أفريقيا برس – موريتانيا. مع اقتراب الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى، تتجدد في موريتانيا صور الدعم الشعبي والرسمي لقطاع غزة، حيث تتوزع مبادرات النصرة والمساندة على جبهات متعددة: من التحسيس الإعلامي، إلى المشاركة في أسطول الصمود العالمي، وصولاً إلى مشاريع الإغاثة والتمويل الشعبي التي تتوالى منذ شهور، فضلاً عن المواقف الرسمية الداعمة لفلسطين في المحافل الدولية.
ففي موازاة الحراك الشعبي، أكدت موريتانيا مجدداً التزامها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، فقد دعا وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، محمد سالم ولد مرزوك، بقية الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى الالتحاق بركب المجتمع الدولي الذي أقرّ إعلان نيويورك، وصوّت لصالحه أكثر من 140 دولة.
وقال ولد مرزوك، خلال اجتماع في الأمم المتحدة حول حل الدولتين، إن هذا الحل «ليس مكافأة، بل هو منطوق قرار التقسيم الذي أقرته الأمم المتحدة قبل ما يقارب 80 سنة»، مضيفاً أن الاعتراف بفلسطين «ضرورة تمليها مواجهة الغطرسة الإسرائيلية وما ارتكبته من إبادة جماعية في غزة خلال العامين الأخيرين».
وأوضح الوزير أن اعتراف أكثر من 150 دولة بالدولة الفلسطينية «خطوة مهمة»، لكنها غير كافية ما لم تُترجم بقيام دولة فلسطين على الأرض، داعياً «إلى خارطة عمل واضحة تضمن تنفيذ حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد الذي يحقق السلام الدائم في الشرق الأوسط».
وثمّن ولد مرزوك جهود السعودية وفرنسا في صياغة إعلان نيويورك، معرباً عن شكر موريتانيا للدول التي «انحازت إلى الحق والعدل ومقتضيات القانون الدولي الداعم لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة».
وبالتوازي مع هذه الموقف، أطلق الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني دعوة عامة لإحياء الذكرى الثانية لطوفان الأقصى، عبر ندوات ووقفات وتظاهرات منظمة على عموم التراب الموريتاني، في الفترة ما بين 1 و10 تشرين الأول/أكتوبر 2025.
وفي السياق ذاته، نظمت المبادرة الطلابية الموريتانية لمقاومة الاختراق الصهيوني وقفة احتجاجية للتنديد بجرائم الاحتلال في غزة، مطالبة بطرد سفارات داعميه من البلاد، وفاءً، كما جاء في بيانها، «لواجب النصرة والإسناد لشعب غزة الصامد ومقاومته الباسلة».
كما دعا ناشطون موريتانيون إلى حملة تدوين رقمية تحت وسم #موريتانيا_تدعم_الأسطول، تعبيراً عن التضامن مع المشاركين في أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة.
ويمثل موريتانيا في أسطول الصمود عدد من النشطاء، بينهم الإعلامي البارز محمد فال ولد الشيخ الذي وصف الأسطول بأنه «رسالة إنسانية استثنائية» معبراً عن أمله أن يكون «استثنائياً في نتائجه».
ويواصل الناشط محمدن البساتي مرابطته في ميناء بورتو بالو الإيطالي في انتظار استئناف الرحلة، موثقاً يومياته التي يغمرها الترقب والأمل.
ودان اتحاد المواقع الإلكترونية الموريتانية بشدة الاعتداء الذي تعرض له الأسطول مؤخراً من طائرات مسيرة إسرائيلية، واصفاً ما حدث بأنه «استهداف متعمد لمهمة إنسانية سلمية» و«اعتداء صارخ على مبادئ القانون الإنساني الدولي».
أما المحامي الموريتاني محمد المامي ولد مولاي أعلي، فقد شدد من جانبه على أن استهداف الأسطول «يُصنَّف جريمة حرب وفق القانون الدولي»، داعياً الحقوقيين إلى التحرك لحماية المشاركين.
ولا يقتصر الدعم الموريتاني لغزة على التظاهر أو التحسيس، بل يمتد عملياً عبر مشاريع إغاثية ميدانية ينفذها الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني بتمويل مباشر من مبادرات أهلية وشعبية.
ومن بين هذه المشاريع توزيع الطرود الغذائية الذي استفادت منه 2165 أسرة في أيلول/ سبتمبر 2025، ومنها حملات توزيع الخبز لصالح 8000 أسرة في قطاع غزة، إضافة لمشروع توفير الحليب لأطفال غزة الذي تم تنفيذ دفعته الثانية لصالح 450 طفلاً.
وشملت عمليات التبرع والإغاثة برنامج كسوة الأيتام الذي نفذه الرباط بالشراكة مع جمعية نسائم الخير، إلى توزيع طرود غذائية وصحية: استفادت منها 902 أسرة نازحة.
وفي الإطار نفسه، تواصل المبادرات الشعبية تقديم الدعم المالي المباشر للأهالي في غزة، مثل مبادرة «وافعلوا الخير لعلكم تفلحون» في روصو جنوب موريتانيا، التي سلمت دفعة تبرعها الرابعة بقيمة 42.73 مليون أوقية قديمة، وكذا مجموعة «إيثار لأهل غزة الأحرار»، التي تبرعت بـ 160 ألف أوقية قديمة.
وبكل هذه الجهود يرسم الموقف الموريتاني، شعباً وحكومة، لوحة تضامن متعددة الأبعاد: فهنا موقف رسمي في المحافل الدولية يعزز الاعتراف بفلسطين، وهناك توعية إعلامية وشعبية تحفظ القضية في صدارة الاهتمام، وهنالك حضور ميداني دولي عبر المشاركة في أسطول الصمود، متوازياً مع إغاثة عملية توفر الغذاء والماء والدواء للأسر والأيتام في غزة.
وتؤكد هذه الجهود كلها أن نصرة فلسطين بالنسبة للموريتانيين ليست شعاراً عاطفياً، بل ممارسة يومية تتجدد بالوفاء والعطاء، من أرض شنقيط إلى أرض غزة الصامدة.
وبين الموقف السياسي الصريح والأنشطة الإنسانية المتواصلة، تبدو موريتانيا حاضرة في واجهة التضامن مع فلسطين، حيث يلتقي صوت الدولة مع فعل المجتمع، في مسار يعزز مكانة البلاد كإحدى الساحات العربية والإفريقية الأكثر تفاعلاً مع معاناة الشعب الفلسطيني وصموده.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس