أفريقيا برس – المغرب. حين كان لا يزال في المرحلة الثانوية، قرر إلياف أمويال تأسيس جمعية خيرية تركز على التعليم في المملكة المتحدة، حيث يقيم. وكان لديه هدف واضح: “كل شاب يستحق الحصول على المهارات التي تفتح له الأبواب”. منذ البداية، كان إلياف على يقين بأنه يريد دعم الطلاب في المغرب، بلد أجداده، إذ ينحدر والداه من الجالية اليهودية المغربية.
وبما أن والدَيه وُلِدا في فرنسا، ونشأ هو نفسه في المملكة المتحدة، يرى الشاب البالغ من العمر 18 عامًا في المغرب “تراثه وجذوره”. وفي مقابلة مع يابلادي، قال: “مساعدة الأطفال المغاربة تشبه مساعدة عائلتي الخاصة”.
أثناء تحضيره لامتحانات البكالوريا، لم يدخر إلياف أي جهد لتسجيل منظّمته التعليمية المغربية غير الحكومية، Ta’leem Trust، التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها. وبينما كان يستعد لاختبارات نهاية السنة، كان يواصل إجراءات التسجيل الرسمية للجمعية، موضحًا: “كان من الضروري جدًا أن تكون الجمعية مسجلة رسميًا قبل أن أطلب التمويل من المتبرعين”.
استغرقت هذه العملية “وقتًا طويلاً جدًا”، وكانت إدارة هذه المسؤوليات “صعبة للغاية”. ومع ذلك، واجه إلياف التحدي بكل عزيمة. وقال: “لقد قمت بكل الأعمال الورقية بنفسي”. وعلى الرغم من عرض بعض المتبرعين دفع أتعاب محامٍ لتسريع الإجراءات، رفض إلياف ذلك، معتبرًا أن “إنفاق آلاف الجنيهات على الرسوم القانونية يعني تقليل آلاف أخرى من أجل مهمتي في المغرب”.
دروس للطلاب المحرومين في الدار البيضاء
كان لدى إلياف خطة واضحة لجمعية Ta’leem Trust. بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية، أخذ سنة استراحة، مؤجلًا تسجيله في الجامعة حتى شتنبر 2026، للتوجه إلى المغرب وبدء مشروعه التعليمي. وقد ركز المشروع على مساعدة الطلاب المغاربة، لا سيما الذين يدرسون في المدارس العمومية أو القادمين من المناطق القروية، والذين يواجهون “عقبات حقيقية في مواد تشكل مستقبلهم، مثل الرياضيات واللغات والثقافة المالية”.
تضمن مشروعه تقديم دروس مجانية في الرياضيات والإنجليزية والفرنسية والثقافة المالية للطلاب في الدار البيضاء، وقد اختار إلياف تعليم هذه المواد بنفسه بالتعاون مع جمعية باب ريان في حي النخيل بالمدينة. في مقر الجمعية، عمل مع الأيتام تحت رعايته، وكذلك مع أطفال من خلفيات اجتماعية واقتصادية صعبة جدًا.
وبفضل 11,300 دولار جمعها من خلال الجمعية، تمكن إلياف من دعم المشروع الرقمي لجمعية باب ريان عبر شراء أكثر من 30 جهاز آيباد وحاسوب. واستمر برنامجه التعليمي لمدة أربعة أشهر، حيث كان يدرس ست ساعات يوميًا، خمسة أيام في الأسبوع. وأوضح قائلاً: “كنت أدرس الرياضيات والإنجليزية والفرنسية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و13 عامًا، والثقافة المالية للطلاب بين 15 و18 عامًا”.
تم تصميم جميع الدروس بالكامل من قبل إلياف، مستندة إلى المنهج الدراسي العام المغربي، لكنها كانت أيضًا مكيَّفة لتلبية الاحتياجات الفعلية للطلاب. وأوضح إلياف بأسف: “كثيرون كانوا يفتقرون إلى المهارات الأساسية بسبب اضطراب التعليم”. وأضاف: “كان الأمر يتعلق بإعادة بناء هذه الأسس وضمان ألا يُترك أحد خلف الركب”.
وعند سؤاله عن تأثير دروسه، قال إلياف إن الأمر “ليس مسألة درجات فقط، بل مسألة ثقة”. وتابع: “في البداية، كان الطلاب يخشون الإجابة على الأسئلة، ومع مرور الوقت اكتسبوا الثقة وبدأوا في طرح الأسئلة بحرية، وهكذا حدث التعلم. هكذا قست النجاح”، وأضاف بفخر.
على الرغم من أن الرياضيات والإنجليزية والفرنسية كانت مواد مألوفة، إلا أن الثقافة المالية كانت جديدة تمامًا للعديد من الطلاب. وشرح قائلاً: “كانت دروس الثقافة المالية تركز بشكل رئيسي على الاستثمار، باستخدام محاكٍ للسوق الحقيقي”، وهي أداة أنشأها إلياف بنفسه. وأضاف: “عندما كان عمري 15 عامًا، كنت قد أنشأت بالفعل موقعًا إلكترونيًا حول الثقافة المالية، وهو دليل للمراهقين، وقدمته في المدارس العامة والخاصة، لأنني كنت دائمًا مهتمًا بالمالية وعرفت أنها لم تكن تُدرس للأطفال”.
وفي الدار البيضاء، حصل كل طالب على 100,000 دولار افتراضية لبناء محفظته الاستثمارية اعتمادًا على بيانات حقيقية من السوق قدمها المحاكي. وشارك إلياف تجربة مذهلة قائلاً: “حول أحد الطلاب 100,000 دولار إلى 400,000 دولار خلال أسبوعين. بالنسبة لشخص لم يسمع عن الاستثمار من قبل، كانت تجربة تغيّر الحياة”. بشكل عام، وصف إلياف دروسه بأنها تفاعلية للغاية وتعتمد على الاحترام المتبادل، حيث يتعلم الطلاب من خلال الممارسة، وليس فقط من خلال النظرية.
تحويل مهمة قصيرة إلى مشروع طويل الأمد
بعد عودته إلى المملكة المتحدة، يأمل إلياف في استمرار البرنامج حتى في غيابه الجسدي عن المغرب. وقال: “يمكن للثقافة المالية أن تستمر عن بُعد، لكن بالنسبة للمواد الأخرى، نحن نعمل على جلب متطوعين إلى الميدان”. وأضاف: “أريد أن يكون هذا البرنامج مستمرًا. لهذا السبب أناقش حاليًا مع المتطوعين بناء شراكات طويلة الأمد”.
مهمته تظل ثابتة وواضحة. وأكد قائلاً: “مستقبل المغرب مرتبط بالتعليم والثقة والفرص”. وأضاف: “حلمي أن لا يُحرم أي طفل يومًا من المدرسة أو من تعليم مناسب لمجرد نقص الموارد”، مشددًا على أن “دعم التعليم ليس صدقة، بل هو استثمار في مستقبل البلاد”.
وأشار إلياف أيضًا إلى أن معظم الأموال التي جُمعت لدعم البرنامج جاءت من الجالية المغربية حول العالم، “سواء في إنجلترا أو فرنسا أو الولايات المتحدة، بما في ذلك العديد من الجاليات اليهودية المغربية والمعابد اليهودية حول العالم”. وأوضح قائلاً: “إنها تقريبًا مثل التحويلات، لكنها ليست مجرد أموال، بل تعكس الحب والفخر المرسلين إلى المغرب من أجل صالح البلاد”.





