أفريقيا برس – موريتانيا. تحولت الساحة المقابلة للسفارة الأمريكية بنواكشوط إلى منبر صاخب للهتافات واللافتات، حيث تدفق المئات من الموريتانيين ليجعلوا من أصواتهم دروعاً لـ «أسطول الصمود» الذي حاول الاحتلال الإسرائيلي النيل منه.
وفي مشهد تختلط فيه الغضبة الشعبية بوهج التضامن، أعلن المحتجون أن المساس بالقافلة ليس مجرد اعتداء على ناشطين، بل تحدٍ مباشر لكرامة الأمة ووجدانها، وأن فلسطين بالنسبة لهم ليست خبراً عابراً، بل قضية هوية ووجود.
وتواصلت في موريتانيا موجة التضامن مع «أسطول الصمود العالمي» الذي تعرض لهجوم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء توجهه إلى غزة محمّلاً بنشطاء ومساعدات إنسانية.
وقد تراوحت أشكال التضامن بين بيانات إدانة صريحة ووقفات احتجاجية داخل نواكشوط، شارك فيها سياسيون وبرلمانيون وناشطون طلابيون.
وأصدرت تنسيقية الصمود الموريتانية بياناً قوياً أدانت فيه ما وصفته بـ»العدوان الغاشم» على الأسطول، معتبرة أنه «قرصنة واعتقال للنشطاء في خرق سافر للقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية».
وأكدت تضامنها المطلق مع جميع المعتقلين، وعلى رأسهم الإعلامي والصحافي محمد فال ولد الشيخ، عضو هيئة الأسطول، الذي كان على متن سفينة دير ياسين.
وطالبت المنظمات الدولية وحقوق الإنسان بـ»التحرك العاجل للإفراج غير المشروط عن كافة النشطاء»، كما دعت الحكومة الموريتانية إلى «تحمل مسؤولياتها واتخاذ خطوات دبلوماسية عاجلة لحماية مواطنها وضمان سلامته». واستحوذ اعتقال الصحافي محمد فال ولد الشيخ، على اهتمام الرأي العام الوطني في موريتانيا، حيث وصفه بيان التنسيقية بـ«البطل الذي ألقى به موج التضامن إلى شواطئ الأسر»، مؤكداً أن «جسده حبيس، لكن عزيمته أوسع من جدران السجون». ونُشرت على منصات التواصل تدوينات وصور له وهو يشارك على متن دير ياسين، فيما اعتبره ناشطون رسالة تحدٍّ واضحة بأن «غزة ليست وحدها»، وأن الأسر لن يطفئ صوته.
ودعت تنسيقية أسطول الصمود إلى «ممارسة الضغط على السلطات المحلية والدولية» من أجل الإفراج الفوري عن محمد فال وجميع رفاقه؛ مضيفة في بيانها: «صوت الحرية لا يُسجن، وإرادة الشعوب لا تُكسر.»
وقد تفاعل العديد من النشطاء مع هذا النداء، معتبرين أن القضية لم تعد فقط تضامناً مع غزة، بل ودفاعاً عن كرامة موريتاني اعتُقل ظلماً وعدواناً وهو يؤدي واجباً إنسانياً.
وفي موازاة ذلك، نظم نواب البرلمان الموريتاني مساء الأربعاء، وقفة تضامنية أمام مقر الجمعية الوطنية في نواكشوط، رفعوا خلالها شعارات داعمة للأسطول ومؤيدة لجهوده الإنسانية.
وأكدوا في كلمات ألقوها خلال الوقفة دعمهم المطلق للمشاركين في الأسطول، مشددين على أن «النشطاء خاطروا بحريتهم من أجل رفع المعاناة عن أهالي غزة».
وطالب النواب المجتمع الدولي بـ»تحرك عاجل لكسر الحصار الجائر المفروض على القطاع، ووقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني».
وتواصلت في العاصمة نواكشوط وقفات الاحتجاج الحاشد أمام مقر السفارة الأمريكية، دعا إليها ناشطون في المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة، تنديداً بالاعتداء الذي استهدف «أسطول الحرية» المتجه إلى غزة.
وقد عرفت الفعالية مشاركة واسعة من أئمة المساجد ورؤساء أحزاب سياسية ونواب في البرلمان، إلى جانب مئات من الشباب والطلبة، في مشهد عكس تمسك الموريتانيين بمركزية القضية الفلسطينية وحضورها القوي في وجدانهم. في مشهد مهيب، احتشد المئات من الموريتانيين مساء الأربعاء إلى وقت متأخر من فجر الخميس أمام السفارة الأمريكية في نواكشوط، بدعوة من المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني، تنديداً بالاعتداء الغاشم على «أسطول الحرية» المتجه إلى غزة.
وعجت الساحة بشعارات وهتافات بينها: «الموت للاستكبار.. الحرية لفلسطين»
«غزة رمز العزة»، «القدس عاصمة فلسطين الأبدية».
وكانت الأعلام الفلسطينية ترفرف، واللافتات والشعارات تفضح الدور الأمريكي في دعم الاحتلال، فيما تعالت أصوات الأئمة ورؤساء الأحزاب ونواب البرلمان بخطب نارية أكدت أن «إسرائيل كيان غاصب مجرم، والولايات المتحدة شريكة في جرائمه»، وأن «الشعب الموريتاني سيبقى وفياً لفلسطين حتى التحرير الكامل».
وافتتحت الوقفة بكلمة لرئيس المبادرة الطلابية، الذي أكد أن الاعتداء على «أسطول الحرية» هو «اعتداء على الضمير الإنساني، وعلى كل مناصري الحرية عبر العالم»، مشدداً على أن موريتانيا ستظل «صوتاً صريحاً في مواجهة الاحتلال والداعمين له».
وتدل هذه الوقفة على أن القضية الفلسطينية ما تزال وستظل القضية الجامعة للموريتانيين بمختلف أطيافهم الفكرية والسياسية، وأن الاعتداء على «أسطول الحرية» جاء ليعيد تنشيط الخطاب المناهض للتطبيع، وليؤكد على ارتباط الساحة الموريتانية بمسار النضال العالمي ضد الاحتلال.
كما أن مشاركة رموز دينية وسياسية في وقفة تقودها مبادرة طلابية تحمل دلالة على تجدد التلاحم بين الأجيال في الدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين، في وقت يشهد فيه العالم تزايد محاولات التطبيع والتهميش لقضية القدس وغزة.
ويرى مراقبون أن التفاعل الشعبي والسياسي الواسع في موريتانيا مع «أسطول الصمود» يعكس مكانة القضية الفلسطينية في الوجدان الوطني، لكنه يطرح في الوقت ذاته تساؤلات حول مدى قدرة هذه التحركات على التأثير في المسارات الدبلوماسية، خصوصاً في ظل صمت بعض القوى الدولية الفاعلة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس