أفريقيا برس – موريتانيا. عادت السخونة للساحة السياسية الموريتانية بعد هدوئها الذي تلا التوقيع على ميثاق جمهوري بين النظام وأبرز حزبين معارضين هما قوى التقدم والتكتل، حيث جمعت المعارضة شتاتها والتأمت في لقاء تمخض الخميس عن توجيه انتقادات لاذعة لنظام الرئيس الغزواني، وعن عرض لأوضاع مأساوية يعيشها سكان موريتانيا، وعن قرار بتوحد المعارضة خلال الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف السنة الجارية.
وشارك في هذا اللقاء قادة أحزاب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون)، والتحالف الشعبي التقدمي، وحزب الصواب (البعثيون)، والجبهة الجمهورية للوحدة والديمقراطية، والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية/ حركة التجديد، وحزب الرك (غير مرخص) والقوى الوطنية للتغيير (غير مرخص)، وإلى الأمام موريتانيا (غير مرخص).
وأكد قادة التشكيلات السياسية التي تمثل المعارضة المتشددة، في بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه، أنها “تدين، وتستغرب دعوات أحزاب الأغلبية لإعادة ترشيح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية ثانية، في ظل ما عرفته مأموريته المنتهية من ضعف في الإنجاز، وتزوير للانتخابات، وقمع للحريات”.
وجددت المعارضة “التأكيد على أن تقرير الحكومة المقدم من الوزير الأول مؤخراً أمام البرلمان، أثبت ما يعيشه المواطن الموريتاني يومياً، من ترد للخدمات المعيشية، وفشل تنموي مزمن، وفساد شامل، وإهمال حكومي شامل”.
وأضافت الأحزاب المعارضة: “نؤكد رفضنا القاطع، “لوثيقة الميثاق الجمهوري” (موقعة بين الحزب الحاكم وحزبين معارضين مُهادِنيْن) وللمسار الأحادي الذي اعتمد من خلاله، وندعو لحوار وطني شامل، يجنب البلاد المخاطر التي عرفتها بلدان مجاورة ومشابهة لا يختلف عنها بلدنا في شيء، ويضمن التوصل إلى حلول توافقية لكل مشاكل البلاد، ويحقق تنظيم انتخابات رئاسية شفافة، تمنع تكرار التزوير الفج وغير المسبوق، الذي عرفته الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية العام الماضي”. وأعلنت الأحزاب “عن اتفاقها على الدخول في مسار مشترك في الانتخابات المقبلة، سواء عبر خيار موحد، أو خيارات متعددة”.
وتابعت الأحزاب أنها “اتخذت مواقفها هذه، في ظل ما يعيشه عامة الشعب الموريتاني من ظروف صعبة، نتيجة التصاعد المتواصل لأسعار المواد الأساسية، وتهاوي قيمة العملة المحلية الأوقية، وانتشار الفساد والمحسوبية، وتخييم شبح الجفاف على مناطق واسعة من البلاد، المثير لمخاوف وقلق السكان، وفي ظل فشل مزمن للحكومة، وما أظهره تقرير الوزير الأول أمام البرلمان من عجز وانعدام للإنجاز، وضبابية في الرؤية والتخطيط، ومع ما تعيشه الحريات العامة في البلاد من تدهور خطير، بدءاً من منع ترخيص الأحزاب للقوى السياسية الراغبة في الترخيص، مروراً بقمع النواب البرلمانيين داخل قبتهم وخارجها، بعد أن أطبق هذا القمع على الشعب وقواه الحية من طلاب، ومنقبين، وعمال، ونشطاء حقوقيين، وإعلاميين ومدونين”.
وأكدت الأحزاب “أن تنسيقها السياسي هذا يأتي إثر إصرار الحكومة وتماديها في تجاهل الواقع الذي شرحه البيان، وما يحيط بموريتانيا من أزمات خطيرة، وبسبب إصرار الحكومة على المضي في أجنداتها الأحادية في كل المجالات، وتجاهل واقع الشعب، ومطالبه، وأولوياته، وتطلعات قواه الحية”.
وتزامن هذا الحراك مع إعادة تشكل للساحة السياسية الموريتانية، عائد لحمى الانتخابات الرئاسية التي أصبحت على الأبواب والتي تستعد لها أطراف الساحة السياسية الموريتانية، كل فيما يعنيه.
وفي هذا الإطار، أعلن في نواكشوط عن تأسيس تيار “من أجل الوطن” بزعامة القيادي الإسلامي البارز محمد جميل منصور المستقيل من حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان، بعد أن أسسه ورأسه لعدة سنوات.
وأكد ولد منصور في حفل الإعلان التأسيسي لهذه التشكيلة التي ضمت العديد من كبار رجال السياسة والثقافة والأدب ونشطاء المجتمع المدني “أن التيار الجديد هو مشروع سياسي ممتد في الزمن والفضاء الاقتراحي، وليس مبادرة لها موقف سياسي لحظي متعلق بحدث انتخابي فقط”.
وأضاف ولد منصور “أن التيار عبر عن موقف سياسي فعلاً، يتعلق بدعم الرئيس محمد ولد الغزواني، في الانتخابات الرئاسية القادمة، لكنه مشروع سياسي يحمل رؤية للوطن وأفقه أن يتحول إلى حزب سياسي في الوقت الذي اجتمعت الظروف المناسبة لذلك”.
وعبر ولد منصور عن “أمله في أن تزول المعوقات المتعلقة بإعلان وإنشاء الأحزاب السياسية، في أقرب وقت”، معتبراً “أن المعول عليه في النقاشات المتوقعة والمنتظرة في لاحق الأيام هو الأحزاب السياسي”.
وذكر ولد منصور “أن التيار الجديد لا يقصد الأشخاص ولا العناصر ولا المجموعات المشكلة للتيار، لكنه يقصد مقاربة تعتمد على عناصر جديدة مبنية على التجارب السابقة التي كان كل واحد منا جزءاً من إحداها”، حسب تعبيره.
وأكد ولد منصور أن مؤسسي تيار “من أجل الوطن” لن يكونوا مترددين في المواقف الإيجابية اتجاه السياسات الرسمية، “لكن ستبقى معنا، حسب قوله، روح الانتقاد والملاحظة والاقتراح، وهو ما نطلق عليه المساندة الناقدة أو الدعم المتبصر”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس