محمد الحداد
أفريقيا برس – موريتانيا. في قلب جبال الأطلس المغربية، كشف فريق من علماء الحفريات عن واحد من أغرب الديناصورات التي عرفها العالم: “سبايكوميليس أفير”، هذا الكائن العجيب الذي عاش قبل نحو 165 مليون سنة، خلال العصر الجوراسي الأوسط، لم يكن مجرد ديناصور مدرع كغيره، بل حمل خصائص غير مسبوقة جعلته فريدا في سجل الحياة على الأرض، بحسب وصف الباحثين.
الاكتشاف الذي نشرته مجلة نيتشر في دراسة يوم الأربعاء، يقدم صورة أوضح بكثير عن هذا النوع الذي وصف لأول مرة عام 2021 اعتمادا على عظمة ضلع واحدة.
لكن بقايا جديدة عثر عليها في محيط مدينة بولمان المغربية سمحت بإعادة تركيب ملامح الحيوان بشكل غير مسبوق، لتكشف عن مجموعة مذهلة من الصفات الغريبة التي لم تسجل في أي كائن حي آخر، سواء منقرض أو معاصر.
درع خارق وطوق مسلح
توضح المؤلفة المشاركة في الدراسة “سوزانا ميدمنت” -عالمة الحفريات في متحف التاريخ الطبيعي بلندن والجامعة البريطانية في برمنغهام- في تصريحات لـ”الجزيرة نت” أن الفريق وجد أن جسد سبايكوميليس كان مغطى بصفوف من الصفائح العظمية الحادة التي اندمجت مباشرة مع أضلاعه، وهو ما لم يعرف في أي حيوان آخر.
الأخطر والأكثر إثارة، كما توضح ميدمنت، كان طوقا عظميا حول رقبته تنبثق منه أشواك طولها يقارب المتر، تبرز على جانبي العنق مثل حراب ضخمة.
وتوضح ميدمنت أن العثور على مثل هذا الدرع المتطور في أقدم ديناصور مدرع معروف يقلب فهمنا للكيفية التي تكيفت بها هذه المجموعة مع بيئتها رأسا على عقب.
وتضيف: “لم نر شيئا كهذا في أي حيوان من قبل، وهو يثبت مدى أهمية الديناصورات الأفريقية في كتابة تاريخ الحياة، “سبايكوميليس امتلك تنوعا مذهلا من الصفائح والأشواك الممتدة من مختلف أجزاء جسده، منها أشواك بطول متر عند العنق، وأخرى ضخمة فوق الوركين، وصفائح مسطحة على الكتفين. كل هذا يجعلنا أمام لوحة غير مسبوقة من التسلح البيولوجي”.
الغرابة لم تتوقف عند الدرع، إذ إن بعض فقرات الذيل المكتشفة أظهرت اندماجا عظميا يعرف بـ “المقبض”، وهو سمة لا توجد إلا لدى الأنكيلوصورات التي امتلكت ذيولا على شكل عصا أو مطرقة دفاعية.
لكن المشكلة أن جميع تلك الأنواع عاشت لاحقا في العصر الطباشيري، أي بعد عشرات الملايين من السنين من زمن سبايكوميليس. هذا يعني أن هذه الديناصورات امتلكت أسلحة الذيل أبكر بكثير مما كان يعتقد.
بين الدفاع والاستعراض
توضح الباحثة أن الأشواك الضخمة لم تكن مجرد وسيلة ردع للمفترسات، بل ربما كانت أيضا أداة استعراض أمام المنافسين أو لجذب الإناث.
ويشير الفريق إلى أن ديناصورات لاحقة من المجموعة نفسها امتلكت دروعا أقل تعقيدا لكنها أكثر فاعلية في الدفاع، وهو ما يعكس تحولا فرضه ظهور مفترسات أكبر حجما وأكثر شراسة في العصر الطباشيري، من تيرانوصورات ضخمة وزواحف ثعبانية وتماسيح عملاقة. لكن في زمن سبايكوميليس، يبدو أن الموازنة بين الحماية وإبهار الخصوم والإناث كانت السمة السائدة.
هذا الاكتشاف مهم أيضا لأنه يسلط الضوء على الدور المحوري للقارة الأفريقية في تاريخ الديناصورات. فحتى وقت قريب، كان يعتقد أن أغلب اكتشافات الأنكيلوصورات تنحصر في أميركا الشمالية وآسيا، لكن العثور على هذا النوع في المغرب يثبت أن هذه الديناصورات كانت أكثر انتشارا وتنوعا مما اعتقد العلماء.
وتوضح ميدمنت أن البقايا التي شكلت أساس الدراسة جرى تنظيفها وتحضيرها في مختبرات كلية العلوم بجامعة فاس في المغرب، باستخدام معدات قدمتها جامعة برمنغهام البريطانية عبر صندوق شراكة دولي. وتحفظ هذه الحفريات اليوم في خزائن خاصة بالمؤسسة المغربية، لتبقى متاحة للباحثين حول العالم.
وتختم قائلة: “كلما اعتقدنا أننا نعرف قصة الديناصورات جيدا، يظهر لنا اكتشاف يثبت العكس. هذا يجعل عملنا أكثر إثارة، ويشعل خيال الجمهور الذي يشاركنا الدهشة”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس