من دير ياسين إلى جنوب لبنان… الهمجية الاستعمارية هي نفسها!

1
من دير ياسين إلى جنوب لبنان... الهمجية الاستعمارية هي نفسها!
من دير ياسين إلى جنوب لبنان... الهمجية الاستعمارية هي نفسها!

أفريقيا برس – المغرب. في عام 1982، كان أبراهام السرفاتي وسيون أسيدون، نزيلَيْ السجن المركزي في القنيطرة (غرب الرباط بـ25 كلم) كمعتقَلَيْ رأي بسبب انتمائهما إلى منظمتين من منظمات اليسار الجديد (ماركسي ــ لينيني): كان أبراهام السرفاتي زعيمَ منظمة «إلى الأمام»، وسيون أسيدون قيادياً في منظمة «23 مارس»، لينشقَّ عنها في ما بعد ضمن منظمة «لنخدم الشعب» (ماويَّة). يقول أسيدون عن هذه المرحلة: «كانت علاقتي بالسرفاتي محدودة، رغم الاحترام الكبير الذي أكنه له. ورغم ما يجمعنا في النضال، فقد كانت بيننا اختلافات في الأفكار. لم أكن أجد نفسي متوافقاً معه في كل آرائه [..] اختلفنا داخل السجون حول الصحراء [الغربية]، ولم نختلف حول فلسطين». في السجن، كتبا معاً رسالة إلى الزعيم الراحل ياسر عرفات والمناضلين الفلسطينيين في لبنان ننشرها كاملةً:

الأخ العزيز، إخوتَنا الأعزاء، نحييكم بحرارة.

في الوقت الذي يحتل فيه جنود الهمجية الصهيونية جنوب لبنان معتمدين في ذلك على الدعم الفعال للغرب الإمبريالي ومستفيدين من سكوت وتواطؤ الرجعية العربية،

في الوقت الذي يرتكبون فيه جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعبين العربيين الفلسطيني واللبناني،

نرفع صرختنا نحن كاتبا هذه السطور. آملان أن تصلكم ولو داخل خطوط الحصار، للتنديد بالعملية الإجرامية التي يقوم بها بيغين وعصابته.

من جديد، تطبع حجة تاريخية أخرى عن طبيعة الصهيونية: الفاشية – الصهيونية. هذه الآلة لزرع الدمار والموت – على اللحم المنهوش، وتسجل بالدم المسفوك لعشرات الآلاف من العرب الفلسطينيين واللبنانيين، رجالاً ونساء، أطفالاً وشيوخاً، استشهدوا تحت نيران القنابل.

من جديد، سجّلت حجة تاريخية أخرى في وجه العالم كله عن طبيعة الصهيونية العنصرية التي تسعى إلى إبادة الشعب الفلسطيني نهائياً، على غرار ما مارسته النازية من «حل نهائي للمشكلة اليهودية» عن طريق الإبادة الجماعية.

وهكذا، فإن جماهير اليهود التي هاجرت إلى فلسطين، بإغراء من الصهيونية، تحولت إلى ذراع لنازية جديدة.

من دير ياسين في 1948 إلى ما يحدث اليوم في جنوب لبنان، مروراً بكفر قاسم، وبفلسطين المحتلة عامة، ومن غرنيكا في بلاد الباسك، ومن أورادور سوركلان بفرنسا إبان الاحتلال النازي، إلى سانتياغو بتشيلي في 1973، مروراً بمي لاي في فيتنام، هناك المنطلق نفسه والنهج نفسه والهمجية الإمبريالية الفاشية نفسها.

في الوقت الذي تحاول فيه الإمبريالية والصهيونية إطفاء الشعلة التي أوقدتها الثورة الفلسطينية، نؤكد عبركم دعمنا المطلق للمقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين الأبطال، حاملي آمال مستقبل مشرق للشعوب العربية، والأمل الوحيد لسلام حقيقي وعادل بالنسبة إلى البشرية في هذه المنطقة من العالم.

في الوقت الذي يبدو فيه كأن الهدف السامي للثورة الفلسطينية يبتعد كجوهرة ساطعة في أحشاء الليل الهمجي، في ذات الوقت، يلمع سدادُ وعظمة هذا الهدف بكل جلاء:

ألا تبرهن جرائم الصهيونية الأخيرة على أنّ الصهيونية والأمة العربية لا سبيل للتعايش بينهما؟

إن الصراع التاريخي والحضاري بين الأمة العربية، وعلى رأسها فلسطين، والكيان الصهيوني، كامتداد للإمبريالية، في عدوانها ضد الشعوب العربية عامة، وكآلة للدولة الهادفة إلى تصفية الشعب الفلسطيني خاصة، سيؤدي لا محالة إلى تدمير الكيان الصهيوني. وهكذا، ستفتح مرحلة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط، أحد منابع الحضارة البشرية منذ أقدم العصور. ومهما طال وصعب الطريق، فإن تعايش المسلمين واليهود والمسيحيين داخل فلسطين ديموقراطية مندمجين في شعب فلسطيني موحد سيتحقق على أنقاض الكيان الصهيوني.

إن الثورة الفلسطينية تحمل في طياتها أملاً مزدوجاً، لأنها لن تحرر الأمة العربية فقط من وحش الصهيونية المفترس، بل ستحرر أيضاً يهود فلسطين أنفسهم من هذا الوهم القاتل والانتحاري.

إخوتنا الأعزاء،

إن الثورة الفلسطينية، تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، المحاصَرة في بيروت من طرف الهمجية الصهيونية والفاشية الكتائبية، وبمشاركة الرجعية وعجز البرجوازية العربيتين، تشكل مناراً للضمير الفلسطيني والعربي والبشري، تحاول الإمبريالية، وبالخصوص الأميركية منها والصهيونية، إطفاءه.

إننا متيقنون تمام اليقين من أنّ الثورة الفلسطينية ستخرج من المعركة القاسية التي تخوضونها في هذه اللحظات الحرجة أعظم من ذي قبل، وأن الانتصار النهائي سيكون حليفاً للثورة الفلسطينية والشعوب العربية!

الأخ أبو عمار،

إننا كثوريين عرب نطلب منك، كقائد عام للقوى الفلسطينية المسلحة، أن تعتبرنا جنديَّيْن للثورة الفلسطينية، مكافحَيْن في سبيل تحرير فلسطين.

إن الشعب الفلسطيني قد نهض ولا يمكن أن يموت! وإنها لثورة حتى النصر!

* 19 حزيران (يونيو) 1982

* عن «البلاغ المغربي»، عدد 29 تموز (يوليو) 1982

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس