موعد الحكم على الرئيس السابق في 14 من الشهر المقبل

7
موعد الحكم على الرئيس السابق في 14 من الشهر المقبل
موعد الحكم على الرئيس السابق في 14 من الشهر المقبل

أفريقيا برس – موريتانيا. في مشهد تاريخي غير مسبوق، دخلت محاكمة الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، منعطفها الحاسم بعد أن حددت محكمة الاستئناف بولاية نواكشوط الغربية يوم الأربعاء 14 أيار/مايو المقبل، عند الساعة الثالثة مساء، موعدًا للنطق بالحكم في واحدة من أكثر القضايا إثارة في تاريخ القضاء الموريتاني، والمعروفة محلياً بـ”ملف العشرية”.

ومع اختتام مرافعات المحامين واستنطاق الرئيس السابق الذي يواجه عشر تهم بينها الإثراء غير المشروع وغسيل الأموال، ويحاكم منذ أربع سنوات، دخلت محكمة الاستئناف في نواكشوط الغربية في مداولات مغلقة وسط ترقب شعبي وسياسي واسع للأحكام التي ستصدر عنها.

وبينما يتوقع البعض أن تؤكد المحكمة الحكم الابتدائي الصادر من قبل في حق الرئيس السابق ومجموعته، يعتقد آخرون أن حكماً جديداً أكثر قساوة سيصدر في حق الرئيس السابق.

واختتم ولد عبد العزيز، الذي مثُل أمام المحكمة مجددًا أمس، دفاعه عن نفسه بتقديم موقفين، أولاهما الطعن في اختصاص المحكمة، والآخر المطالبة بتبرئته من جميع التهم، متمسكًا بالامتياز القضائي المنصوص عليه في المادة 93 من الدستور، ومؤكدًا أن المحكمة المختصة في مقاضاته هي محكمة العدل السامية، لا محكمة الاستئناف.

“ما يُحاكم اليوم ليس إلا إنجازاتي لهذا الوطن”، هكذا وصف الرئيس السابق سير المحاكمة المتواصلة منذ 2023، معتبرًا “أن لا دليل على ارتكابه فعلًا مجرمًا أو ضررًا بالمال العام، وأن الملف لا يعدو كونه تصفية حسابات سياسية تقودها أطراف نافذة داخل السلطة”.

وأضاف ولد عبد العزيز: “أعتز وأفتخر بأن كل الملفات المعروضة في المحكمة هي شواهد لا مطعن فيها على ما قدمته أنا وأعواني لهذا الوطن الغالي ولهذا الشعب العزيز”.

واعتبر الرئيس السابق “أن ما يحصل هو محاكمة لإنجازاته من طرف خصومه السياسيين”، مشدداً على “أنه لم يقدم أي دليل على فعل مجرم أو ضرر لحق بالدولة أو الشعب، وبالتالي أطلب على هذا الأساس الحكم ببراءتي من هذه التهم الكيدية إذا تجاوزت المحكمة الطلب الأول”.

ودافع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، بصوت متشنج، عن صفقات أبرمت خلال فترة حكمه، مشيرًا إلى أن هذه الصفقات “تشهد له لا عليه”.

وقال “إن لجنة التحقيق البرلمانية التي بدأت مسار محاكمته اختارت صفقات محددة لاستغلالها في عملية استهدافه”، لافتاً إلى أن “اللجنة تراجعت عن التحقيق في صفقات أخرى مثل صفقة شركة بولي هوندونغ الصينية، وصفقة الحاويات، وسونيمكس وميناء انجاگو؛ لأن إثارتها ستؤدي إلى تورط نافذين في النظام الحالي”.

وبخصوص القرض البالغ 15 مليار أوقية قديمة الذي منحته شركة “سنيم” لمؤسسة النجاح الخصوصية بفائدة ثمانية في المئة، في إطار صفقة تشييد مطار نواكشوط الدولي (أم التونسي)، أعلن الرئيس السابق تحمله المسؤولية فيها كاملةً، رغم أنه لم يعلم بهذا القرض إلا متأخراً”، وفق قوله.

أما فيما يتعلق بصفقة “جوي سولير” الصينية لإنارة مدينة نواكشوط، فأكد ولد عبد العزيز أنه لم يتم انتظار تعديل قانون الصفقات بسبب ما قال إنه “الطابع الاستعجالي للمشروع”، مضيفاً “أن قانون الصفقات ليس قرآناً”.

وإضافة لذلك، نفى ولد عبد العزيز تورطه في جميع التهمَ التي يحاكَم عليها والمنتظَر أن يصدر فيها حكم نهائي يوم 14 أيار/مايو المقبل.

وطعن الرئيس السابق في جميع مراحل محاكمته، بدءاً بالتشكيك في قانونية تحقيق اللجنة البرلمانية الذي كان فاتحة ملفّ محاكمة العشرية الأكبر والأطول في تاريخ البلد، مؤكداً “أن تقرير اللجنة مؤسس على الشائعات”.

ويطالب دفاع الرئيس السابق بالتبرئة التامة لموكله، بينما تطالب النيابة العامة بالحكم على الرئيس بعشرين سنة من السجن ومصادرة جميع مملكاته التي لها علاقة مؤكدة بالتهم الموجهة إليه.

وفي السياق ذاته، فجّر النائب المعارض محمد الأمين ولد سيدي مولود، سكرتير لجنة التحقيق البرلمانية التي قاد تقريرها الرئيس السابق إلى قفص الاتهام، قنبلة سياسية عندما وصف في تدوينة له أمس محاكمة الرئيس السابق بأنها “مجرد معركة سياسية بين جناحي نظام واحد”، مؤكدًا “أنها لا تمت بصلة لمحاربة الفساد، وأن لا علاقة لها بنتائج عمل اللجنة البرلمانية التي كان هو نفسه مقررها”.

وأكد ولد سيدي مولود “أن الفساد يزداد في النظام الحالي يوماً بعد يوم، وبأنه يتعاطى مع الفساد بزبونية فجة وازدواجية فاضحة”.

وفي تدوينة أخرى، قال ولد سيدي مولود إن “كل ما في الأمر أننا انتقلنا من “تأميم الفساد” خلال العشرية الأولى، إلى “تعميم الفساد” خلال العشرية الثانية، ومن “النهابين الوهابين” خلال فترة الحزب الجمهوري، إلى “أهل الجمع والمنع” خلال العشريتين”.

وختم ولد سيدي مولود تدوينه بقوله: “إننا نحتاج إلى نخبة ورؤية خارج كل هذه السياقات”.

وفي بلد لا يزال يتلمّس طريقه بين إرث الماضي وطموح المستقبل، تقف موريتانيا اليوم أمام لحظة حاسمة، قد تُعيد رسم المشهد السياسي برمّته: فهل يُطوى ملف العشرية بمنطوق وحيثيات الحُكم المنتظر، أم أنه سيفتح فصولاً جديدة في دفتر الصراع داخل أروقة السلطة؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس