أفريقيا برس – موريتانيا. في أول اختبار للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وقبل سنة من الانتخابات الرئاسية، وفي موريتانيا المتمتعة باستقرار نادر بالساحل الإفريقي، يتوجه يوم غد السبت 1.8 مليون ناخب موريتاني إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 176 نائباً نصفهم بنظام النسبية والنصف الثاني بنظام الأغلبية المطقة، و15 مجلساً جهوياً، و238 مجلساً بلدياً.
وسيخصص يوم 27 مايو/أيار دوراً ثانياً لحسم انتخاب نصف مقاعد مجلس النواب، المنتخب بنظام الأغلبية المطلقة، على أن تنشر النتائج 48 ساعة بعد إغلاق صناديق الاقتراع.
وأعلن الداه ولد عبد الجليل رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات «أن اللجنة جاهزة للانتخابات المنتظرة حيث أوصلت جميع المعدات وصناديق الاقتراع لأماكنها، كما حددت مواقع مكاتب الاقتراع، وتشكيلة اللجان التي ستديرها».
وتوقع ولد عبد الجليل «أن تكون نسبة المشاركة في انتخابات يوم السبت مشاركة عالية».
وعن الضمانات، أكد رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة في تصريح لوكالة الأخبار الموريتانية «أنه لا يعتقد أن التزوير بشكله القديم ما زال ممكناً بعد اعتماد التصويت ببطاقة التعريف البيومترية التي هي الضمانة الرئيسية لمنع التزوير». وأوضح أنه «إذا لم يخن رئيس المكتب ولم يسمح لناخب بالتصويت باسم غير اسمه لن يكون هناك تزوير، وهو أمر تمكن معالجته من خلال تحقق ممثلي الأحزاب الحاضرين في المكتب من بطاقات التعريف في حال الاشتباه في أي ناخب».
وقال: «إذا لم تزوّر الأحزاب فلن يكون هناك تزوير، وإذا احترمت الأحزاب القواعد فلن يحصل تزوير، ونحن على مستوى اللجنة لسنا مترشحين وليس لدينا مترشحون مفضلون».
ويظل حزب «الإنصاف» الحاكم أكثر الأحزاب السياسية الخمسة والعشرين حظاً في هذا الاقتراع، لكونه الوحيد الذي قدم مترشحين في جميع الدوائر الانتخابية وبخاصة في التجمعات القروية والريفية الواقعة في أعماق موريتانيا، رغم أن مسؤوليه استشعروا نوعاً من التهديد الأسبوع الماضي بعد أن لاحظوا أن حملته تزاحمها، بقوة، حملات الأحزاب المعروفة بأحزاب الأغلبية الداعمة للرئيس الغزواني.
وقد دفع هذا الحكومة بوزيرها الأول وجميع أعضائها، إلى الميدان لإسعاف حملة الحزب الحاكم حيث أكدوا ألا دعم للرئيس الغزواني في هذه الانتخابات إلا من خلال حزبه حزب «الإنصاف».
وتؤكد المؤشرات القائمة أن الحزب الحاكم يتجه لانتزاع أغلبية في جميع الاستحقاقات الثلاثة المتزامنة، كما تؤكد المؤشرات أن الرئيس الغزواني سيتمكن عبر كل هذا من تعزيز حظوظه في انتخابات 2024.
ويجمع المراقبون المتابعون للشأن الانتخابي الموريتاني على أن التنافس الحقيقي في الانتخابات النيابية والجهوية والبلدية المقررة في موريتانيا يوم غد السبت، ينحصر في معركة حامية الوطيس بين حزب «الإنصاف» الحاكم برمزه الميزان، وإسلاميي حزب التجمع بنخلتهم الفارعة، وتحالف أمل موريتانيا بحصانهم المتوثب، وهو التحالف الذي يضم تكتل نواب المعارضة المتشددة في البرلمان السابق. ويأتي بعد ذلك، قطب التناوب الديموقراطي الذي يضم بعثيي حزب الصواب الموريتاني ونشطاء وحركة «إيرا» الحقوقية بزعامة بيرام ولد الداه الذي خاض حملة بخطاب شرائحي وصف بـ «القاسي» اتجاه الحزب الحاكم ومرشحيه.
أما الأحزاب الموريتانية الأخرى فهي غائبة في معظم الدوائر الانتخابية ولا يمكن أن تشكل تهديداً للحزب الحاكم.
وأكد الدكتور ديدي ولد السالك رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية في تصريحات لـ «القدس العربي» أنه يتوقع حدوث مفاجآت في هذه الانتخابات لعوامل عديدة بينها جو التهدئة الناتج عن التشاور بين الحكومة والأحزاب، ومنها محدودية التزوير بسبب الرقابة ولخوف لجنة الانتخابات من تأثير وسلطة وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة لعدم استخدام السلطة للمال السياسي لاستمالة وجهاء القبائل، كما جرت بذلك العادة في الانتخابات الماضية».
وأضاف «أن انتخابات الثالث عشر مايو هي أكثر الانتخابات غموضاً من حيث توقعات النتائج منذ انطلاق ما يعرف بالمسلسل الديمقراطي عم 1991، وذلك لاعتبارات منها ضعف الحصيلة التي انجزها نظام الرئيس الغزواني رغم المحفظة الاستثمارية الكبيرة ورغم المشاريع التي أعلن عنها، والعامل الثاني هو ضعف نظام الرئيس الغزواني في مواجهة خصومه، أما العامل الثالث فهو سوء اختيارات حزب «الإنصاف» وانعدام الخبرة لدى من يقودونه وهو ما تسبب في بروز ظاهرة المغاضبة الناتجة عن إقصاء البعض من ترشيحات الحزب».
وأكد ولد السالك «أن الانتخابات القادمة هي أول انتخابات تؤثر فيها وفي نتائجها وسائل التواصل الاجتماعي التي فتحت الباب واسعاً لتبادل المعلومات وعرض البرامج».
وأضاف: «هناك عامل مهم في هذه الانتخابات هو تأثير الجاليات الموريتانية في الخارج التي يقدر عددها بنصف مليون ناخب، والتي حدت الحكومة من مشاركتها بفتح مكاتب في دول معينة، ولا شك أن أفراد الجاليات لو أتيح لهم التصويت كلهم، فلن يصوتوا للنظام القائم».
ستجري الانتخابات بمشاركة 25 حزباً، قدموا 2071 قائمة لمرشحيهم في عموم البلاد، وبلغ عدد المسجلين في القائمة الانتخابية الوطنية مليوناً و800 ألف ناخب، بزيادة 27 بالمئة مقارنة بالانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2018.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس