أفريقيا برس – موريتانيا. أعلنت رئاسة الجمهورية الموريتانية، الخميس 19 سبتمبر 2025، عن إجراء تعديل وزاري واسع شمل إحدى عشرة حقيبة وزارية، وذلك بموجب مرسوم صادر عن رئيس الجمهورية وبناءً على اقتراح من الوزير الأول. ويأتي هذا التعديل في سياق إعادة هيكلة الفريق الحكومي، بهدف تعزيز الأداء التنفيذي في عدد من القطاعات الحيوية، ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد. التغيير الوزاري لم يكن شكليًا أو محدودًا، بل حمل دلالات سياسية وإدارية عميقة، تشير إلى توجه جديد في إدارة الدولة.
تفاصيل التعيينات الوزارية الجديدة
شملت التعيينات وزارات سيادية وخدمية واجتماعية، وجاءت بأسماء بعضها معروف في المشهد السياسي والإداري، وبعضها يمثل وجوهًا جديدة تحمل خلفيات مهنية وتقنية. أبرز التعيينات جاءت على النحو التالي:
1- محمد ولد اسويدات وزيرًا للعدل، وهو شخصية إدارية ذات خبرة متعددة، سبق أن شغل منصب وزير الوظيفة العمومية والعمل، ومستشارًا برئاسة الجمهورية، كما تولى حقيبة التنمية الحيوانية في 2022. يحمل شهادة دراسات عليا في الإدارة العمومية من جامعة كبك بكندا، ويُنظر إليه كأحد الوجوه القادرة على إدارة الملفات العدلية الحساسة.
2- الفضيل ولد سيداتي وزيرًا للشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، وهو شخصية معروفة في الحقل الدعوي، وله حضور بارز في الوسط الديني والتعليمي، ما يعزز الطابع التخصصي لهذا التعيين.
3- عبد الله سليمان الشيخ سيديا وزيرًا للشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو خبير اقتصادي يُتوقع أن يضطلع بدور محوري في إدارة ملفات التنمية والاستثمار، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
4- كوديورو موسي انكينور وزيرًا للمالية، ويُعد تعيينه مؤشرًا على توجه نحو تنويع الكفاءات في القطاع المالي، وإدماج وجوه جديدة في إدارة الموارد العامة.
5- محمد محمود اعلي محمود وزيرًا للصحة، ويُنتظر منه تعزيز البنية الصحية وتحسين الخدمات الطبية، خصوصًا في مرحلة ما بعد جائحة كورونا.
6- مريم بيجل وزيرةً للوظيفة العمومية والعمل، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب في الحكومة الحالية، مما يعكس توجهًا واضحًا نحو تمكين المرأة في المناصب العليا.
7- المختار أحمد بوسيف وزيرًا للصيد والبنى التحتية البحرية والمينائية، وهو قطاع حيوي لموريتانيا، يُتوقع أن يشهد تطويرًا في البنى التحتية البحرية والمينائية.
8- سيد أحمد ولد ابوه وزيرًا للزراعة والسيادة الغذائية، ويأتي تعيينه في ظل توجه الدولة نحو تعزيز الأمن الغذائي المحلي.
9- سيد أحمد ولد محمد وزيرًا للتنمية الحيوانية، خلفًا لولد اسويدات، ويُنتظر منه مواصلة جهود تطوير القطاع الحيواني.
10- مامودو ممدو انيانك وزيرًا للعقارات وأملاك الدولة والإصلاح العقاري، وهي حقيبة جديدة نسبيًا، تعكس اهتمام الدولة بتنظيم الملكية العقارية وتعزيز الشفافية.
11- الناه حمدي مكناس وزيرةً للإسكان والعمران والاستصلاح الترابي، وهي من أبرز الشخصيات النسائية في الحكومة، ولها تجربة سابقة في العمل الوزاري.
خلفية التعديل وأسبابه
يُعد هذا التعديل من أوسع التغييرات الوزارية التي شهدتها موريتانيا في السنوات الأخيرة، حيث شمل ما يقارب 45% من التشكيلة الحكومية. لم يقتصر التغيير على تبديل الأسماء، بل شمل أيضًا إعادة هيكلة بعض الوزارات، واستحداث حقائب جديدة، مثل وزارة العقارات وأملاك الدولة، ووزارة الصيد والبنى التحتية البحرية والمينائية، مما يدل على توجه نحو معالجة ملفات إدارية واقتصادية كانت مهمشة أو غير منظمة سابقًا.
التوقيت الذي جاء فيه التعديل يحمل دلالات سياسية واضحة، إذ يتزامن مع تصاعد المطالب الشعبية بتحسين الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى الحاجة الملحة لتسريع مشاريع البنية التحتية والتنمية الريفية. كما أن التعديل يأتي في مرحلة يُتوقع فيها أن تشهد البلاد تحولات سياسية أو انتخابية، ما يجعل إعادة ضبط الفريق الحكومي خطوة استباقية لتجهيز الحكومة لمرحلة جديدة.
دلالات التعديل على المستوى السياسي والإداري
التعديل الوزاري يعكس توجهًا نحو التجديد وضخ دماء جديدة في الحكومة، مع التركيز على الكفاءات المهنية والتخصصية. دخول وجوه جديدة مثل كوديورو موسي انكينور ومامودو ممدو انيانك يعكس انفتاحًا على كفاءات من خلفيات متنوعة، وربما توجهًا نحو تمثيل أوسع للمكونات الوطنية. كما أن تعيين وزيرتين في مناصب استراتيجية (الوظيفة العمومية، والإسكان) يعكس توجهًا نحو تمكين المرأة في صنع القرار، وهو ما يُعد تطورًا مهمًا في المشهد السياسي الموريتاني.
من جهة أخرى، فإن التركيز على القطاعات الاقتصادية والعدلية والصحية يشير إلى أولويات المرحلة المقبلة، حيث يُنتظر من الوزراء الجدد تقديم حلول عملية للتحديات اليومية التي تواجه المواطن، وتعزيز الثقة الشعبية في أداء الحكومة.
وحسب مراقبين فان التعديل الوزاري الأخير في موريتانيا ليس مجرد تغيير في الأسماء، بل هو إعادة تشكيل استراتيجية للفريق الحكومي، تهدف إلى تحسين الأداء التنفيذي، وتعزيز الثقة الشعبية، ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة. كما أنه يحمل رسالة سياسية بأن الرئاسة تتابع الأداء الوزاري وتُجري تغييرات جوهرية عند الحاجة، في إطار ديناميكية إصلاحية قد تمهد الطريق لتحولات أعمق في إدارة الدولة خلال المرحلة المقبلة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس