أفريقيا برس – موريتانيا. أعلنت الحكومة الموريتانية وصندوق النقد الدولي، الإثنين، عن توصلهما لاتفاق جديد ضمن المراجعة الرابعة لبرنامج «الآلية الموسعة» والثالثة لبرنامج «المرونة والاستدامة».
ويأتي هذا الاتفاق تتويجًا لسلسلة مشاورات فنية امتدت أسبوعين بين الحكومة الموريتانية وبعثة فنية من صندوق النقد، شهدت استعراضًا شاملاً لأداء الاقتصاد الوطني والإصلاحات الجارية في مختلف القطاعات.
وقد أشاد الصندوق بالتقدم الذي أحرزته موريتانيا على صعيد الاستقرار الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، مشددًا على ضرورة مواصلة الجهود لتنويع الاقتصاد وتعزيز مساهمة القطاعات غير الاستخراجية في النمو، بما يعزز مناعة البلاد تجاه الصدمات الخارجية ويضمن نمواً أكثر شمولاً واستدامة.
ويتعلق الاتفاق الذي توصل له الصندوق مع الحكومة الموريتانية بالمراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من خلال آلية التسهيل الائتماني الموسع وآلية التسهيل الائتماني الممدد، إضافة إلى المراجعة الثالثة لبرنامج موريتانيا في إطار آلية المرونة والاستدامة.
وأوضح رئيس البعثة، فيليكس فيشر، أن الاتفاق يشمل، في حال اعتماده من طرف مجلس إدارة الصندوق، صرف 6.4 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل حوالي 8.6 ملايين دولار أمريكي) في إطار آليتي التسهيل الائتماني الموسع والممدد، و14.86 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 20.1 مليون دولار أمريكي) بموجب آلية المرونة والاستدامة، ما يرفع إجمالي المبالغ المصروفة لموريتانيا في إطار هذه البرامج إلى 111 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 148.4 مليون دولار أمريكي).
ووفقًا لتقديرات البعثة، فقد تجاوز أداء الاقتصاد الموريتاني التوقعات خلال عام 2024، حيث بلغ معدل النمو 5.2% مقابل توقعات سابقة عند 4.6%. ومع ذلك، يُتوقع أن يتباطأ النمو إلى 4.0% في عام 2025، نتيجة انكماش قطاع الصناعات الاستخراجية. وتبقى التوقعات الاقتصادية على المدى المتوسط إيجابية، شريطة تنفيذ إصلاحات إضافية تهدف إلى تنويع القاعدة الاقتصادية وتعزيز مساهمة القطاعات غير الاستخراجية. وقد سجل البرنامج الاقتصادي أداءً جيدًا، حسب بيان نشرته البعثة، إذ تم تحقيق كافة الأهداف الكمية المحددة لنهاية كانون الأول/ديسمبر 2024.
وجاء التعديل المالي متناغمًا مع أهداف البرنامج، مدعومًا بتحسين في تعبئة الإيرادات الضريبية وضبط النفقات العامة؛ كما أن التزام السلطات بنهج مالي قائم على مرتكزات انضباط الميزانية، إضافة إلى مرونة نظام سعر الصرف، ساعد على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، ودعم قدرة البلاد على مواجهة الصدمات في سياق عالمي يتسم بتزايد مستويات عدم اليقين. وأعربت السلطات، حسب البيان، عن التزامها بالحفاظ على عجز أولي غير مرتبط بالقطاع الاستخراجي لا يتجاوز 15.4 مليار أوقية جديدة (ما يعادل 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2025.
ومن المنتظر أن يسهم تعزيز تعبئة الموارد المحلية ورفع كفاءة الإنفاق العام في توفير هوامش مالية تستجيب لمتطلبات التنمية، دون الإضرار بمصداقية الإطار المالي متوسط الأمد.
وأشادت بعثة صندوق النقد الدولي بالتقدم المحرز في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، ولا سيما إصدار قوانين جديدة تنظم عمل البنك المركزي والقطاع المصرفي، بالإضافة إلى قانون الاستثمار الجديد. كما حثت السلطات على استكمال المراسيم التطبيقية المتعلقة بالشركات العمومية، وقانون الاستثمار، والمنطقة الحرة في نواذيبو. وأكدت البعثة أن تنفيذ الخطة الوطنية للحَوكمة، بما في ذلك تفعيل قوانين التصريح بالممتلكات والمصالح وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد، سيُعزز الشفافية والمساءلة ويحسن مناخ الاستثمار.
وفيما يتعلق بالتغير المناخي، ثمنت البعثة جهود الحكومة الموريتانية في تنفيذ أجندتها المناخية، حيث اعتمد البرلمان مساهمة مناخية جديدة، كما تم إصدار مرسوم يتيح للمنتجين الخواص للطاقة النفاذ إلى شبكات نقل الكهرباء الوطنية.
وناقشت البعثة كذلك مراحل التحضير لإطلاق آلية تسعير تلقائي للمحروقات، مشددة على أهمية توفير تعويضات موجهة للفئات الهشة للتخفيف من أثر تلك الإجراءات.
وفي مؤتمر صحافي مشترك بين الحكومة الموريتانية وبعثة صندوق النقد الدولي،
أشاد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، فيليكس فيشر، بالتقدم الذي حققته موريتانيا في مجال الإصلاحات، موضحًا أن الأداء الاقتصادي خلال عام 2024 كان أفضل من المتوقع، حيث بلغ معدل النمو 5,2% مقارنة بالتوقعات الأولية التي قدرت بـ4,6.%.
وأضاف أن هذا الأداء يعكس الديناميكية المسجلة في القطاع غير الاستخراجي، والذي يُتوقع أن يواصل تحفيز النمو الاقتصادي خلال عام 2025 بمعدل يصل إلى 4,0%..
وأكد أن استمرارية الإصلاحات الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وتحسين أداء القطاع غير الاستخراجي، إلى جانب الالتزام بسياسة مالية متماسكة وسعر صرف مرن، سيساعد موريتانيا في تعزيز استقرارها الاقتصادي وقدرتها على الصمود في وجه الصدمات المستقبلية.
وبنفس المناسبة، ثمّن كوديورو موسى الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية في الحكومة الموريتانية، مستوى الدعم الفني والمالي الذي يقدمه صندوق النقد الدولي لموريتانيا، مؤكدًا أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد أسبوعين من المشاورات يعكس نجاعة السياسات الاقتصادية المتبعة.
وأشار الوزير إلى أن الحكومة الموريتانية تركز في خياراتها الاقتصادية على تعبئة الموارد العمومية اللازمة للاستثمار، بما يسهم في خلق فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، لا سيما الفئات الأكثر هشاشة، عبر تقليص معدلات الفقر. وأوضح محافظ البنك المركزي محمد الأمين الذهبي أن البعثة اطلعت على التقدم الحاصل في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد، وتطبيق الإصلاحات المتفق عليها في البرنامج.
وأضاف أن البنك المركزي أطلق حزمة من الإصلاحات الهادفة إلى تحديث القطاع المصرفي وتعزيز دوره في التنمية، من خلال تحديث إطار السياسة النقدية، وتطوير سوق ما بين البنوك، وتحسين نظم الرقابة، بما يتماشى مع نظام سعر الصرف المرن.
كما أكد التزام البنك المركزي بتحقيق شمول مالي عادل ومستدام، مشيرًا إلى ارتفاع نسبة الشمول المالي من 21% في نهاية 2021 إلى 45% بنهاية 2024، إضافة إلى استفادة أكثر من مليون مواطن من نظام الدفع البيني عبر منصة «جيمتل» وإطلاق برنامج وطني للتثقيف المالي. وأشار محافظ البنك المركزي أن احتياطي البلاد من العملة الصعبة بلغ ملياري دولار، وهو ما يغطي حوالي سبعة أشهر من الواردات، مشيرًا إلى أن هذا الاحتياطي يعكس فعالية السياسات النقدية والمالية والإصلاحات الهيكلية الجارية، ضمن برنامج «الصمود والاستدامة». كما أكد أن السوق النقدية ساهمت في تثبيت قيمة العملة الوطنية وتحسين التوازنات الاقتصادية الكبرى.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس