عناني: الفساد والاستبداد عمّقا الأزمة والشباب فقد الثقة بالحكومة

23
عناني: الفساد والاستبداد عمّقا الأزمة والشباب فقد الثقة بالحكومة
عناني: الفساد والاستبداد عمّقا الأزمة والشباب فقد الثقة بالحكومة

أفريقيا برس – المغرب. أشارت خديجة عناني، عضوة اللجنة الإدارية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في حوارها مع “أفريقيا برس”، إلى أن الشباب المغربي فقد ثقته في الوعود الحكومية في ظل غياب حلول جدية لتحسين الأوضاع المعيشية المتردية. وأضافت أن الحكومة ستحاول الالتفاف على مطالب الشباب بهدف إخماد الحراك وإسكات صوت الشارع.

واعتبرت أن الفساد والاستبداد وراء تدهور الأوضاع في المغرب، خصوصًا مع محاولات خنق الفضاء العام والتضييق على الأصوات الحرة، واعتقال العديد من المناضلين والمناضلات لمجرد التعبير عن آرائهم.

ولفتت إلى أن المقاربة الأمنية ما زالت متواصلة، حيث يمثل العديد من الشباب أمام القضاء لأسباب واهية. وفي ظل ضعف دور الأحزاب والنقابات، رأت عناني أن معالجة الأوضاع في البلاد تستوجب إرادة سياسية حقيقية من أجل القطع مع الفساد والاستبداد، وإقرار ديمقراطية فعلية، ومنح الشعب المغربي حرية التعبير عن آرائه دون قيود أو تضييق.

وخديجة عناني هي عضوة اللجنة الإدارية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وعضوة المكتب التنفيذي للشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان بالمغرب.

مع تجدد الاحتجاجات الشبابية ضد الأولويات الحكومية في المغرب، ما موقفك كحقوقية مغربية من هذا الحراك الاجتماعي؟

الاحتجاج مسألة طبيعية وحتمية نظرًا لتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لغالبية المغاربة، إلى جانب حالة الاحتقان السياسي الناتجة عن استمرار إغلاق الفضاء العام وخنق حرية الرأي والتعبير ومنع التظاهر. هذه الأسباب دفعت الشباب إلى الشارع للتعبير عن رفضهم للواقع، خاصة أنهم يعيشون داخل أسر فقيرة ومتوسطة ويشهدون معاناة ذويهم في مجالي الصحة والتعليم.

هل بوسع الحكومة امتصاص غضب الشارع مع إعلانها خطة لإصلاح الصحة والتعليم، أم أنها فقدت مصداقيتها أمام الرأي العام؟

الحكومة ستحاول الالتفاف على مطالب الشباب عبر مقترحات مثل فتح المجال أمامهم للمشاركة في الشأن العام أو الترشح للبرلمان، غير أن الشباب المغربي يدرك أن ذلك لا يمثل حلًا حقيقيًا لأزماتهم المعيشية. لقد فقدت الحكومة مصداقيتها أمام الشارع، إذ إن جزءًا من أعضائها يواجه تهم فساد ورشوة، في وقت ينتشر فيه الفساد بشكل واسع. ومنذ حراك 2011، لم تتحقق مطالب الشباب، بل زاد الانغلاق السياسي ومحاولات خنق الفضاء العام والتضييق على الأصوات الحرة واعتقال المناضلين لمجرد التعبير عن آرائهم، وهو ما عمّق فقدان الثقة في الوعود الحكومية.

برأيك، هل ستواصل الحكومة اعتماد المقاربة الأمنية لاحتواء الاحتقان رغم سلمية الحراك؟

المقاربة الأمنية لا تزال متواصلة، حيث يُحاكم العديد من الشباب لأسباب واهية فقط لأنهم خرجوا للتظاهر السلمي، رغم أن القانون المغربي يضمن هذا الحق. وقد شملت الاعتقالات حتى أطفالًا تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عامًا بتهمة “إثارة الشغب”، بدل أن يجدوا مكانهم في المدارس، وجدوا أنفسهم في السجون بأحكام ثقيلة. ويبدو أن هذه السياسة مستمرة في ظل محاولات الشباب إفراز قيادات مستقلة للحراك، غير أن السلطات تسعى لاحتواء هذه التحركات وإسكاتها، في محاولة لتمييع العمل الحقوقي والسياسي في البلاد.

ماهي مقترحاتكم للخروج من الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغرب؟

للخروج من الأزمة الاجتماعية في المغرب، لا بد من وضع حد للفساد والاستبداد، ومحاسبة كل من استفاد من الفساد وساهم في انتشاره، وكل مسؤول أساء تدبير الشأن العام أو تسبب في إهدار المال العام. يعاني غالبية المغاربة من الفقر والتهميش في بلد غني بموارده الطبيعية والبشرية التي أُهدرت بدل استثمارها في تنمية الوطن.

الأولوية، برأيي، هي التركيز على النهوض بقطاع الصحة بدل الانشغال بتنظيم كأس العالم كما طالب المحتجون. لديهم كل الحق، في ظل تواصل حوادث وفاة النساء أثناء الولادة، كما حدث في أغادير حيث توفيت ثماني نساء قبل اندلاع الحراك بسبب غياب مستشفى بالمدينة. كيف يمكن التفكير في تنظيم كأس العالم بينما المواطن محروم من أبسط حقوقه الصحية ويواجه ارتفاعًا مستمرًا في الأسعار؟

وُصفت الاحتجاجات الأخيرة بأنها شبابية ويقودها جيل عُرف بـ “جيل زد 212”، هل تعتقدين أن هذا الجيل قادر على الدفاع عن الطبقات الفقيرة والمهمشة؟

قبل حراك 20 فبراير 2011، كان يُقال إن الشباب لا يهتم بالسياسة، لكنه فاجأ الجميع بمشاركته الواسعة ووعيه السياسي العالي. واليوم يظهر جيل جديد برؤية مختلفة، يرفع مطالب اجتماعية لكن بمقاربة واضحة لمحاربة الفساد. أظهر هذا الجيل وعيًا عميقًا بأسباب الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويدعو إلى إصلاح التعليم، وتحسين الصحة، ومواجهة البطالة.

برأيك، من يقف وراء هذه الاحتجاجات؟ وهل هناك جهات خارجية كما يروَّج على مواقع التواصل؟

القول بوجود أيادٍ خارجية هو نظرية مؤامرة متكررة تُستخدم كلما عبّر الشارع المغربي عن سخطه. نحن كنشطاء نتعرض دائمًا لاتهامات بالعمالة لمجرد رفضنا الانخراط في منظومة الفساد. بالعكس، نطالب بفك الارتباط مع الكيان الصهيوني، والانفتاح على المحيط المغاربي والعربي والإفريقي، والحفاظ على ثرواتنا وقرارنا السياسي المستقل.

كيف تقيّمين موقف الأحزاب من الاحتجاجات، وهل يمكن أن تلعب دورًا في تأطيرها؟

للأسف، تم إضعاف الأحزاب والنقابات من قبل الدولة حتى تحولت إلى أدوات شكلية لتشويه العمل السياسي والنقابي. لدينا أكثر من 140 نقابة و40 حزبًا، لكنها بلا تأثير حقيقي أو برامج واضحة. الأحزاب اليسارية التقدمية ضعيفة في الميدان وغير قادرة على تأطير الشباب المحتج.

يرفض الشباب الانخراط في الأحزاب المتورطة في الفساد، ويرون أن الحل يكمن في إرادة سياسية حقيقية لإقرار ديمقراطية فعلية تمنح الشعب حقه في التعبير والمشاركة دون تضييق.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس