركزين جديدين خاصين بالمهاجرين القادمين عبر البحر سيتم تشغيلهما نهاية سبتمبر 2025». وذكرت الوزارة «أنّ هذه المراكز مجهزة بالمياه الصالحة للشرب، والكهرباء، والنقاط الصحية بطواقمها الطبية، وسيارات إسعاف وحافلات جديدة مكيّفة، فضلًا عن وسائل الإعاشة والمرافقة الأمنية حتى نقاط الحدود»؛ كما أُدخلت، حسب الوزارة، أنظمة رقمية متطورة مثل نظامي «عبور» و»الديار» الخاصين بتدقيق الهويات وضمان عدم ترحيل أي شخص في وضعية قانونية.

ولإبراز الشفافية، أوضحت الداخلية «أنّ هذه المراكز فُتحت أمام زيارات وزراء خارجية وسفراء وقناصل ورؤساء جاليات من دول شقيقة، إلى جانب هيئات وطنية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية لمناهضة التعذيب، الذين أعربوا جميعًا عن ارتياحهم لاحترام حقوق الإنسان داخل هذه المرافق».

وأكد البيان «أنّ أيًّا من المهاجرين لم يثبت أنه كان في وضعية شرعية أو أنه تعرّض للتعذيب أو الإهانة أو حُرم من ممتلكاته»، مضيفةً «أنّ سجلات خاصة تُوقّع من طرف المعنيين قبل الترحيل تثبت حصولهم على حقوقهم كامل».

وفي سياق الجهود الأمنية، أعلنت وزارة الداخلية الموريتانية «أنّ السلطات فككت شبكات تهريب واتجار بالبشر وأحالت أفرادها إلى العدالة، وأحبطت مئات المحاولات للهجرة غير النظامية، كما أنقذت خفر السواحل آلاف المهاجرين من الموت في عرض البحر، بينما دفنت السلطات نحو تسعمائة جثة لفظها المحيط». وكانت أحدث هذه العمليات يوم 27 آب/أغسطس 2025 قرب مركز امحيجرات، حيث تم إنقاذ عشرات المهاجرين وانتشال عشرات الجثث، وفقاً لبيان الوزارة.

وأشار البيان إلى أنّ موريتانيا، وعلى عكس كثير من دول المنطقة، تستضيف منذ 1991 مخيم «امبره» الذي يؤوي اليوم أكثر من 153 ألف لاجئ مالي، في وقت يصل فيه العدد الإجمالي للاجئين في المنطقة إلى حوالي 300 ألف، ما يعكس «التزام البلاد الإنساني والأخلاقي».

وشددت الداخلية على «أنّ الهجرة غير النظامية تمثل تحديًا عالميًا يتطلب تعاونًا دوليًا عادلًا يقوم على الاحترام المتبادل لسيادة الدول،» داعيةً «المنظمات الحقوقية، إلى الاعتراف بالجهود الكبيرة التي تبذلها موريتانيا لمواجهة موجات المهاجرين القادمين من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية عبر مسارات محفوفة بالمخاطر».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس