موريتانيا تؤمن حدودها مع مالي وتعزز التعايش

1
موريتانيا تؤمن حدودها مع مالي وتعزز التعايش
موريتانيا تؤمن حدودها مع مالي وتعزز التعايش

أفريقيا برس – موريتانيا. في ظلّ أجواء إقليمية متوترة وتحديات أمنية متصاعدة على الحدود بين موريتانيا ومالي، تكثّف الحكومة الموريتانية جهودها لتأمين حدودها الجنوبية الشرقية وضمان استقرارها، بينما يسعى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، محمد سالم ولد مرزوك، إلى طمأنة الرأي العام مؤكداً أمام البرلمان أن الاتصالات مع باماكو «مستمرة وعلى أعلى المستويات»، وأن بلاده تعمل على معالجة الخلافات القائمة بروح من المسؤولية والحفاظ على وشائج الجوار والتعايش التاريخي بين الشعبين.

ووصف ولد مرزوك، الذي كان يتحدث أمام البرلمان، جمهورية مالي «بأنها الدولة الوحيدة المحاذية لموريتانيا التي لم تكن لنا معها أية مشاكل في السابق»، معبّراً عن أمله «في أن يحافظ البلدان على هذا الوضع مستقبلاً، ومؤكداً أن موريتانيا تعمل على هذا الأساس وتمنح الأولوية القصوى لأمن حدودها المشتركة مع مالي».

وأوضح الوزير «أن الجالية الموريتانية في مالي تواجه بعض الصعوبات، أبرزها إغلاق نحو 300 دكان لمواطنين موريتانيين مقيمين، مشيراً «إلى أن السلطات في باماكو أبدت استعدادها لحل عدد من القضايا المستعجلة».

وأضاف «أن اتصالات جارية يوميا مع الجانب المالي، وأن الطرفين اتفقا على إنشاء آلية مشتركة لتسيير القضايا العاجلة، على أن يعقد اجتماع لهذه الآلية الأسبوع المقبل».

ودعا ولد مرزوك إلى «تفهّم الظروف المعقدة التي تمر بها مالي، قائلاً إن دولة مالي الشقيقة تعيش أوضاعاً صعبة، وقد تكون هناك رغبة للقيام بشيء ما دون توفر الإمكانات لذلك»، لافتاً إلى أن «إدارة الدولة تقوم على توازن بين القرار الصاعد من القاعدة والنازل من القيادة، وأن اختلال هذا التوازن يؤثر سلباً في صنع القرار».

وتأتي تصريحات وزير الخارجية الموريتاني رداً على مساءلة برلمانية، في وقت تشهد فيه العلاقات الموريتانية المالية توتراً بسبب إغلاق مالي لحدودها البرية بدافع أمني، ما انعكس مباشرة على نشاط الرعاة الموريتانيين الذين يعتمد أكثر من 70% منهم على المرعى المالي لتصريف مواشيهم في موسم الانتجاع.

كما سُجلت في الأشهر الأخيرة حوادث حدودية متكررة اتُّهمت فيها قوات مالية ومجموعات مسلحة بارتكاب أعمال عنف ضد مدنيين موريتانيين، وهو ما أثار احتجاجات دبلوماسية من نواكشوط.

في المقابل، ردّت موريتانيا بإجراءات تشمل ترحيل بعض المهاجرين الماليين في وضع غير نظامي، وهو ما فُهم في باماكو كنوع من التصعيد، ما زاد من منسوب التوتر والريبة المتبادلة.

ويبلغ طول الحدود المشتركة بين موريتانيا ومالي 2230 كيلومتراً، تمتد عبر خمس ولايات موريتانية من أكثر المناطق كثافة سكانية، ما يجعل تأمينها مهمة معقدة.

وقد شدد الوزير مرزوك على أنه «لا يمكن لأي من البلدين أن يرحل عن الآخر، وما ينبغي القيام به يجب أن يخدم التعايش القائم بين الشعبين».

ويرى مراقبون أن الأزمة الراهنة تتجاوز بعدها الأمني، إذ تطرح أسئلة أوسع حول مستقبل التعاون الحدودي ومحاربة الإرهاب وتعزيز الثقة بين البلدين الجارين، في ظل واقع إقليمي هشّ يحتاج إلى مسار جديد يعيد بناء التفاهم ويحصّن التعايش المشترك.

وأوفدت موريتانيا مؤخراً وزيرها للشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج محمد سالم ولد مرزوك، إلى العاصمة المالية باماكو، حيث سلم رسالة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى رئيس المرحلة الانتقالية في مالي العقيد عاصمي غويتا، في خطوة تهدف إلى تبديد أجواء التوتر التي خيّمت مؤخراً على العلاقات بين البلدين الجارين.

وخلال اللقاء بين الرئيس الانتقالي المالي ووزير خارجية موريتانيا الذي جرى في القصر الرئاسي في باماكو، ناقش الجانبان وضعية التجار الموريتانيين في مالي، والمهاجرين الماليين المقيمين في موريتانيا، وسبل تسهيل تنقل الأفراد والبضائع بين البلدين، إلى جانب تفعيل المشاريع التنموية المشتركة.

وأكد الوزير الموريتاني دعم بلاده للشعب المالي، فيما اقترحت باماكو إعادة تفعيل اللجنة الكبرى المشتركة بين مالي وموريتانيا، وإنشاء إطار دائم للتشاور حول الملفات الثنائية ومتابعة تنفيذ الاتفاقات المبرمة.

وتنتهج موريتانيا في تعاملها مع أزمتها مع مالي مقاربة متوازنة تجمع بين الدبلوماسية الميدانية والحضور الأمني الفعلي، حيث تُقرأ التحركات المتزامنة لوزير الخارجية نحو باماكو ووزير الدفاع على الشريط الحدودي كرسالة واضحة بأن نواكشوط تراهن على الحوار لحلّ الخلافات، وعلى القوة الهادئة لحماية حدودها، في سعيٍ لترسيخ معادلة تجمع بين الاستقرار الإقليمي وصون علاقات الأخوة مع الجارة مالي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس