موريتانيا..هل حلت المغالبة محل المحاصصة ؟

30

ينص الدستور الموريتاني – كغيره من الدساتير-، وكذلك القوانين المعمول بها على أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق، والواجبات، وتنص أبجديات الديمقراطية، والعدالة على مبدأ “تكافؤ الفرص” في الولوج للمناصب العامة في الدولة، والاستفادة من المزايا الاقتصادية، وفرص التحصيل المالي، والعلمي، غير أن جميع الأنظمة التي حكمت موريتانيا منذ الاستقلال إلى اليوم ظلت تحكم البلد بناء على توازنات قبلية، وجهوية، وعرقية بالغة التعقيد، والحساسية، وإذا اختلت تلك التوازنات حدثت هزات كبيرة أحيانا تنعكس على أمن البلد، بل وعلى استقرار النظام وديمومته، حتى إن الموريتانيين يعرفون أن هناك قطاعات حكومية، ووظائف ظلت شبه محتكرة على جهة، أو قبيلة، أو حتى أسرة معينة منذ الاستقلال، وقد خلق هذا الأسلوب، أو العرف المعمول به في موريتانيا حالة من المحاصصة في الدولة، مخالفة للقانون، والدستور، لكنها مطبقة ومسكوت عنها، ويتم الحديث عنها فقط في الصالونات، وخلف الأبواب الموصدة.

تراعي الأنظمة المتعاقبة في موريتانيا تلك التوازنات القبلية، والجهوية، والعرقية في تعيينات القطاعات الحكومية، والجيش، والأجهزة الأمنية، وقد تنامى الحديث عن احترام هذه المحاصصة هذه الأيام، مع توقع تعيين وزير أول جديد، وانتخاب رئيس للبرلمان، سيكون هو رئيس الجمهورية بموجب الدستور في حال تغيب الرئيس لسبب ما، وإذا انطلقنا من الفرضية التي يؤكدها الجميع اليوم، وهي انتخاب نائب ازويرات الشيخ ولد بايه رئيسا للبرلمان، فإن ذلك يقتضي – وفقا للمحاصصة العرقية، والجهوية- تعيين وزير أول من شريحة مغايرة لشريحة ولد بايه، ومن المناطق الشرقية ذات الكثافة السكانية العالية في البلد، هذا مع استحضار أن منصب رئيس الجمعية الوطنية ظل منذ إنشائها ممنوحا للولايات الكبيرة ديمغرافيا (الحوضين، واترارزه)، ومع ذلك فإن أي نائب في الجمعية الوطنية له الحق في الترشح لرئاستها بغض النظر عن دائرته التي دخل منها البرلمان، مع أن الأنظمة تفضل عادة منح رئاسة البرلمان لنائب من لائحة انواكشوط، أو اللائحة الوطنية، وليس لنائب من دائرة محلية، وسيتم خرق هذا العرف كذلك في حال ترؤس ولد بايه للبرلمان.