أفريقيا برس – موريتانيا. في مشهد يختزل تلاحم الموريتانيين مع قضايا الأمة، تعيش موريتانيا حالياً أجواء من الفرح والفخر الوطني بعودة البطل محمد فال ولد الشيخ، أحد رموز أسطول كسر الحصار عن غزة، بالتزامن مع فعاليات واسعة لإحياء الذكرى الثانية لـطوفان الأقصى التي أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الوجدان الشعبي عربياً ودولياً.
وبين الاحتفال والوفاء، تواصلت على الأرض جهود الإغاثة الموريتانية التي وصلت ثمارها إلى أكثر من592 ألف مستفيد في قطاع غزة خلال شهر سبتمبر المنصرم وحده، في مشهد يجمع بين الفعل الإنساني والموقف المبدئي الراسخ في نصرة الشعب الفلسطيني.
وقد عبرت تنسيقية الصمود الموريتانية عن بالغ سرورها بإطلاق سراح وعودة الإعلامي محمد فال الشيخ من سجون الاحتلال، موجهةً أحرّ التهاني إلى الشعب الموريتاني وإلى عائلة «فارس الأسطول»، ومؤكدة أن مرحلة المطالبة والتضامن قد تحوّلت فوراً إلى مرحلة التحضير والتكريم، عبر تنظيم استقبال رسمي وشعبي يليق بمكانة البطل الذي اعتبرته التنسيقية «سفير موريتانيا الفخري للقضية الفلسطينية».
وفي سياق متصل، أحيت المبادرة الطلابية لمناهضة التطبيع ونصرة الشعب الفلسطيني ذكرى مرور عامين على «طوفان الأقصى» بتنظيم مهرجان حاشد تحت شعار «غزة… عامان من الصمود والمقاومة»، تخللته مداخلات واستحضار لتضحيات أبناء غزة الصامدين في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.
وأكد المشاركون أن الوقوف مع غزة واجب ديني وإنساني، وطالبوا بطرد سفارات الدول الداعمة للاحتلال من نواكشوط، تعبيراً عن الموقف الشعبي الثابت في نصرة القضية المركزية للأمة.
ومن جانب آخر، شهدت العاصمة نواكشوط، الأحد، تنظيم ندوة لعلماء موريتانيا مخصصة لإحياء الذكرى الثانية للطوفان، حيث تناول المشاركون، ومنهم الشيخ محمد الحسن الددو رئيس مركز تكوين العلماء، والدكتور محفوظ ولد الوالد رئيس المنتدى الإسلامي الموريتاني، ما تحقق من إنجازات خلال العامين الماضيين، إلى جانب التحديات الراهنة والواجبات الشرعية الملقاة على عاتق الأمة في مواجهة العدوان. وفي إطار التفاعل السياسي مع التطورات، أصدر حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) بياناً ثمّن فيه «الهبة الجماهيرية الدولية» تضامناً مع غزة، معتبراً أنها جاءت في وقتٍ حرج بعد أن ضيّقت آلة الإجرام الصهيونية الخناق على المدنيين في القطاع.
وأكد الحزب دعمه الكامل للمبادرات الشعبية لكسر الحصار، داعياً إلى تعبئة الموارد وتفعيل الدبلوماسية الشعبية للضغط على الكيان المحتل وتعريته أمام الرأي العام الدولي، كما دعا الدول العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى حماية المشاركين في هذه المبادرات ودعمها سياسياً وقانونياً.
وفي الجانب الإغاثي، واصلت منظمات المجتمع المدني الموريتاني جهودها الداعمة لأهالي غزة، حيث أعلن الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني عن تنفيذ سلسلة واسعة من التدخلات خلال شهر سبتمبر 2025، استفاد منها أكثر من 592 ألف شخص، في تعبير واضح عن التضامن الشعبي والرسمي مع أهل القطاع في ظل الظروف القاسية التي يمرون بها. وشملت هذه الجهود توزيع321,600 وجبة غذائية لضمان الأمن الغذائي للأسر المتضررة، بالإضافة إلى تقديم الدعم المباشر لـ 24,000 أسرة متعففة لتعزيز صمودها في مواجهة الأزمة.
كما تم توزيع7,216 طرداً صحياً لتلبية الاحتياجات الطبية العاجلة، في حين استفاد300 شخص من خدمات الخيمة التعليمية التي تهدف إلى استمرار العملية التعليمية للأطفال في المناطق المحاصرة.
وساهمت جهود حفر الآبار التي وصل عدد المستفيدين منها إلى6,000 شخص في توفير المياه الصالحة للشرب، كما واصلت آلية الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني تسيير مشاريعها المختلفة لتوفير الاحتياجات الأساسية.
وفي مجال الأمن الغذائي والمياه، بلغ عدد المستفيدين من توزيع المياه48,968 شخصاً، بينما وصل عدد المستفيدين من توزيع الخبر إلى64,000 شخص، ليصبح مجموع المستفيدين من الطرود الغذائية والمياه والخبز106,000 شخص.
وقد تم كذلك تقديم الرعاية والاهتمام بـ 600 يتيم، و368 طبيباً استفادوا من دعم الطواقم الطبية، بينما تم تقديم الدعم لـ200 امرأة معيلة لضمان صمود أسرهن.
كما شمل الدعم 6,000 مستفيد من خلال العيادة المتنقلة، و1,000 مستفيد من تشييد المصليات، و450 مستفيداً من توزيع حليب الأطفال، إلى جانب2,400 مستفيد من سلال الخضار، في صورة متكاملة للجهود الإنسانية التي تواصلها موريتانيا لصالح غزة، تعبيراً عن موقف متضامن وفاعل يعكس وفاء الشعب الموريتاني للقضية الفلسطينية.
وفي مبادرة إنسانية أخرى، يواصل المنتدى الإسلامي الموريتاني، بتمويل من فاعلي خير في موريتانيا، حفر وتشغيل الآبار الارتوازية في قطاع غزة، في ظل النقص الحاد في المياه الناتج عن تدمير الاحتلال لمحطات التحلية والتوزيع. وتوفر كل بئر مياه الشرب لمئات الأسر على مدى سنوات، ما يجعلها إحدى أنجع صور الدعم المستدام لأهل غزة.
كما واصلت قبيلة تندغه الواتسابية لنصرة غزة جهودها الخيرية، إذ أعلنت عن تبرع جديد بقيمة 1.6 مليون أوقية قديمة، لترتفع حصيلة تبرعاتها الإجمالية إلى أكثر من 201 مليون و600 ألف أوقية قديمة، في تعبير واضح عن عمق الارتباط الشعبي الموريتاني بالقضية الفلسطينية واستمرار نبض النصرة في وجدان الشارع الموريتاني.
وهكذا تتواصل فصول التضامن الموريتاني مع غزة، بين فرحةٍ بعودة الأبطال، وميادين تعجُّ بالمهرجانات والمبادرات الشعبية والعلمية والسياسية، تجسيداً لوحدة الموقف الموريتاني في دعم المقاومة الفلسطينية، وإيماناً راسخاً بأنّ نصرة المظلومين هي واجب لا تسقطه المسافات ولا يحدّه الحصار.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس