صغير الحيدري
أفريقيا برس – المغرب. تثير الاحتجاجات الدامية التي يشهدها المغرب وتقودها حركة “جيل زد”، والدعوات إلى احتجاجات مماثلة في الجزائر، تساؤلات حول أسباب اندلاع شرارة هذه الأحداث في بلدين متنازعين بسبب قضية الصحراء.
وفيما أعرب رئيس الوزراء المغربي، عزيز أخنوش، عن انفتاح حكومته على الحوار مع المحتجين، فإن السلطات الجزائرية لزمت الصمت حيال الدعوة إلى احتجاج سلمي اليوم الجمعة.
مطالب مشروعة
وتدخل الاحتجاجات في المغرب يومها السابع وسط أعمال تخريب أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، مما أثار مخاوف من انفلات هذه التظاهرات وانحرافها عن مسارها الطبيعي. ويطالب محتجو حركة “جيل زد”، التي لا يعرف قادتها بعد، بتحسين المنظومة الصحية والتعليمية وأيضاً ظروف السكن في البلاد.
واعتبر الباحث السياسي المغربي، عبدالمالك أهلال، أنه “في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الحراك الاحتجاجي الذي شهدته شوارع عدة مدن مغربية أخيراً، والذي قاده شباب يعرفون بجيل زد، ليس ظاهرة غريبة عن النسيج المجتمعي والسياسي المغربي، فالمغرب، على مدى تاريخه الحديث، يعد الاحتجاج صورة من صور التعبير والمشاركة الديمقراطية وجزءاً حيوياً من الديناميكية بين الدولة والمجتمع”.
وتابع أهلال أن “في الأعوام الماضية شهدنا حركات احتجاجية كبرى ومنظمة، مثل حركة 20 فبراير (شباط) عام 2011 وحراك الريف، التي رسخت فكرة أن الشارع يمثل فضاءً للتعبير عن المطالب ووسيلة للضغط من أجل الإصلاح، لذا فهذه الاحتجاجات لا تشكل أدنى مشكلة بالنسبة إلى السلطات المغربية لأنها تعرف أن هذه التظاهرات تشكل جزءاً من الممارسة الديمقراطية وجزءاً من مسلسل البناء الديمقراطي في البلاد”، واعتبر أن “الأسباب الكامنة وراء هذه الموجة الجديدة من التظاهرات واضحة ومشروعة، فالشباب اليوم يطالبون بتحسين الخدمات العامة الأساسية، وعلى رأسها الصحة والتعليم ومحاربة كل صور الفساد، وينتقدون ما يعتبرونه اختلالاً في أولويات الإنفاق الحكومي، خصوصاً الموازنات الضخمة الموجهة لتنظيم فعاليات رياضية دولية ككأس العالم 2030، في وقت تعاني فيه قطاعات حيوية نقصاً وتدهوراً”.
ربيع عربي جديد
وفي الجزائر، أعادت دعوات الاحتجاج إلى الأذهان الحراك الشعبي الذي اندلع عام 2019 والذي طالب بداية بعدم ترشح الرئيس السابق، عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، لكن مع تطور الأحداث وتسارعها آنذاك، تزايد السخط الشعبي ضد الفساد والركود الاقتصادي والانغلاق السياسي.
ويسود ترقب في الجزائر حول ما إذا سيستجيب الشارع إلى دعوات التظاهر للمطالبة بتحسين الوضع وهي دعوات تأتي في وقت تحظر فيه السلطات الاحتجاجات كافة.
وقال الباحث السياسي الجزائري، صابر البليدي، إنه “في الواقع الأصوات التي دعت الجزائريين إلى الخروج من أجل الاحتجاج على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، انطلقت بداية من دون جيل زد، ومع تفجر الاحتجاجات في المغرب تحت مسمى جيل زد 212، تغذت الدعوات في الآونة الأخيرة بشعار جيل زد 213، وهو ما يوحي بوجود رابط قد يكون مصدره واحداً، وقد يكون موجة أو طبعة جديدة للربيع العربي، لا سيما في ظل تشابه الأوضاع في المنطقة”.
وبين البليدي أنه “في الجزائر تراكمت منذ انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية عام 2019، أسباب عدة تهدد بالانفجار سواء في هذا التاريخ أو غيره من التواريخ، نظير الانتكاسة التي منيت بها أحلام التغيير ومطالب الحراك الشعبي، إذ عملت السلطة على تجاهل مطالب الشارع، وعلى إشاعة حال من الإقفال السياسية والإعلامية، فضلاً عن تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وهي ظروف مشابهة يعيشها البلدان، إذ تتفرغ الحكومات للدعاية ولحملة العلاقات العامة، بينما يغرق المجتمعون في أزمات مركبة ومعقدة”.
وشدد على أنه “منذ استعادة السلطة الجزائرية زمام المبادرة من الحراك الشعبي، وتطبيقها لمقاربة أمنية في التعاطي مع الحريات السياسية والإعلامية، سجلت كثير من المحاولات لحشد الشارع وتعبئته من أجل تجديد الاحتجاجات، لكنها فشلت بسبب غياب هامش الحرية ومناخ الخوف الذي يخيم على المجتمع، وتغول السلطة، لكن ذلك لا ينفي أو ينهي حال الغليان والاحتقان”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس