
أفريقيا برس – موريتانيا. كلما تطاولت الحرب في غزة وواصل العالم تمالؤه مع المحتل وإطلاق يده الملطخة في ممارسة بطشه وتدميره، وكلما عانى النازحون والمشردون، ازداد الموريتانيون تعاطفاً وحماسة ومؤازرة للأهالي، وبذلوا جهوداً أكبر.
وفي هذا الإطار، كانت مسيرة يوم أمس الجمعة حاشدة بشعاريها الرئيسيين القويين “غزة صمود وانتصر؛ “لن نترك غزة وحدها”. فقد انطلقت المسيرة من المسجد الجامع وسط العاصمة نواكشوط، وصولاً إلى مقر مندوبية الأمم المتحدة، بحضور جماهيري واسع، جمع إلى الفئات الشعبية الطلاب والشباب والأئمة ورجال الدين والسياسيين، الذين ألقوا خطابات حماسية تعبيرًا عن التضامن مع غزة.
وتخلل المسيرة رفع الشعارات واللافتات التي تدعو إلى إنهاء الحصار على غزة، ومقاطعة الاحتلال، وفرض عقوبات على الكيان الصهيوني؛ مع الدعوة للاستمرار في دعم المقاومة الفلسطينية بكل الوسائل، والتأكيد على أن غزة هي رمز الصمود، وأن لا خيار سوى النصر أو التحرير.
وركز خطباء المسيرة على أهمية الوقوف إلى جانب أهل غزة في محنتهم، معتبرين أن هذه المسيرة هي تجسيد للواجب الديني والإنساني تجاه الشعب الفلسطيني.
وأكد الأئمة بصوت واحد “أن فلسطين ليست فقط قضية الفلسطينيين، بل هي قضية كل مسلم وعربي”؛ مشددين على “أن الجهاد الحقيقي اليوم هو في الوقوف مع غزة، ودعم مقاومتها، والدعوة للاستمرار في الضغط على المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم المستمرة.”
وأبرز الأئمة الخطباء في كلماتهم أن “القدس وغزة ليستا وحدهما، ولن يتركا وحدهما، فإن الأمة الإسلامية حية في قلوب أبنائها الذين يتفاعلون مع قضاياهم مهما كانت التحديات”.
واعتبر المتحدثون في المسيرة “أن هذا الحراك الشعبي هو تأكيد على أن دعمنا لغزة ليس مجرد كلمات، بل هو فعل يومي ومشاركة مستمرة”.
وأكد الساسة المشاركون في المسيرة “أن القدس وغزة جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية، وأن أي هجوم على غزة هو هجوم على كرامة كل عربي ومسلم”.
وأضاف الخطباء بلسان واحد: “اليوم نحن هنا لنقول للعالم بأسره، إن غزة ليست وحدها، وإننا سنظل نساند مقاومتها بكل السبل الممكنة، حتى ينال شعبها حريته ويسترد حقوقه.”
وأكد منعشو المسيرة “أن المسيرة ليست مجرد تظاهرة رمزية، بل هي دعوة حقيقية لمراجعة مواقف المجتمع الدولي من الاحتلال الإسرائيلي”، معتبرين أن “ما يحدث في غزة هو جريمة حرب مكتملة الأركان، وعلينا أن نكون صوتًا للمظلومين، وأن نستمر في الضغط على الحكومات العربية والدولية لرفع الحصار ووقف العدوان.”
وأكد متحدث باسم مبادرة الطلاب “أن “هذه المسيرة هي تأكيد على أن الأجيال القادمة لا تزال تؤمن أن فلسطين ستظل القضية المركزية للأمة حتى تحقيق النصر.”
وأوضح المتحدث “أن مسيرة اليوم ليست نهاية الطريق، بل بداية لمسيرات ومواقف جديدة ومتجددة موجهة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني؛ وأن فلسطين في قلب كل الأحرار ولن تُترك وحدها في مواجهة الاحتلال”.
وإلى جانب هذا الحراك، تواصلت التبرعات السخية، حيث سلم المنتدى الإسلامي الموريتاني لممثل حركة “حماس” في موريتانيا محمد صبحي أبو صقر، شيكاً بمبلغ 1.000.000.000 أوقية قديمة (حوالي مليونين ونصف مليون دولار)، موجهة لدعم الأهالي في غزة.
وأدرج المنتدى الإسلامي الموريتاني تسليم هذا المبلغ “ضمنَ الجهود الكبيرة التي يبذلها المنتدى لمناصرة إخوانه في غزة وأكناف بيت المقدس، وسعياً للتخفيف من معاناتهم، وقياماً بواجب الدِّين ومقتضيات الأخوة”.
وبمناسبة هذا التسليم، ألقى الدكتور محمد صبحي أبو صقر كلمة شكر فيها الحكومة والسلطات العمومية الموريتانية، والأحزاب، على مساندة فلسطين وأهل غزة، مثمِّناً ذلك، ومُبرزاً أثرَه.
كما شكر “الشعبَ الموريتاني بكلِّ أطيافه وجميع جهاته وقبائله على وقوفهم مع إخوانهم الفلسطينيين ودعمهم المتواصل لهم”.
وثمَّن محمد صبحي ما سماه “المساعيَ الجليلة، والأعمال الكبيرة التي يَقوم بها المنتدى الإسلامي الموريتاني دعماً لفلسطين وأهل غزة، ذاكراً جملة من مساعدات المنتدى كتقسيم السِّلال الغذائية، والأموال النقدية، والملابس الشتوية، والسقايات المائية، وإطعام الطعام، والمساعدات الطبية، وبناء الخيام، وغير ذلك مما يُسعف المحروم ويُعين الملهوف”.
وضمن وثبة الإغاثة المستمرة، قامت “مبادرة مراسيل ملان”، بتمويل حملة توزيع وجبات غذائية لمئات الأسر النازحة في قطاع غزة، كما تبرعت المبادرة الطلابية لإغاثة غزة بقافلة من المياه الصالحة للشرب لصالح النازحين في القطاع.
وعن طريق المنتدى الإسلامي الموريتاني، قامت جمعية “بشائر الخير” بتمويل توزيع عشرات البطانيات على عشرات الأسر النازحة في غزة، شأنها شأن مبادرة نساء قبيلة “الرحاحلة” المجاهدات اللائي مولن عملية توزيع لعشرات الأغطية الشتوية مساعدة لعشرات الأسر النازحة جنوب قطاع غزة.
وفي نفس الاتجاه، تبرعت كل من مجموعة “يا باغي الخير أقبل”، ومجموعة “البر والاستغفار” بتسيير قافلة مياه شرب لصالح عشرات الأسر النازحة في جنوب قطاع غزة.
وعلى مستوى المقالات والتدوينات المؤازرة للأهالي في غزة، كتب المدون المتابع لمجريات الحرب في القطاع إسماعيل يعقوب، مخاطباً غزة بقوله: “سامحينا غزة، فنحن لسنا أهلاً لمناصرتك: الفلسطينيون في غزة يعيشون منذ عام وعدة أشهر على وقع القصف الغادر الممنهج الذي لا يميز بين عسكري ومدني؛ يفقدون الأرواح الصغيرة والكبيرة من ذكر وأنثى على مدار الساعة، حتى تعود العالم على رؤية الأمر”.
وقال: “ليس الأمر مؤذياً لهم على ما يبدو؛ ونحن نستأنس بأخبار هنا وبقصاصات هناك وبرقيات بتصريح هنالك، أن ثمة رئيساً يود أن يرى نهاية الحرب قبل توليه منصبه، وآخر يود إنهاءها وآخرين يتفاوضون؛ لكن ما يحز في النفس أكثر، يضيف الكاتب، هو أن لا رئيس ولا أمير ولا ملك في العالم العربي والإسلامي من جوار غزة ولا من غير جوارها، يستطيع إنقاذ أهلها ولو بتهديد بقطع إمداد أو حشد عدة وعتاد، لأننا ضعفاء مستضعفون ومضعفون متفرقون فاشلون ذاهبة ريحنا”.
وزاد: “نحن العرب ونحن المسلمين، لا نزن جناح بعوضة في هذا العالم اليوم؛ ولا نملك ذرة أنفة ولا مثقال نخوة، لا يهابنا غيرنا ولا نهاب أنفسنا، فلا الجيش المصري المليوني نفع أهل غزة ولو بتهديد مشفر يمنع دك واحتلال معبر رفح، ولا الجيش الأردني نفع في حقن دماء أهل غزة، ولا اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة نفعتا في إيقاف شلال الدم في غزة؛ وحدهم أهل غزة فهموا اللغز وفككوه بطريقتهم ونزعوا الأقنعة بهدوء وشجاعة وتبصر”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس